… أمتي مثل المطر …

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل أمتي مثل المطر، لا يدري أوله خير أم آخره»، إن مدلولات لفظة المطر أو الغيث كما في بعض ألفاظ الحديث، تعبر عن مكامن الخير في هذه الأمة، فالغيث رحمة مهداة من الله تعالى إلى خلقه، وبه يحيي الله الأرض من بعد موتها.

وهكذا تكون همة أهل الخير في كل زمان، ولسان حال أحدهم : (إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة).
والغيث يأتي الناس في حال شدة، وقنوط، ويأس، وهذه الأمة الإسلامية أمة خير وعطاء، أمة لا تيأس، ولا تلين، ولا تستكين على مر التاريخ، ولقد مرت بديار الإسلام في تاريخها الطويل أزمات وأزمات، وحلت بها بلايا ونكبات، وزلزلت الأرض زلزالها، وفي كل مرة تخرج هذه الأمة من مآزق كبرى أصلب عوداً، وأشد إيماناً، وفي كل مرة يظن أهل الكيد والمكر أنهم قدروا عليها، ولكن الله لهم بالمرصاد، قال تعالى : يُرِيدُونَ أن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32].

ولما سمع الصحابة رضي الله عنهم قول الله تعالى : فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148] وقوله جل وعلا: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين [آل عمران:133]، فهموا من ذلك أن المراد أن يجتهد كل واحد منهم، حتى يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى من يعمل للآخرة أكثر منه نافسه وحاول اللحاق به، بل مجاوزته، فكان تنافسهم في درجات الآخرة، واستباقهم إليها كما قال تعالى : وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون [المطففين:26].
والله أسأل للجميع العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *