في المرة الأولى التي أمسكت بها قلماً ،
رسمت زهرة، وقلباً واسعاً يمتد لأبعد من حدود الورقة ،
فقد كان يتسع لكل الحب في هذا العالم ،
لم أكن بعد قد تعرفت على رسم الحروف ومدلولاتها و أوجاعها ،
فكونت لنفسي لغتي الخاصة التي أعبر من خلالها جميع القلوب ،
كنت سعيد وأنا أخط بذلك القلم جماليات هذا الكون الماثل أمامي ،
من بحر وشجر وغيم وجبال ، و الفراشات تتراقص بخجل على سطور أوراقي ،
والربيع يزين دفاتر العمر بأجمل باقات الزهر ،
رسمت مركبي والبحر ،
وأطلقت شراعه في وجه الريح ، دون قيد أو شرط ،
ورسمت خرافاً في المرعى لا تخشى الذئب ، لقد رسمت ورسمت …
فقلمي لم يكن يحمل شوائب هذا العالم ولم يكن قد تلطخ بسواده بعد …
فقد كان قلماً مطيعاً يتنقل بين أصابعي
يكتب ويرسم ما أمليه عليه فقط …
فما أن تعرفت على لغة الحروف وأصبحت للكلمة ألف معنى ولون ،
تمرد علي قلمي ، وأصبح ينادي في كل وادي ..
فأصبح يطالب بالعدالة وحرية الرسالة ،
ينقد هنا ويمدح هناك ،
يقف ملياً عند بعض العبارات ،
يسترق من هنا وجعاً ، ويطرح ألما هنا وهناك …
وظل قلمي على هذا الحال حتى جفت أزهاره وأصبح لا يطرح الا الأشواك….!