خطر غير متوقع.. البلاستيك يصل إلى أحشاء الكائنات البحرية في الأعماق السحيقة

نظرا للتكلفة العالية والوقت الطويل الذي يستغرقه استكشاف البحار العميقة فإن معظم الدراسات عن الملوثات البلاستيكية كانت حتى وقت قريب لا تتجاوز دراسة التلوث في المياه السطحية، مما يظهر مستوى عاليا من التلوث بالبلاستيك في الأسماك والسلاحف والحيتان والطيور البحرية.

لكن دراسة جديدة نشرت الأسبوع الماضي في مجلة “رويال سوسيتي أوبن ساينس” كشفت عن العثور على شظايا بلاستيكية في أمعاء الحيوانات التي تعيش في أعمق خنادق المحيط، وهو ما يشير إلى خطر لم يكن متوقعا من قبل.

ينتج العالم سنويا أكثر من 300 مليون طن من البلاستيك، وهناك ما لا يقل عن خمسة تريليونات قطعة بلاستيكية تطفو في محيطاتنا، ويتم التخلص من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة مباشرة في البحار عبر المجاري المائية والأنهار، أو تتشكل عندما تتكسر قطع البلاستيك الكبيرة بمرور الوقت.

تشريح العينات
وترصد الدراسة التي أعدها فريق من الباحثين البريطانيين حالات ابتلاع أنواع بحرية مثل الجمبري الصغير الشظايا البلاستيكية في ستة من أعمق خنادق المحيط في العالم، مثل خندق ماريانا في شرق الفلبين الذي يعد أعمق خندق على الأرض، حيث كانت 100% من الحيوانات التي خضعت للدراسة تحتوي على ألياف بلاستيكية في أحشائها.

وأجرى الباحثون في الدراسة عملية تشريح لـ65 عينة من الحيوانات البحرية احتوت أحشاء أكثر من 72% منها على قطعة بلاستيكية دقيقة واحدة على الأقل.

وقال آلان جاميسون الأستاذ في كلية العلوم الطبيعية والبيئية بجامعة نيوكاسل والباحث الرئيسي في الدراسة في تصريح للجزيرة نت إن الفريق البحثي كان يتوقع العثور على آثار التلوث البلاستيكي، لكن لم يكن يتوقع أن تكون نسبة التلوث 100%، وهو ما سبب دهشة الباحثين في أن يعثروا على هذه النسبة بأقصى أعماق المحيط.

ويضيف جاميسون “أدركنا أنه خلال مسار البعثات الكشفية التي يعود تاريخها إلى عقد من الزمان تراكمت عشرات العينات من نوع من الجمبري الصغير الذي يعيش بين 6 آلاف و11 ألف متر تحت سطح البحر”.

كما عثر الباحثون على آثار للملوثات البلاستيكية في خندق “بيرو-تشيلي” في جنوب شرق المحيط الهادي على بعد نحو 15 ألف كيلومتر من خندق اليابان.

هناك ما لا يقل عن خمسة تريليونات قطعة بلاستيكية تطفو في محيطاتنا (غيتي)
خطر استثنائي
ووفق الباحث الرئيسي، فإن “النقطة المهمة في الدراسة هي أنه يتم العثور على ملوثات البلاستيك بوفرة في أحشاء الحيوانات البحرية بجميع أنحاء المحيط الهادي على أعماق استثنائية”.

ويفترض جاميسون أن بلوغ الملوثات إلى هذه الأعماق السحيقة يعني وجودها في كل المحيطات والبحار المفتوحة.

وخلصت الدراسة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت الجسيمات قد تناولتها الأسماك في أعماق أعلى بالقرب من سطح البحر ثم ماتت وغرقت، أم وصلت هذه الجسيمات إلى قيعان المحيطات فابتلعتها الأسماك والحيوانات البحرية الأخرى.

واستنتج الباحثون من مقارنة الملوثات الأخرى في أحشاء الأسماك -مثل ألياف الأقمشة- بالقطع البلاستيكية أن الأخيرة أقدم من الألياف بسنوات عدة كما يبدو من تفاعلها مع الماء وأحشاء الكائن الحي.

وتحذر الدراسة من أن سعة انتشار الملوثات البلاستيكية وبلوغها حتى إلى الأعماق القصوى للمحيطات يهددان حياة الإنسان الذي يتغذى على الأسماك التي تبتلع هذه الملوثات، إضافة إلى الإضرار بالثروة السمكية، إذ تنفق ملايين الأسماك سنويا بسبب الملوثات البلاستيكية.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *