هكذا علقت صحف بريطانيا على “الهزيمة الساحقة” لماي وفشلها في تمرير اتفاق البريكست

تناولت الصحف البريطانية في عناوينها هزيمة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في مجلس العموم وتصويت 432 نائبا ضد خطة البريكسيت التي طلبت من النواب التصويت عليها.

وحفلت الصفحات الأولى لصحف اليوم الأربعاء، بعناوين تتفق كلها على الهزيمة التاريخية والإهانة غير المسبوقة التي تعرضت لها ماي ليلة الثلاثاء في مجلس العموم. وتساءلت التغطيات عن مصير رئيسة الوزراء والخطة للخروج، إذ أن رئيسة الوزراء لا تملك على ما يبدو خطة واضحة.

وعموما عبرت المانشيتات والعناوين عن موقف كل صحيفة، وإن كانت مؤيدة أم معارضة للخروج من الاتحاد الأوروبي. أما الصحف الداعمة للخروج فقد حاولت التأكيد على أن رئيسة الوزراء قاتلت بشجاعة لا مثيل لها.

وخصصت صحيفة “ذا صن” صفحة كاملة بعنوان “بريكستنكت” حيث ظهرت صورة ماي وعلى أنفها منقار طائر الدودو المنقرض. وظهرت على الصفحة النتيجة النهائية 232 ضد مقابل 202 لصالح الصفقة. وقالت في عنوانها الرئيسي إن ماي هزمت هزيمة ساحقة بـ230 صوتا. وكوربن طالب بتصويت على سحب الثقة منها.

أما “الغارديان” فقد أبرزت صورة نادرة لمعسكر الرافضين للصفقة المزدحم بالنواب وهم يسيرون للتصويت ضد الصفقة، والعنوان الرئيسي هو: “ماي عانت هزيمة تاريخية حيث خذلها المحافظون”. ورسمت الصحيفة الطريقة التي بدأت فيها الأحداث: “في يوم من الأحداث الدرامية التي لا تصدق في ويستمنستر أصدر مجلس العموم حكما تاريخيا ضد صفقة ماي 432- 202 وهو حكم غير مسبوق في تاريخ البرلمان وأبرز الداعمين للبريكسيت مثل جاكوب ريزموغ وبوريس جونسون يسيرون في اللوبي المنقسم جنبا إلى جنبا مع معسكر البقاء”.

وركزت صحيفة “ديلي ميرور” على دعوة جيرمي كوربن إلى سحب الثقة من ماي. وتحت عنوان: “لا صفقة ولا فكرة ولا ثقة” وتحته عنوان: “أكثر الهزائم التاريخية المهينة لماي”.
ووصفت “ديلي تلغراف” الهزيمة بالإهانة الكاملة، وقالت إن الصفقة أصبحت هباء، ومضت قائلة: “تحتاج لمهارة خاصة كي تجمع الناس وتوحدهم ضدك”.

وفي صحيفة “التايمز” جاء عنوانها: “ماي تعاني من هزيمة تاريخية” وقالت: “تيريزا ماي تعرضت الليلة الماضية للضغوط بعدما عانت من أكبر هزيمة في التاريخ السياسي”.

أما “ديلي إكسبرس” فعنونت: “ذعر” ولكنها لم تعبر عن الغضب خاصة أنها من الداعمين للخروج، وقالت في العنوان إن ماي “قاتلت بشجاعة من أجل الصفقة” وقدمت الصحيفة توجيها مطولا للنواب على صفحتها الأولى “الأمة تبكي من أجل الوحدة وكل ما يدعو إليه جيرمي كوربن هو إسقاط رئيسة الوزراء. وحان الوقت لكي يقوم النواب بواجبهم والعمل مع ماي والتوصل إلى صفقة ترضي رغبات 17.4 مليون ناخب صوتوا لصالح الخروج، لا تفشلوا”.

أما صحيفة “ديلي ميل” التي دعمت رئيسة الوزراء وخطتها، فلم تجد عنوانا إلا عنوان: “تقاتل من أجل حياتها” وضمنت عنوانها “قنبلة البريكسيت”. وقالت إن رئيسة الوزراء دعت النواب المتمردين لدعمها في النقاش حول نزع الثقة منها وهزيمة أخرى قد تؤدي إلى انتخابات جديدة تقود جيرمي كوربن إلى داونينغ ستريت”.

واختارت صحيفة “فايننشال تايمز” عنوان “سحق خطة ماي في مجلس العموم” وحاول تقريرها تقديم حجم الخسارة “خطة ماي للبريكسيت، نتاج عامان صعبان من المفاوضات في بروكسل تم رفضه ليلة أمس بغالبية ساحقة في مجلس العموم”.

وقالت صحيفة “آي” واصفة الخسارة بالقول: “إهانة تاريخية” مشيرة إلى نواب المقاعد الخلفية “ستة ضد واحد في خطة البريكسيت”. أما صحيفة “سكوتسمان” فكان عنوانها بسيطا: “سحقت”.

ورأت صحيفة “التايمز” في افتتاحيتها: “التصويت على خطة ماي للبريكسيت: هزيمة ساحقة” وقالت إن تصويت غالبية النواب ضد الخطة يضع مصير رئيسة الوزراء على المحك. ويمكن أن تنجو من الهزيمة وعليها الآن تقديم مسار جديد يحظى بدعم المعارضة.

وقالت إن بريطانيا تجد نفسها اليوم في مياه عالية، فبعد عامين ونصف على الاستفتاء العام للخروج من أوروبا، وسبعين يوما باقية لاستكمال عملية الخروج، أضاف مجلس النواب تحولا جديدا عندما صوت 432 نائبا ضد 202 على خطة الخروج التي كانت ستؤدي وبشكل منظم لنهاية علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي.

وتقول إنه في الظروف العادية يقوم رئيس أو رئيسة الوزراء بالاستقالة والدعوة لانتخابات جديدة “إلا أننا لا نعيش في ظروف عادية”. وفي الوقت الذي لا يريد حلفاء ماي في الحكومة الحزب الوحدودي الديمقراطي- شمال أيرلندا ولا نواب الحزب المحافظ الحاكم المخاطرة بانتخابات جديدة تؤدي لوصول الزعيم العمالي اليساري، جيرمي كوربن للحكومة، فمن المتوقع أن تواصل ماي عملها في رئاسة الوزراء.

وتقول الصحيفة إن وضع ماي مستقر في الحكم لأن قواعد الحزب تقضي بعدم تحدي زعامتها حتى مرور 11 شهرا، إلا أنها تقود برلمانا ممزقا وحكومة منقسمة، وتتساءل عن المدى الذي ستذهب إليه وما هي خطط رئيسة الوزراء.

وتضيف الصحيفة أن البلد يواجه أزمة ولا يعرف إن كانت ماي هي جزء منها أم من الحل، مشيرة إلى أن الطريقة التي قادت فيها المفاوضات مع بروكسل تمايزت بالفقر وخنق الرأي الآخر والقبلية. وترى أن ماي قامت بتفعيل البند 50 قبل أن تعرف ما تريد تحقيقه من المفاوضات ولا إجراءات الخروج. وضيعت شهرين من 24 شهرا على انتخابات أملت أن تعطيها الغالبية، فسلمتها لراحة الحزب الديمقراطي الوحدوي في تحالف هش.

ولم تعرف ماذا تريد إلا في أيلول/ سبتمبر 2018، إلا أن خطة “التشيكرز” (التي اتفقت عليها مع أركان الحكومة في مقرها الريفي) ولدت ميتة. وأسهمت أساليبها في التفاوض بالمشكلة فقد أصدر الاتحاد الأوروبي أوراقا ودعا للشفافية بطريقة استطاع بناء إجماع بين 27 من أعضائه. بالمقابل مارست ماي السرية وأخفت تفاصيل مهمة عن حكومتها ولم تقم إلا بجهود قليلة لبناء إجماع ورفضت التعامل مع الأحزاب السياسية الأخرى ورجال الأعمال.

وفي بعض الأحيان بدت رئيسة الوزراء عاملا انقسام لا إجماع. فهجومها على “المواطنين الذين جاءوا من اللامكان” نظر إليه كهجوم على نسبة 48% من الذين صوتوا لصالح البقاء مما أفقدها الثقة. إلا أن الفشل الأكبر لرئيسة الوزراء كان عدم صدقها مع المواطنين. فقد فشلت وبشكل مستمر بالإعتراف أن مقايضة البريكسيت حملت معها توقعات عالية. كما ظلت تؤكد أن التفاوض حول العلاقة مع أوروبا ستتم قبل الخروج في شهر آذار/ مارس مع انها كانت ستبدأ بعد الخروج.

وفي خطابها أمام الحزب وضعت عددا من الخطوط الحمر دون أن تستشير أحدا. وظلت تؤكد أن الصفقة التي تقترحها للخروج مناسبة لبريطانيا مع أن الجميع كان يعرف أنها غير منظمة.

وترى الصحيفة أن ماي قامت بأعمال تستحق الثناء في حملتها لتمرير الصفقة لكنها ركزت في جهودها على إقناع حزبها وتوحيد صفوفه، إلا أن الاستراتيجية فشلت وعليها الآن تغيير نهجها. ووافقت ليلة الهزيمة على دعوة كل الفرقاء السياسيين للبحث في طرق تعديل الخطة. وهو أمر كان عليها عمله قبل أعوام.

وتخلص الصحيفة للقول: “لو أرادت أن يكون ميراثها السياسي غير النظر إليها كرئيسة وزراء عاجزة قادت البلد إلى الفوضى وعبدت الطريق أمام حكومة كوربن، فعليها أن تكون جاهزة للتنازل حتى تمرر صفقتها. وهذا يعني القيام بكل الجهود لتجنب الخروج دون صفقة والقبول بالمعايير التي سبق ورفضتها، مثل الطلب من الناخبين دعم خطتها”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *