سمسار عبيد الأفارقة

كان وجود هذا الشيء يزعجني، أراه فأرى سمسار عبيد أفارقة، أتى بهم في سلاسل وجنازير على مراكب، يموت بعضهم، بينما يحاول الحفاظ على البقية، لأنهم عمّاله الذين سيزرعون أرضه ويحصدون ثمره ويبنون قصره ويستخرجون الفحم من باطن أرضه وأراضيهم، ولا يرون النهار لأنهم يجلبون الذهب من أسفل سبع أراضين، بينما يجلس هو في مظلته، يأكل الكرواسون مع القهوة، ويعدّ له محاسبه الثروات الجديدة التي صارت في خزينة بلاده المستعمرة اليوم، ويضحك بينما يدفن العبيد السود عشرة منهم ماتوا في انهيار المنجم، أو سقطوا من فوق أعمدة بناء.
..
كبر الرجال، وأنجبوا أولادًا، اصطفى منهم لنفسه بعضهم، وزع عليهم جنسيات، جعلهم فرنسيين سود، عليهم واجبات تجاه هذه البلاد، وهم -في الغالب- مغلوبٌ على أمرهم، لأن بلادهم التي يضع فيها سيدهم ذاته قدمه القذرة فيها، لا متسع فيها إلا للوساخات، التي لا تصلح لرفع كأس ماء حتى ترفع فيها كأس عالم، فكساهم حللًا رسمية، وأزياءً عليها شعاره، ووقف من علٍ، يتفرج عليهم، يشجعهم، كما كان يشجع أجدادُه أجدادَهم في مصارعات العبيد، وعليهم الدماء والتضحية والموت، وله غنائم الفوز بالرهان.
..
لذا.. هناك ثأر ما لا ينطفئ، وجذوة مشتعلة في صدورنا لا يخفت وميضها، تزيدها رؤية هذه الوجوه الكالحة حرارةً واشتعالًا، حتى يسود السادة بدينهم وإيمانهم الذي وقر في قلوبهم، يقيمون عدل الله، على أحقر أهل الأرض بظلمهم، ونهبهم، وسرقتهم، وعدوانهم، والأيام دُوَل، وغدًا تقوم أممٌ وتخرُّ لها دوَل.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.