أمة وسطا… أحوالنا مع العبادة

إنَّ لِلْإِنْسَانِ فِيمَا كُلِّفَ مِنْ عِبَادَاتِهِ ثَلَاثَ أَحْوَالٍ :

• إحْدَاهَا أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ فِيهَا وَلَا زِيَادَةٍ عَلَيْهَا .
• وَالثَّانِيَةُ : أَنْ يُقَصِّرَ فِيهَا .
• وَالثَّالِثَةُ : أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا .

فَأَمَّا الْحَالُ الْأُولَى : فَهِيَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى حَالِ الْكَمَالِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِيهَا ، وَلَا زِيَادَةِ تَطَوُّعٍ عَلَى رَاتِبَتِهَا .

فَهِيَ أَوْسَطُ الْأَحْوَالِ وَأَعْدَلُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَقْصِيرٌ فَيُذَمُّ ، وَلَا تَكْثِيرٌ فَيَعْجَزُ !

وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللّٰـهُ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّٰـهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللّٰـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَيَسُرُّوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ } .

وَقَالَ الشَّاعِرُ : عَلَيْك بِأَوْسَاطِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا نَجَاةٌ وَلَا تَرْكَبْ ذَلُولًا وَلَا صَعْبًا !

• وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ : وَهُوَ أَنْ يُقَصِّرَ فِيهَا .
فَلَا يَخْلُو حَالَ تَقْصِيرِهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ : إحْدَاهُنَّ : أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ أَعْجَزَهُ عَنْهُ ، أَوْ مَرَضٍ أَضْعَفَهُ عَنْ أَدَاءِ مَا كُلِّفَ بِهِ .

فَهَذَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْمُقَصِّرِينَ ، وَيَلْحَقُ بِأَحْوَالِ الْعَامِلِينَ ، لِاسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ عَلَى سُقُوطِ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْعَجْزِ .

وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَا مِنْ عَامِلٍ كَانَ يَعْمَلُ عَمَلًا فَيَقْطَعُهُ عَنْهُ مَرَضٌ إلَّا وَكَّلَ اللّٰـهُ تَعَالَى بِهِ مَنْ يَكْتُبُ لَهُ ثَوَابَ عَمَلِهِ }

• وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ تَقْصِيرُهُ فِيهِ اغْتِرَارًا بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ، وَرَجَاءَ الْعَفْوِ عَنْهُ !

فَهَذَا مَخْدُوعُ الْعَقْلِ مَغْرُورٌ بِالْجَهْلِ، فَقَدْ جَعَلَ الظَّنَّ ذُخْرًا وَالرَّجَاءَ عُدَّةٌ.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.