كانَ التأخيرُ عنكَ تدبيرًا لك…

بقلم حسام الدين السنوسي

( فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ ) يوسف – الآية 76

وقد لا تشعُر بما جُعِل في قَدَرِك، وما قُذِف في قلبِك وأخفيَ في صُلبِك، أو ألقيَ في جبّك، ودُفِنَ في وعائِك، لأن كيدَكَ وتدبيرَك قاصرٌ عن إدراكِه والإحاطَة به، حتى يأتيَ أوانُه وتبلُغ أشدّ الاستعداد فيَأذنَ الله له بالرّكل كالجَنين والظهورِ كالكمَأَة فتشعُر به وتراه وتستخرِجَه ..

رُبّ تأخيرٍ لك أريدَ به اختيارُك، فقد تعبُر قافِلةُ التوفيقِ بمحطّاتٍ كثيرَة قبلَك فتسمَعُ ضَجيجَ مُستقبليها وقد انبسَطوا وبَسطَوا لها الفُرُش وزَهَوا بها وأعلنوها، فيحَزُّ في صَدرِك أن لم تأتِك وأنتَ أشدّهُم طلبا لها وسعيا في سبيلِها ونثرا لبذورِها، وأنتَ في خِضَمِّ حُزنِك واستعجالِك تكادُ تلتفِتُ عنها حسيرا يائسًا، تَكونُ سائرَةً نحوَك تعبُرُهم لتحطّ عندَك أنت وتستخرِجَ من وعائِكَ أنت ..

كانَ التأخيرُ عنكَ تدبيرًا لك ..
لا تشغَل نفسَك بالمدفونِ تَحتَ جِدارِك، إنهُ لن يظهرَ لغيرِك، فابلُغ أشُدَّك.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.