نصف عام من الحرب!


أماني الفليت

ست شهور مضت من أعمارنا ونحن نعيش حربا فاقت في وحشيتها وبشاعتها جل الحروب التاريخية وسط صمت وتخاذل وتواطئ العالمين العربي والغربي؛ بل والشق الآخر من الوطن.

قصفت البيوت على رؤوس ساكنيها، ومع موجة النزوح القسرية التي فرضتها إسرائيل، تكدست الناس في البيوت والشوارع بشكل مهول ليذهب ضحية كل قصف أعداد مهولة أيضا

نصف عام من الحرب!
منذ بداية هذه الحرب، اتضح مدى إرهابية الجيش الإسرائيلي ووحشية أساليبه القتالية المتبعة في هذه الحرب مقارنة مع الحروب السابقة التي عاشتها غزة وكانت تظن نفسها قد عانت أشد أشكال الموت والحصار إثر الحروب السابقة (2008, 2012, 2014, 2021 إلى جانب التصعيدات المتكررة التي تستمر لأيام على مدار الأعوام الماضية)، لكنه ومنذ اليوم الأول لهذه الحرب انكشف وجه إسرائيل المتعطش لسفك الدم وتحويل البلد إلى بقعة منكوبة. شرعت إسرائيل في قصف البيوت على رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار أو تحذير وأصبحنا نترحم على صاروخ طائرة الاستطلاع الذي كان يحذر سكان المنزل سابقا فيسارعون للإخلاء ثم يتم قصف البيت، لكن المعادلات في هذه الحرب قد اختلفت، فإسرائيل تريد الثأر لصورتها التي اهتزت بمباغتة (المقاومة) لسكانها (المستوطنين) في عقر دارهم (ديارنا) وأبطل مقولة الجيش الذي لا يقهر وضرب الاستخبارات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ضربة قاضية كما تزعم، ولينهي لسنوات طويلة قادمة فكرة أن يقدم فلسطيني على مقاومة إسرائيل.

قصفت البيوت على رؤوس ساكنيها، ومع موجة النزوح القسرية التي فرضتها إسرائيل، تكدست الناس في البيوت والشوارع بشكل مهول ليذهب ضحية كل قصف أعداد مهولة أيضا، نتحدث هنا عن مجازر إبادة حقيقية ارتكبت ولا تزال ترتكب بحق المواطنين في غزة، /50/30/40 شهيد في قصف منزل وعدد أكبر بكثير من المصابين أصبح خبرا عاديا يقرأه الصحفي في نشرة الأخبار قراءة عادية، ويمر عنه المشاهدون مرور الكرام، هذا ما رسخت له مجزرة مشفى المعمداني في أوائل الحرب التي راح ضحيتها 500 شهيد، ولم يرعب هذا الرقم الضخم من الضحايا ضمير العالم الإنساني، ولم يستوقف محامو القانون الدولي والمتشدقين بمبادئ الإنسانية.

اقتحمت المستشفيات وأخرجتها عن تقديم الخدمات الصحية المتهالكة أصلا، اعتقلت الأطباء والممرضين والمتطوعين بل والمرضى أيضا، حولت غرف المشافي لزنازين تحقيق وتنكيل، دمرت ما دمرته من مبان وأعطبت المبان المتبقية، ليترك الغزي الجريح الذي كان هناك أملا لأن يحيا إذا تلقى علاجاً مناسبا، ترك للموت البطيء نزفا، حتى أصبحنا نحسد من يستشهد على الفور وندعو؛ يا رب نموت وما نتصاوب.

انتقلت الحرب بوحشيتها للجنوب الذي كان قد زعم أنه منطقة آمنة، وكرر الاحتلال في خانيونس سيناريوهات الشمال بأشد وحشية وأكثر عنفا وأزود دمارا وخرابا.

أجبرت الاحتلال سكان غزة وشمالها على النزوح للجنوب، وبدأ بحرق الشمال وتدميره تدميرا مروعا، لم يبق بيت يصلح للسكن، قصفت المدارس والجامعات، المساجد، المراكز الصحية، البنية التحتية من شوارع وشبكات مياه وكهرباء وصرف صحي لم تعد موجودة، وأرزاق الناس ومصادر دخلها المحدود أصلا كأن شيئا لم يكن، ليموت من الكبد والقهر من لم يمت من الصاروخ.

ثم انتقلت الحرب بوحشيتها للجنوب الذي كان قد زعم أنه منطقة آمنة، وكرر الاحتلال في خانيونس سيناريوهات الشمال بأشد وحشية وأكثر عنفا وأزود دمارا وخرابا.

تمكنت إسرائيل من التوغل بريا في أنحاء القطاع، بعدما كنا نستبعد إقدام إسرائيل على الدخول بريا فالمقاومة جاهزة وحاضرة لصد العدوان عن أبناء غزة لأن المقاومة – وفق تصريحات ناطقيها- كانت تنتظر دخول الإسرائيلي لتذيقه أصناف العذاب وويلات الانتقام لغزة وشعبها، وحين دخلت إسرائيل بريا؛ كانت أرقام الآليات الإسرائيلية المدمرة وأعداد الجرحى والقتلى الإسرائيليين، لا تكاد تذكر مقارنة مع عداد الشهداء الذي بلغ أكثر من 30 ألف شهيد وأكثر من 70 ألف مصاب، فضلا عن الدمار الشامل الذي لحق بالبلد.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *