عرقلة الصوفية لحركات الجهاد في العالم

أما عن أغلب الطرق الصوفية فكما أنهم خاتمٌ في أيدي الأنظمة الحاكمة فهم خِنجرٌ مسموم في ظهر المجاهدين والمقاومين وفي ظهر الإسلام وما خبرُ صوفيّو ليبيا مع الإيطاليين -باستثناء الطريقة السنوسية -عنا ببعيد.

في الجزائر

لقد تعاون الصوفيون مع الإحتلال الفرنسي في الجزائر ضد حركة الجهاد القائمة من قبل محمد بن عبد الكريم الخطابي وكانوا يحرضون الشعوب ضده قائلين أن فرنسا هزمت دولة من أعظم دول أوروبا قوة، ألا يهب الله النصر لمن يريد، باعثين روح اليأس في الشعب وحاثّينه على الاستسلام للمحتلين ومن أبرز هؤلاء الخونة الشيخ تيجاني محمد الكبير بن بشير وهو قائد الحملة ضد القائد المجاهد الخطابي.

في الهند

بعد قيام ثورة 1857م التي استثارها المسلمون ضد الإنجليزوالتي قُتل فيها العديد من علماء المسلمين قام أحمد رضا مؤسس الطريقة “البريلوية” بكتابة رسالة مستقلة بعنوان “إعلام الأعلام بأن هندوستان دار الإسلام” ادعى فيها أن الهند دار سلام وليست دار حرب، ودعا فيها صراحة لترك جهاد الإنجليز، ومما جاء فيها قوله “إنه لا جهاد علينا مسلمي الهند بنصوص القرآن العظيم ومن يقول بوجوبه فهو مخالف للمسلمين ويريد إضرارهم”.

لذلك يمكننا القول أن علاقة الطرق الصوفية بالمقاومة الإسلامية علاقةٌ معادية، لطالما كانت حائط صدٍ في طريق محاولات البعث الإسلاميّ بتضليل الأفكار تارة وبالمحاربة المباشرة تارةً أخرى، وهذا لا يتعارض مع ما ذكرنا في حق الطريقتين السنوسية والنقشبندية فهما لم يأخذا من الصوفية ابتداعها في الدين وتركها لركن الجهاد وإنما أخذا منها حقيقتها.

كيف يستخدم الغرب الصوفية لضرب المقاومة الإسلامية؟

يقول ستيفن شوارتز -من منظّري تيار المحافظين الجدد بالولايات المتحدة الأمريكية- في كتابه “وجها الإسلام”: “على الأمريكيين أن يتعلموا المزيد عن الصوفية وأن يتعاملوا مع شيوخها ومريديها وأن يتعرفوا على ميولها الأساسية، يجب على أعضاء السلك الدبلوماسي الأمريكي في المدن الإسلامية من برشتينا في كوسوفو إلى كشغار في غرب الصين ومن فاس في المغرب إلى عاصمة إندونيسيا جاكرتا أن يضعوا الصوفيين المحليين على قائمة زياراتهم الدورية، يجب أن ينتهز الطلاب الأمريكيون ورجال الأعمال وعمال الإغاثة والسائحون فرص التعرف علي الصوفيين، الأهم من ذلك أن أي شخص داخل أو خارج الحكومة يشغل منصبًا يسمح له بالتأثير على مناقشة ورسم سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط يمكنه أن يستفيد من هذا التقليد الفطري من التسامح الإسلامي الصوفي”.

ويقول القبطان أدينو: “إن مشايخ الطرق بهم نهم إلى المال، وتعطش إلى السلطة، وهم يدركون أن معارضتهم لسلطات الحماية ستحرمهم من الاثنين، وهم يعرفون كيف يبررون موقفهم أمام هؤلاء الأتباع”.

ويقول أيضًا في كتابه “محور السياستين” في فصل بعنوان: “الدور السياسي للطرق الصوفية والزوايا في مراكش”(ص33): قال الشيخ تيجاني محمد الكبير بن البشير (حاضًا للإخوان على الانحياز إلى جانب الدولة المسيحية ضد بني وطنهم المسلمين): “الفرنسيون يكافئون من يقدم لهم خدمات.. ولقد هزمت فرنسا منذ عهد قريب (يقصد حرب 1914-1919) دولة من أعظم دول أوربا قوة، ألا يهب الله العلي النصر من يريد لهم النصر”.

ويقول أندري جوليان وهو صحفي ومؤرخ فرنسي:

لقد عرفت الحكومة الفرنسية كيف تجمع حول لوائها مشيخات الطرق الصوفية، بتقديم العون المالي لها وحمايتها.

وجاء في كتاب “العالم الإسلامي بعد الحادي عشر من سبتمبر” عند الحديث عن الصوفية: “يشكلون غالبية المسلمين اليوم وهم محافظون على معتقداتهم الإسلامية وتقاليدهم المحلية. غير متشددين، يعظمون قبور القديسين ويؤدون عندها الصلوات، يؤمنون بالأرواح والمعجزات ويستخدمون التعاويذ، ومجموعة الاعتقادات هذه أزالت تمامًا التعصب والشدة الوهابية وأصبح الكثير من التقليديين يشابهون الصوفية في السمات والاعتقادات، لا يرون تضاربًا بين معتقداتهم الدينية وولائهم لدولهم العلمانية وقوانينها”.

تقرير راند

برز إنتاج مركز راند للدراسات -وهو مركز أمريكي تابع للقوات الجوية الأمريكية- في مقدمة جهود التنظير للتعامل الغربي -الأمريكي- مع الحركات الإسلامية، وبعد هجمات سبتمبر (2001م)، أصدر المركز عددًا من الدراسات أبرزها تقرير “الإسلام المدني الديمقراطي” لمؤلفته شيريل بينارد عام (2004م)، وتقرير “بناء شبكات من المسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي” عام (2007م)، وشارك في تأليفه كلٌ من: أنجيل رابسا، وشيريل بينارد، ولويل شوارتز وبيتر سكيل.

تميز التقريران الأخيران بإعطاء الطرق الصوفية مساحة متزايدة من الأهمية باعتبارها أحد البدائل المتاحة أمام المخطط الأمريكي لإزاحة التيارات الإسلامية وإحلال الصوفية محلَها، إلا أن طريقة تناول كلاً من التقريرين للطرق الصوفية جاءت مختلفة.

فالتقرير الأول “الإسلام المدني الديمقراطي” أفرد مساحة أوسع للحديث عن الصوفية، وقد صنفها ضمن ما وصفه بـ”الإسلام التقليدي المعتدل” معتبرًا أن هذا التيار هو الأكثر شعبية وأغلبية في العالم الإسلامي، وأهم مزية لهذا التيار -حسب التقرير- أنه يرفض نموذج الإسلام الذي يقدمه السلفيون والتيارات المتشددة.

أما التقرير الثاني، فقد احتفظ للصوفية بأهميتها الاستراتيجية في التخطيط الأمريكي، وأسبغ سمات الصوفية على نموذج “المسلم المعتدل”، وقدم التقرير تعريفًا للمعتدلين بأنهم: “من يقومون بتقديس أئمتهم أو شيوخهم ويأخذون بالإسلام التقليدي دون التفسير الدقيق وغير الوسيط للقرآن والحديث يعني أنهم يفتقرون إلى واسطة دومًا ويصلّون في القبور ويقدمون نذورهم ويؤدون الكثير من الأمور التي يمقتها الوهابيون”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.