الولايات المتحدة تثبت أنها أسوأ حليف ممكن!

– القوة لا تقاس فقط بما يملكه أي طرف من أسلحة ولكن بالقدرة على الإيلام. 2000 قتيل في صفوف الجيش الأمريكي خلال عشرين عاما في أفغانستان كانت كافية لاقناع الولايات المتحدة بالمغادرة، وعشرات آلاف القتلى في صفوف الأفغان لم تكن كافية لتراجع طالبان. القدرة على الإيلام غير مرتبطة فقط بأرقام القتلى وحجم الخسائر!

– سيطرة طالبان على السلطة غدت أمرًا واقعا. ولا أحد بعد الانسحاب الأمريكي لديه القدرة ولا الرغبة في دفع ثمن تغيير هذا الأمر الواقع. وهناك حالة غضب مكتوم من الموقف الأمريكي في أوروبا. الولايات تفقد كثيرا على مستوى صورتها في العالم. والصورة أساس القوة الناعمة!

– هناك هاجسان رئيسيان يقلقان أوربا في المرحلة الراهنة: تحول أفغانستان إلى قاعدة خلفية للإرهاب كما كانت سوريا في مرحلة ما، واحتمالات تدفق موجات اللاجئين إليها. هذان هما مصدرا القلق الرئيسيين لأوروبا في هذه المرحلة. دعك من قضايا حقوق الانسان وحقوق النساء في أفغانستان فهي تأتي عاشرة على سلم الأولويات الأوربية في المرحلة الراهنة.

– رغم الحذر، لابد من تنسيب هذه المخاوف سواء منها المتعلقة بالارهاب او الهجرة. فيما يتعلق بالارهاب هناك رهان أوروبي على العداء التاريخي بين طالبان وتنظيم الدولة. وهذا عنصر مطمئن نسبيا بأن طالبان لن تسمح لتنظيم الدولة بإيجاد موطئ قدم في أفغانستان دون أن يعني هذا استحالة ظهور مجموعات أخرى! أما الهجرة فيتوقع أن تكون الموجة أقل بكثير من مما كان عليه الأمر عام 2015.

– تركيا ستعود على الأرجح لاعبا رئيسيا في هذه الأزمة من خلال احتمالات استقبالها لعشرات وربما لمئات الاف المهاجرين الأفغان. وعندها لن يكون مستغربا أن نشهد قمما أوربية/تركية تناقش مسألة المقابل الذي على اوروبا ان تدفعه مقابل احتفاظ تركيا باللاجئين الأفغان. والمقابل ليس فقط ماليا وانما سياسيا ايضا.

– حركة طالبان تشكلت صورتها على امتداد عشرين عاما باعتبارها حركة ايديولوجية مسلحة متطرفة، و السؤال الآن: هل طالبان في نسختها لعام 2021 مطابقة لنسختها عام 1996. سنعرف الجواب قريبا مع استتباب السلطة للحركة ونموذج الحكم الذي ستفرضه.
ولكن اذا قارنا اليوم الأول في حكم طالبان عام 1996 مع اليوم الاول لدخولها كابل عام 2021 يمكن ان نلحظ تغيرا في الخطاب.
اذ ان الواضح ان طالبان تضع هذه المرة نصب عينها الاعتراف الدولي والموقف العالمي منها. فهناك حديث عن قبولها بعمل النساء وتعليمهن وخروجهن دون محرم ( شريطة ارتداء الحجاب، وهي بهذا الشرط لا تختلف عن السعودية وإيران )، وتطمين للبعثات الدبلوماسية الدولية، وقبول ببقاء ببعض المحافظين من العهد السابق ..
هل يعني هذا ان هناك تغييرا حقيقيا في منهج الحركة خلال العشرين سنة الماضية؟ من المبكر إصدار حكم قطعي ! الأيام ستصدر حكمها قريبا!

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.