أكاديمي: أميركا أهدرت تعاطف العالم بغزو أفغانستان والعراق.. ماذا ستتعلم من الهزيمة؟

يرى مقال نشرته واشنطن بوست (Washington Post) أن الولايات المتحدة بددت التعاطف الدولي الواسع معها عقب هجمات 11 سبتمبر، باندفاعها في أعمال انتقامية بدلا من استغلال تلك الفرصة لخلق عالم أفضل.

ويوضح المقال -الذي كتبه فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية بكلية لندن للاقتصاد- أن أميركا كان بإمكانها استخدام أحداث 11 سبتمبر، وهي أكبر كارثة إستراتيجية في تاريخ الولايات المتحدة حسب قوله، كمحفز لإرساء عالم أكثر تسامحا وسلاما وازدهارا، زاعما أن ذلك يتناقض مع الرؤية الكونية لتنظيم القاعدة.

حرب شاملة
وبدلا من البناء على هذا التضامن، شرعت الولايات المتحدة في حرب شاملة استمرت عقدين من الزمن ضد أعداء حقيقيين ومتخيلين، وبذلك ضيعت فرصة تاريخية للعمل مع الدول الأخرى للتراجع عن الضرر الناجم عن سياسات الحرب الباردة، والتي أسهمت في بروز “القاعدة”.

وتساءل: ماذا لو استهدفت أميركا تنظيم القاعدة فقط، ببناء تحالف دولي حقيقي يضم عربا ومسلمين، بدلا من غزو أفغانستان والعراق؟ قائلا، لو كانت الولايات المتحدة قد فعلت ذلك، لكان من الممكن أن تحرم المسلحين الإسلاميين من الأكسجين الاجتماعي أو الدعم الشعبي الذي منحهم فرصة جديدة للحياة بعد 11 سبتمبر.

مذكرة الظواهري
وأشار الكاتب إلى أن أيمن الظواهري، الذي يقود تنظيم القاعدة حاليا، أقنع في مذكرة لمساعديه باليمن في 1999، بأن شن هجوم على أميركا هو السبيل الوحيد لإنعاش حركة إسلامية كانت “في مرحلة الاحتضار”.

وأوضح الظواهري آنذاك أنه إذا تعرضت أميركا لهجوم في أراضيها، فإنها لن تهاجم بغضب “المتشددين الإسلاميين” فقط، بل الدول الإسلامية كذلك، وسيسمح هذا للإسلاميين بتصوير أنفسهم على أنهم مدافعون عن الأمة أو المجتمع الإسلامي، واكتساب المزيد من الأتباع.

وقال إن إستراتيجية الظواهري نجحت، فقفز عدد أعضاء القاعدة، الذي كان بالكاد يبلغ ألف مقاتل في عام 2001، إلى ما بين 100 ألف و230 ألف ناشط في عشرات البلدان بجميع أنحاء العالم، خلال حرب الغرب على “الإرهاب”.

وأضاف جرجس أن الحرب على الإرهاب كانت اختيارية وليست ضرورة، وكلفت كثيرا من الدم والمال.

اندفاع صليبي
وشدد على أن قادة الولايات المتحدة مطالبون بتخليص أنفسهم من الاندفاع الصليبي وعقدة التفوق الأخلاقي في الشؤون الدولية التي ألحقت ضررا كبيرا بالعالم والعلاقات الدولية، وكان عليهم أن يعترفوا بحدود القوة الصارمة وإظهار التواضع والحصافة واحترام الثقافات الأخرى.

ويختم جرجس بأنه كان على أميركا ألا تسعى لجعل دول أخرى على صورتها، بل أن تسعى، جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي، لإعادة بناء المؤسسات الفاشلة في الخارج، والقضاء على الفقر المدقع ومكافحة “التطرف”، وسد الفجوة بين خطابها الوردي حول حقوق الإنسان والديمقراطية وأفعالها.

المصدر : واشنطن بوست

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.