لا تخدع نفسك..

من الحِيَلِ النفسية لاستمراء الوقوع في المعصية والمنكر، تبييتُ التوبةِ، أي أنه يضمر التوبةَ قبل أن يفعل المعصية، فيقول: أعيشُ حياتي كما أريد ثم أتوب، وهذا من حبائل الشيطان.

وهو من جنس ما وقع من إخوةِ يوسف عليه الصلاةُ والسلام حينما قالوا: ﴿اقتُلوا يوسُفَ أَوِ اطرَحوهُ أَرضًا يَخلُ لَكُم وَجهُ أَبيكُم وَتَكونوا مِن بَعدِهِ قَومًا صالِحينَ﴾ [يوسف: ٩] فهؤلاء أضمروا التوبةَ قبل الذنب، فهل هذه توبةٌ صحيحة؟! لا بل هي كما قيل: توبةٌ فاسدةٌ!

وماذا نتج عن هذا الذنب الذي أضمروا التوبة منه؟! آذوا نبيَّاً كريماً وأرادوا قتله ورموه في الجُب، وقطعوا رحمهم وفرّقوا بين الأب وابنه والمحب ومحبوبه، وما لحق ذلكَ من عذابات على يوسف ويعقوب، فيوسفُ بِيعَ بَيْعَ العبيد وهو الحرُّ الكريم، ثمَّ أُدخل السجن بضع سنين، ويعقوبُ انهارت قواه وابيضّت عيناه وتجرَّع الأسى عقوداً من الزمن!

وكل ذلك نتيجة هذه الحيلة والمخادعة للنفس، ولولا أنَّ رحمة الله أدركت هؤلاء المذنبين بالتوبة قبل الموت لهلكوا ولبعثهم الله بجريمة عظمى!!

وإذا كان الله قد قدَّر على إخوة يوسف أن يتوبوا قبل الموت، فهل تضمن أن يكتب الله لك حياةً حتى تتوب قبل أن يفجأك الموت وتذهب إلى الله محمَّلاً بأوزار الخطيئة؟!

بل وهل تضمن أن تتوب وإن طالت حياتُك؟! فها أنت الآن حيٌّ ولم تتب، فما الذي يضمن توبتَك بعد ؟!

عدنان طلافحة

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.