أفغانستان “مقبرة الامبراطوريات”

بعد دخول القوات الامريكية أفغانستان بشهرين كان غلاف مجلة تايم : “النزع الأخير لطالبان”.

واليوم تخرج القوات الأمريكية و حلف الناتو من كل أفغانستان و هي مدركة لحجم هزيمتها هناك. و تتوصل الأجهزة الإستخبارية إلى حقيقة سقوط نظامها العميل في كابل في أجلٍ أقصاه ثلاثة أشهر.

أمريكا كانت تعتقد أنها ذاهبة لحرب غير متكافئة أشبه ما تكون بنزهه صيف ،فهي تمتلك أكبر جيش في العالم وأكبر إقتصاد في العالم ،وفي الطرف الاخر دولة فقيرة لا يملك شعبها قوت يومهم إضافة إلى أنهم لا يملكون أي ترسانة عسكرية وليس لهم أي تحالفات دولية تحميهم…

لكنها لم تكن تعلم أن بعد عشرين عام سيجلس سيد الكرملين مع ابتسامته الساخرة وسيعلن أن القوات الأمريكية والأطلسية استكملت انسحابها من أفغانستان وتركتها لمصير يكاد يكون معروفًا. أغلب الظن أن رايات «طالبان» سترتفع مجددًا فى كابل التى كان ابن بطوطة زارها قبل ثمانية قرون ولاحظ أن سكانها أهل شدة وبأس.

أمريكا لم تقرأ التاريخ جيداً. فهذه البلاد التى تنام طويلاً تحت الثلج تعاودها عقدة الحصار كلما اقترب الغرب من حدودها. فى القرن التاسع عشر حاولت الإمبراطورية البريطانية عبثًا تطويع الصخور الأفغانية لكنها فشلت بعدما نزفت. ثمة من نقّب فى التاريخ وعاد باستنتاج ذى دلالات. أفغانستان «مقبرة الإمبراطوريات». وبقية الصورة هى أنها بلاد لا ترحم غزاتها ولا ترحم أبناءها. أهلها أشداء فى مواجهة الغريب. وقساة أيضًا حين ينفرط عقدهم على خطوط التماس العرقية والمناطقية والمذهبية ويقتتلون بلا رادع أو حساب. فمقبرة الإمبراطوريات هى فى الوقت نفسه بلاد الجنازات التى لا تنتهى. بريطانيا التي حكمت ثلث العالم خرجت بشر هزيمة من هذا البلد.

نفس الحدث تكرر في العام 1989 حيث بدأت السنة بقوافل «الجيش الأحمر» تستكمل انسحابها من أفغانستان. بعد أن أثخنوا قواته بهجماتهم. وكبدوهم الويلات لعقد من الزمن،وكانت هذه الهزيمة آذان بسقوط الاتحاد السفويتي
وأن «خطيئة بريجنيف» المتمثلة فى قرار التدخل العسكرى فى أفغانستان كانت وخيمة العواقب.

بعد عقدين من هجمات نيويورك وواشنطن يصر بايدن على ضرورة استكمال الانسحاب من أفغانستان لأنها حرب لا يمكن كسبها. والواقع هو أن تجربة أفغانستان أكدت ما أكدته. الولايات المتحدة قوة هائلة تمتلك الآلة العسكرية الأكثر تطورًا فى التاريخ. تستطيع هذه القوة الهائلة إصابة أى هدف على سطح الأرض. تستطيع ربما تقطيع أوصال دول وجيوش وشل قدراتها. لكن هذه القوة الهائلة وقفت عاجزة أمام هذا الشعب وهذه التضاريس

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.