الروح

بيْنَا أنَا أمْشِي مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في خَرِبِ المَدِينَةِ ، وهو يَتَوَكَّأُ علَى عَسِيبٍ معهُ ، فَمَرَّ بنَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟ وقَالَ بَعْضُهُمْ : لا تَسْأَلُوهُ ، لا يَجِيءُ فيه بشيءٍ تَكْرَهُونَهُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَنَسْأَلَنَّهُ ، فَقَامَ رَجُلٌ منهمْ فَقَالَ يا أبَا القَاسِمِ ما الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ ، فَقُلتُ : إنَّه يُوحَى إلَيْهِ ، فَقُمْتُ ، فَلَمَّا انْجَلَى عنْه ، قَالَ : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي وما أُوتُوا مِنَ العِلْمِ إلَّا قَلِيلًا). قَالَ الأعْمَشُ : هَكَذَا في قِرَاءَتِنَا.

الراوي : عبدالله بن مسعود
المصدر : صحيح البخاري

شـرح_الـحـديـث

هذا الحديثُ مِن دَلائلِ النُّبوَّةِ ومُعجزاتِ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم ؛ حيث أخبَرَ فيه عن الغيبِ ، فحَكَى لنا عبدُ الله بنُ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه أنَّ نفَرًا مِن اليهودِ سأَلوا النَّبيَّ الكريمَ صلَّى الله عليه وسلَّم عنِ الرُّوحِ ، مُعتقِدين أنَّهم بذلك يُعجِزونَه عن الجوابِ عنها ، فيُثيرون حوله الشُّكوكَ والشُّبهاتِ ، فسكَت صلَّى الله عليه وسلَّم ، ثمَّ تلا قولَه تعالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] ، أي : إنَّ الرُّوحَ أمرٌ ربَّانيٌّ استأثَر اللهُ سبحانه وتعالى بعِلمِه دون سواه ، وإنَّ العِلمَ الَّذي لديكم ليس إلَّا شيئًا قليلًا وجزءًا يسيرًا ؛ لأنَّ علمَ الإنسانِ بالغًا ما بلَغ ، فهو محدودٌ ، وعقلُه أيضًا محدودٌ ، وأسرارُ هذا الوجودِ أوسَعُ مِن أن يُحيطَ بها العَقلُ البشريُّ المحدودُ.

#في_الحديث :

¤ أنَّ الرُّوحَ غيبٌ ، وسرٌّ مِن أسرارِ اللهِ القدسيَّةِ ، استأثَر اللهُ بعلمِه ، وأودَعه بعضَ مخلوقاتِه ، نعرِفُ آثارَه ، ونجهَلُ حقيقتَه.

¤ وفيه : قلَّةُ علمِ الإنسانِ وضآلتُه ، وأنَّ العقلَ البشريَّ لا يُحيطُ بكلِّ شيءٍ.

#الموسوعة_الحديثية

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.