فيسبوك يناضل من أجل نيل المصداقية بعد أن تلطخ سجله بالسواد والفضائح في 2018

فقد موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ومؤسسه مارك زوكربيرغ في عام 2018، ما يتمتعان به من بهاء وتألق.

وغالبا ما كان الأمر يبدو في الماضي أن المشكلات التي يعاني منها هذا الموقع الخاص بالتواصل الاجتماعي، مثل فشله في حماية بيانات المستخدمين أو وقايتهم من خطاب الكراهية وحملات التشويه، ستمر وتنقشع دون أن تخلف وراءها خسارة دائمة.

وكان ثمة بالطبع مشاعر غضب كثيرة في مرات سابقة، ومع ذلك واصل فيسبوك كسب أعضاء جدد ونمت أنشطته الإعلانية بمعدلات سريعة.

وبدا أن اعتذار فيسبوك عام 2017 عن الحملة الروسية التي استهدفت انتخابات الرئاسة الأمريكية، وأسفرت عن فوز دونالد ترامب وحملته إلى البيت الأبيض، كما لو كان حدثا يقع مرة واحدة فقط.

ولكن ذلك لم يحدث، وبدلا من ذلك فإن عام 2018 شهد قيام زوكربيرغ بالاعتذار مرات عديدة.

وفي بداية ذلك العام حاول فيسبوك أن يقاتل دفاعا عن نفسه، وفي كانون ثاني/يناير منه، قام زوكربيرغ بالإعلان المفاجئ، بأن المستخدمين يمكنهم اعتبارا من ذلك التاريخ أن يشاهدوا مزيدا من تدوينات أصدقائهم على صفحاتهم بموقع فيسبوك، مع تراجع عدد تدوينات التي تأتي من التحديثات على صفحات فيسبوك التي يتابعونها بشكل عام.

وكانت هذه الخطوة محاولة لاستعادة ثقة المستخدمين، الذين لن يروا فقط عددا أقل من مقاطع الفيديو عن القطط في المستقبل، ولكنهم أيضا سيرون مشاهد أقل من وسائل الإعلام الأخرى.

كما أن هذه الخطوة كان الهدف منها أن تكون وسيلة لتجنب تكرار الفوضى التي حدثت أثناء الحملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، كما أن تقديم قدر أقل من المحتوى السياسي يعني نظريا أن المستخدمين ومروجي الدعاية المزيفين سيكون احتمال تأثيرهم على الناخبين أقل.

وبعد مرور سنوات كثيرة حاول فيسبوك خلالها أن يجذب الشركات ووسائل الإعلام والشخصيات المؤثرة على الإنترنت وصناع الأفلام وغيرهم للاشتراك في فيسبوك، فإن هذه الخطوة اعتبرت تغييرا في الاتجاه.

وقال زوكربيرغ في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز، إنه “لأمر مهم بالنسبة لي عندما تكبر ابنتاي ماك وأوغست أن تشعرا بأن ما بناه أبوهما كان جيدا للعالم”.

وكانت هذه هي المرة الأولى لهذا الملياردير التي يكشف فيها عن مثل هذا القلق بالنسبة لتركته، حيث أنه نادرا ما يعبر عن مكنون عواطفه.

وهذه العاصفة التي تجمعت فوق رأس فيسبوك بدت أنها ستتبدد قبل أن تتكشف قصة ستلحق به مزيدا من الضرر، والقصة تتعلق بفضيحة تسريب البيانات لشركة “كامبريدج أناليتيكا”.

واعترف فيسبوك بأنه تقاسم مع شركة “كامبريدج أناليتيكا” على نحو خاطئ البيانات الشخصية للملايين من مستخدميه، وهذه الشركة استخدمت البيانات عام 2016 لدعم الحملة المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى جانب مساندة محاولة دونالد ترامب دخول البيت الأبيض.

وحقيقة أن فيسبوك كان يعلم بالأخطاء المتعلقة بسرية بياناته منذ أواخر عام 2015، ومع ذلك بدا راضيا عن الشرح بأن هذه البيانات تم حذفها منذ ذلك الحين، إنما أدت ببساطة إلى سكب البنزين على النار.

وتم إجبار زوكربيرغ على الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس لتوضيح فضيحة اختراق خصوصية البيانات، وإساءة استخدام منصة فيسبوك من جانب مجموعات روسية تسعى إلى التدخل في الانتخابات الأمريكية.

وجعل السيناتور ديك دوربين ظهور زوكربيرغ أمام الكونغرس أمرا محرجا، فقد سأله السيناتور الديمقراطي: “هل ستشعر بالارتياح عندما تشاركنا في معلومة اسم الفندق الذي نزلت فيه الليلة الماضية ؟” وكان رد زوكربيرج “أوم. لا”.

وما أعقب ذلك كان سلسلة من الاعتذارات للكونغرس وللبرلمان الأوروبي، وفي تدوينات إلكترونية وفي مقابلات صحافية وإعلامية، وبعد مرور بضعة أشهر حاول زوكربيرغ تهدئة المستخدمين الغاضبين بعد أن نجح قراصنة الإنترنت في اقتحام 30 مليون حساب.

ثم عندما حاول أن يبرر حقيقة أنه تم استئجار شركة علاقات عامة لتقويض مصداقية منتقدي فيسبوك، قال زوكربيرغ إنه علم بهذا الأمر فقط من خلال تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.

من ناحية أخرى تعرضت الأحوال المالية لفيسبوك لضربة، ففي أوروبا خسرت الشبكة مليون مستخدم خلال ستة أشهر، غير أنه لا يزال يستخدمها 375 مليون شخص يدخلون عليها مرة واحد على الأقل في الشهر.

غير أن فيسبوك يواجه أيضا اضطرابات شاملة في أنشطة الإعلانات الخاصة به، والتي من شأنها إبطاء دوران عجلة المال على شبكة الإنترنت، والتي كانت تدور بأقصى سرعة لها على مدى عدة أعوام ماضية.

وأصبح المستخدمون في فيسبوك يتشاركون بشكل متزايد إسهاماتهم بين مجموعات أصغر حجما من الأصدقاء، بدلا من الدخول على التحديثات التي يبعث بها الموقع بشكل مستمر للمستخدمين بشكل عام، وهي التحديثات التي تعد القناة الرئيسية التي يستخدمها أعضاء فيسبوك حتى الآن.

والمشكلة بالنسبة لهذه الشبكة الإليكترونية هي أن مليارات الدولارات من الأرباح تأتي حاليا بشكل حصري، من تحديثات التدوينات التي تتيح مساحات واسعة للإعلانات.

وعلى النقيض من ذلك فإن الشركة بدأت توا في الحصول على المال من خدمات المحادثة بتطبيقي واتساب وميسنجر وتطبيقات فيسبوك الجديدة. (د ب أ)

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *