فاجعة الأطفال الرضع تتحول إلى قضية سياسية في تونس وعدد الوفيات مرجح للارتفاع

تعهدت وزيرة الصحة بالنيابة في تونس، أمس الإثنين، بوضع حد لعمليات تسليم غير لائقة لوفيات رضع في علب كرتونية، كانت أثارت غضبا وانتقادات واسعة في تونس، عقب كارثة وفاة 12 رضيعا في مستشفى عمومي.

ولقي 11 رضيعا حتفهم دفعة واحدة يومي السابع والثامن من الشهر الجاري في قسم التوليد وطب الرضيع في مستشفى الرابطة في العاصمة، ثم توفي رضيع آخر أمس الأحد في القسم نفسه.

صدمة وغضب بسبب تسليم جثث الاطفال الرضع في علب كرتونية… والحكومة تندد بـ«حملة المتاجرة الفاجرة»

وبجانب الفاجعة ومشاعر الحزن صدمت عائلات الضحايا لدى استلامها جثث الرضع في «علب كرتونية»، سرعان ما انتشرت صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.
وقال أحد أهالي الضحايا في فيديو وهو يحمل ابنه الرضيع في كرتونة من أمام مستشفى الرابطة «لم نفهم سبب الوفاة إن كانت طبيعية أو غير طبيعية وماذا حدث؟ هذا كل ما قدمته الدولة لنا: علبة كرتونية ولحاف».
وقال مواطن آخر استلم جثة رضيعة وهي ابنة شقيقته: «حملتها في الكرتونة وكانت العلبة مبللة في الأسفل، أسندت يدي حتى لا تسقط. هذه مأساة على مأساة».
وأثارت حادثة الوفيات حالة من الصدمة والغضب لدى عموم التونسيين، وهي أحدث كارثة ضمن سلسلة من الأخطاء وعمليات فساد تضرب قطاع الصحة العمومية منذ سنوات.
ولكن حالة الغضب العام تصاعدت بشكل أكبر مع صور العلب الكرتونية التي رأى قطاع كبير من التونسيين أنها مهينة، وتعكس وضعا متدهورا ومخيفا في الصحة العمومية.

وتحولت فاجعة الأطفال الرضع إلى قضية سياسية، حيث استغلتها المعارضة للمطالبة باستقالة عاجلة للحكومة، فيما اتهمتها الأخيرة بـ«المتاجرة» الفاجرة لكسب نقاط سياسية، فيما كشفت مصادر طبية عن احتمال زيادة عدد الأطفال الضحايا، في حين أكد السفير الفرنسي أن بلاده مستعدة لمساعدة تونس في إصلاح قطاع الصحة.
وبعد ساعات من إعلان وزارة الصحة التونسية وفاة الرضّع أعلنت الحكومة التونسية أن وزير الصحة، عبد الرؤوف الشريف، قدم استقالته (على خلفية الحادثة) لرئيس الحكومة، يوسف الشاهد، الذي قبل الاستقالة وتعهد بمحاسبة كل من تثبت التحقيقات مسؤوليته عن الحادثة.
ورجح نوفل السمراني، مدير عام التفقدية الطبية في وزارة الصحة، إمكانية تعرض 6 أو 7 رضع يقيمون حاليا في الإنعاش في مستشفى الرابطة، للتعفن نفسه الذي تعرض له الـ 11 رضيعا المتوفون يومي 7 و8 مارس/آذار الجاري، مشيرا إلى أنه تم وضعهم تحت المراقبة. وأضاف السمراني أنه تم تسجيل وفاة رضيع آخر، الأحد، في مركز التوليد وطب الرضيع (قسم الإنعاش) في مستشفى الرابطة يشتبه في أنه توفي للسبب نفسه، وهذا يعني أن عدد الضحايا قد يرتفع إلى حوالى عشرين رضيعا.
واستغلت أحزاب المعارضة هذه الحادثة لتجديد دعوتها لاستقالة الحكومة بأكملها، وخاصة رئيسها يوسف الشاهد، الذي حملته مسؤولية تردي القطاع الصحي خلال فترة رئاسته للحكومة.
وأكد محمد الوعاجي، رئيس الجمعية التونسية لطب الأطفال وعضو لجنة التحقيق في فاجعة الرضع، أن الأدوية التي يتم تقديمها للأطفال «يتم تحضيرها في ظروف تستجيب للمعايير ويتم حفظها في ثلاجة بعد إعدادها في غرفة معقمة (…) ولا يوجد أي دواء منتهي الصلاحية»، مشيرا إلى أن نتائج التحاليل ستصدر خلال أيام، فيما نفت وزيرة الصحة بالنيابة، سنية بالشيخ، ما يتم تداوله حول تسبب الأدوية الفاسدة بوفاة الرضع، مشيرة إلى وجود «توظيف سياسي ومتاجرة بفاجعة وفاة 11 رضيعا قبل صدور نتائج التحاليل والتحقيقات التي تستوجب من 5 إلى 10 أيام».
وعلق عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد، على ما قالته بالشيخ بقوله «للأسف، ندوة صحافية غير موفقة وغير مقنعة للسيدة وزيرة الشباب والرياضة وكاتبة الدولة للصحة سابقا ووزيرة الصحة بالنيابة… الافتتاح بلغة التوظيف السياسي الخشبية والفجة لتلميع صورة الحكومة وصورة رئيس الحكومة لا تليق والبلاد مفجوعة على وقع جريمة فقدان أحد عشر رضيعا من الوِلْدَان في مستشفى الرابطة أحد أفضل مستشفيات البلاد. والتسرع بعقد ندوة صحافية والوزيرة بالنيابة لم تمض إلا ساعات معدودات في وزارتها الإضافية بالإنابة والتحقيق الإداري في ساعاته الأولى… واختيار «دار الضيافة»، وهي المقر الملحق برئاسة الحكومة، لتنظيم الندوة الصحافية لا مبرر له غير إعطاء بعد سياسي للموضوع».
وأضاف على صفحته في موقع فيسبوك «كان من الأفضل لطمأنة الرأي العام أن تتم الندوة الصحافية في مكان الحادث في مستشفى الرابطة أو في مقر وزارة الصحة وعندما يكتمل التحقيق الإداري على الأقل للإعلان عن النتائج والدروس المستخلصة والإجراءات المُتَّخَذَة وليس قبل أن تُتَّخَذ… وتحويل الأنظار من الجريمة الأصلية إلى «الكراذن» أسلوب فاشل تعتمده «كَوتشة التكويش» (التدريب) الرخيصة و«كُوم التكويم» (التواصل) الأرخص لتحويل الأنظار عن الأهم والمهم، هو فاجعة فقدان أحد عشر ملاكا، إلى التفصيل الجانبي، المتعلق بكراذن تسليم الجثامين.. هذا بالإضافة إلى التشنج والصراخ غير المبرر وغير المطمئن في تصريحات السيدة وزيرة الشباب والرياضة بالأصالة والصحة بالنيابة… ولغة «أمهلني شهرا» توحي بأن الوزارة بالنيابة وظيفتها الرئيسية إيجاد بديل للكراذن وأنها ستدوم بالنيابة شهرا على الأقل… وهي كارثة تسييرية بأتم معنى الكلمة… فلا يمكن أن تبقى وزارة بحجم وتحديات وزارة الصحة وانتظارات المواطنين بدون وزير مباشر كامل الوقت والصلاحيات… أولى أوليات رئيس الحكومة ينبغي أن تكون تعيين وزير للصحة في أقرب الآجال لتسيير ما تبقَّى من مِرفَق الصحة ما تبقى من عُمُر الحكومة».
وأعلنت الهيئة الوطنية للمحامين عن تكوين لجنة دفاع متطوعة يرأسها عميد المحامين عامر المحرزي لدراسة ملفّ وفاة 12 رضيعا في مركز التوليد وطبّ الرضيع في الرابطة. وأكّدت أنّ اللجنة ستقوم بكافة الإجراءات القانونية لكشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات ولصيانة حقوق المتضررين، فيما أكد السفير الفرنسي في تونس، اوليفيه بوافر دارفور، على صفحته في موقع فيسبوك، استعداد بلاده لوضع إمكانياتها في خدمة السلطات التونسية فيما يتعلق بدعم قطاع الصحة، وخاصة طب التوليد والأطفال على المستوى المادي ومستوى التجهيزات.

شاهد أيضاً

ابشرو‏ا !!لنْ تسقُطَ غزَّة!

لأحباب غزَّة الذين يخشون سقوطها: اطمئنُّوا غزَّة أقوى مما تتخيَّلون! لكارهي غزّة الذين ينتظرون سقوطها: اِخْسَؤوا، ستموتون قبل أن تروا هذا المشهد، صمود غزَّة أطول من أعماركم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *