من درر سيد قطب رحمه الله
{ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا}.
فإنما هو الخاسر , الذي يؤذي نفسه فيتنكب الطريق . . وانقلابه لن يضر الله شيئا . فالله غني عن الناس وعن إيمانهم . ولكنه – رحمة منه بالعباد – شرع لهم هذا المنهج لسعادتهم هم , ولخيرهم هم . وما يتنكبه متنكب حتى يلاقي جزاءه من الشقوة والحيرة في ذات نفسه وفيمن حوله.
{ وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير . فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا } .
وكم من نبي قاتلت معه جماعات كثيرة . فما ضعفت نفوسهم لما أصابهم من البلاء والكرب والشدة والجراح .
وما ضعفت قواهم عن الاستمرار في الكفاح , وما استسلموا للجزع ولا للأعداء . .
فهذا هو شأن المؤمنين , المدافعين عن العقيدة و الدين . .
فمثلا كانت الهزيمة في “أحد” , هي أول هزيمة تصدم المسلمين , الذين نصرهم الله ببدر وهم ضعاف قليل ; فكأنما وقر في نفوسهم أن النصر في كل موقعة هو السنة الكونية . فلما أن صدمتهم أحد , فوجئوا بالابتلاء كأنهم لا ينتظرونه.
ولعله لهذا طال الحديث حول هذه الواقعة في القرآن الكريم . واستطرد السياق يأخذ المسلمين بالتأسية تارة , وبالاستنكار تارة , وبالتقرير تارة , وبالمثل تارة , تربية لنفوسهم , وتصحيحا لتصورهم , وإعدادا لهم .
فالطريق أمامهم طويل , والتجارب أمامهم شاقة , والتكاليف عليهم باهظة , والأمر الذي يندبون له عظيم .