كتبتها واعتبرتها نبراس طريقي

خالد حمدى


لا زلت أقول:
إن هذه المرحلة في الصراع هي أصعب المراحل وأقساها وربما آخرها!!
وهي صراع الإنسان مع نفسه…
الصراع الذي يدور بين ما يؤمن به…. وما يراد له أن يؤمن به.
صراعه بين ثوابت دينه وقيمه ومبادئه، وبين ما يتردد في سمع قلبه كل حين من نداءات تقعِد القائم، وتُسيء خلق المستقيم.
وهكذا…حتى تخور عزيمة أحدنا…بعدما عاش معركة طويلة مع نفسه سقط في آخرها.
أعرف أناسا انتصروا في معارك السجون والوقوف أمام عتاة الإجرام في شتى الميادين…لكنهم انهزموا في معركتهم الأخيرة مع أنفسهم…فإذا ببعضهم عاد ألف خطوة للوراء وصنع ما لم يكن يدور بخلده أن يصنع معشاره منذ سنوات.
نفوسنا يا سادة آخر القلاع…سيما هؤلاء الذين دخلوا المعارك من أولها، منذ كانت بين الطاغية وجموع الشعب، ثم حولها الطاغية بأدواته الشيطانية إلى ما بين الشعب ونفسه، ثم تحولت بفعل الزمن إلى ما بين كل فصيل ونفسه، ثم أصبحت في نهاية المطاف بين كل منا ونفسه.
وهي سنة كونية في الصراع…تبدأ بصراع عظيم بين جالوت والجموع المؤمنة ثم تنتهي بين قلة مؤمنة ونفسها في معركة تبدو صغيرة لكنها أعظم من الأولى، ميدانها شربة ماء فيما يبدو، لكنها عند أصحابها أعظم من ذلك…إذ هي عندهم تعني هزيمة النفس بشهواتها وانتصار المؤمن بثباته على مبدئه وثوابته واندحار شهوته تحت قدمه، والتي يعقبها مباشرة “فهزموهم بإذن الله”.
لما وصل موسى إلى البحر أخر الله أمر انشقاق البحر حتى أدركهم فرعون وجنوده لتتم آخر مراحل الاختبار وهي اختبار المؤمن مع نفسه،قبل أن يقضي الله على فرعون وجنوده.
فتزلزلت قلوب البعض وظنوا أنهم مخذولون…واقتحم مؤمن آل فرعون البحر بفرسه يستعجل أمر ربه مع حديث نفس يراوده بالهلاك، ثم عاد إلى رشده سريعا كأنه يرد على نفسه ويقول:
“صدق الله وكذبت”
نحن الآن في هذه المرحلة، والتي من قسوتها يرسب المئات في اختبارها كل يوم، حتى أنني من فرط ما أرى كل يوم من نوعية الراسبين ولم يكونوا كذلك في المراحل السابقة أقول في اليوم ألف مرة:
رب سلم سلم.
قلت لصاحبي يوما وقد أصاب بعض غبار اليأس أنفه:
يا صاحبي، هون على نفسك.
فالحق مضمون نصره، منهية عند الله عاقبته.
لكن المرعب أن ينتصر الحق يوما وليس لنا فيه نبتة من بستانه،أو حجر من بنائه!!
يا صاحبي…لا تشغل نفسك بما لا تملك، على حساب ما تملك!!
احفظ على نفسك يقينها…وعلى أخلاقك سموها، وعلى صدرك نقاءه، وعلى لسانك عفته، وعلى قلبك ثباته…ثم لا يشغلنك بعده ما يكون.
فلولا انتصار أصحاب طالوت على أنفسهم في معركة شربة الماء ما نصرهم الله على عتاة الأعداء!!
ومن ظن أنه لا نهر إلا نهر داوود ومن معه لم يفهم عن الله شيئا.
يا صاحبي، وما يفيدك أن ينتصر الإسلام وقد انهزمت أنت.
يا صاحبي…لا تجعلهم يقتحمون آخر قلاعنا فيك..ويأخذون أغلى متاعك…نفسك وعزيمتك.
يا صاحبي، لأنها آخر المعارك…فالقليل فيها ناج، والكثير فيها هالك.
رب سلم سلم.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *