الحياة الطيبة

ابني يسأل
معنى الحياة الطيبة ؟ وكيف تكون حياة طيبة مع الألم و المرض و السجن و التعذيب في الدنيا ، و كل تلك الكوارث المحيطة بنا ؟

يا بني يجب أن تعلم أن ما أخبر الله ﷻ به لا يمكن أن يتعارض مع الواقع أبداً ،

لأن أخبار الله تعالى بلغت الغاية في الصدق ، قال الله تعالى :
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا) ،(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثًا). [هذه المقدمة نذكرها في كل ما يُتَوَهم منه التعارض ].

( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
معنى ” الحياة الطيبة ” هنا هي << حياة معنوية >>، يعيشها قلب المؤمن مطمئناً بقضاء الله تعالى ، ومنشرحاً بما قدره عليه ، وسعيداً بإيمانه بربه تعالى،

وإذا رُزق شيئا من متاع الدنيا فيكون حلالاً يقنع به ، و إذا ابتلاه الله فرح لعلمه بعظم الأجر.

فالله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، وفي الابتلاء للعبد حكَم وفوائد كثيرة ، في الدنيا ، والآخرة.

الحياة الطيبة: وعد ملك الملوك لمن يُقبل على عبادته .
وليس من معنى الحياة الطيبة أن الله يجعل الله من يعمل الصالحات غنيا سعيدا لا تصيبه الحوادث أو الأمراض ،

بل العكس صحيح فأكثر الناس ابتلاء هم الأنبياء فالصالحون ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : (قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ الصَّالِحُونَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلاَّ الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلاَءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ) صحيح ابن ماجه.

و نرى الكثير من أعداء الله قد مد لهم الله في النعيم و الغنى و الراحة ما يَتَعَجب له الناس .

ولا يَقِلّ معنى طيب الحياة بنقص الأموال و الأنفس أو الثمرات،

ولا تنتهي الحياة الطيبة بالموت ، فهي تمتد في حياة البرزخ و حتى يُكرمنا الله بجنة الخلد < إن شاء الله >.
فالحياة الطيبة:وجدها الصحابة و هم يُعَذبون و يُقتَلون في سبيل الله.

و قال ابن تيمية : ما يصنع أعدائي بي؟! أنا جنتي وبستاني في صدري، أنَّى رحت فهي معي لا تفارقني، إنّ حبْسي خلوة، وقتْلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة “.

و قال أحد الصالحين : ” إنه لتمر بي أوقات أقول فيها : إن كان أهل الجنة في مثل هذا : إنهم لفي عيش طيب ” .

و قال أحد الصالحين: والله أنا في سعادة لو علمها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف!.

د_شيماء_مشرف

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.