معالم التأسيس النبويّ في الدعوة والتربية

كتب بواسطة الدكتور عبد المجيد البيانوني

{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة:128] .
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ المُشْرِكِينَ} [يوسف:108] .
إنّ المتعمّق في فهم السيرة النبويّة ، ودراسة وقائعها وأطوارها يرى أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خاطب الفرد ، وحرّر عقله وضميره ، وبنى شخصيّته ، وأطلق طاقاته ، وبثّ فيه روح الانتماء إلى الأمّة التي كانت تبنى لبنة لبنة ، وتصنع على عين الله ، مُعتزّة بدينه وهداه .. وكان ذلك نواة البناء الاجتماعيّ والحضاريّ ، الذي امتدّ بعد ذلك قروناً متطاولة ..
كما بنى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم المُجتمع على أساس راسخ من قيم الحقّ والهدى ، وأزال من طريقه كلّ العقبات والمُعوّقات ، وأحكم علاقاته مع الآخرين ، فكانت كلمة الحقّ هي العليا .. وهيّأ المجتمع الذي ربّاه على عينه لبناء حضارة إنسانيّة ربّانيّة متوازنة ، تنطلق من قيم الحقّ ، وتقيم بين الناس العدل ، وتستهدي في كلّ شأن بدين الله .. فكيف تمّ للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم كلّ ذلك .؟!
إنّ كلّ من بحث في السيرة النبويّة يرى ويدرك أنّ دعوة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم تواجه أيّة مشكلة من المشكلات ، أو أزمة من الأزمات فوقفت أمامها حائرة أو خائرة ، أو مضطربةً متعثّرة ، وقد يعزو بعض العلماء والدعاة ذلك إلى عناية الله تعالى الخاصّة بنبيّه صلّى الله عليه وسلّم وبدين الإسلام ، الذي ارتضاه الله للبشريّة ..
وهذا القول جزء من الحقيقة يصحّ بنسبةٍ ما .. ولكنّه لا يتنافى مع حقيقة أعمق من ذلك وأشمل وأوثق ، وهي أنّ وراء ذلك جملةً من الحقائق والأسباب ، التي هي من سنن الله تعالى التي أقامها في خلقه ، ونلمسها في حياة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، ومنهجه وهديه في كل شأن ، ومن ثمّ فلا بدّ أن يعيها الدعاة إلى الله تعالى حقّ الوعي ، ويحسنوا التعامل بها ، في حياتهم ودعوتهم وعلاقاتهم ، وأهمّها :
1 ـ التحقّقُ بالعبوديّة الخالصة لله ربّ العالمين ، وابتغاء مرضاة الله تعالى وحده ، وصدق التوجّه إليه سبحانه ، وتعلّق القلوب بالآخرة ، والتجرّد عن مطامع الدنيا العاجلة . وهذا ما يعبّر عنه قول الله تعالى : {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المُسْلِمِينَ} [الأنعام:161ــ163] ، وقوله تعالى : {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ …}[القصص:77] .
2 ـ ربط الإنسان بالغاية للحياةِ العاجلة والآجلة ، وتحديد الأهداف الكبرى التي يعمل لها بدقّة ، ورفع همّته وعزيمته لتحقيقها ، فوضّح له بذلك المَنهجَ وَالغايةَ ، وأهداف المؤمن ، التي تختلف كلّ الاختلاف عن أهداف أهل الدنيا ، الذين لا يعرفون إلاّ المأكل والمشرب ، واللهو واللعب : {… مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ …}[آل عمران:152] .
3 ـ توحيد المصدر والمنهل ، ونقاء الفهم والتصوّر ، فالمرجعيّة العليا للمسلم في كلّ شأن للكتاب والسنّة ، ولا مهادنة على هذا الأمر ولا مساومة ، يقول الله تعالى : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء:65].
وقد عبّر عن ذلك ربعيّ بن عامر رضي الله عنه أمام رستم قائد جيوش الفرس ، عندما سأله : ما جاء بكم إلينا .؟ فقال له : « الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن جور الأديان على عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة » .
4 ـ الدعوةُ إلى الله تعالى على بصيرة ، وبالحكمة والموعظة الحسنة : يقول الله تعالى : {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ المُشْرِكِينَ} [يوسف:108] ، ويقول سبحانه : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} [النحل:125] .
ويقول عزّ وجلّ : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران:159] .
ويقول سبحانه : {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}[آل عمران:164] . ويقول جلّ وعلا : {خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] . ويحسن بنا أخذاً من هذه الآيات الكريمة وغيرها ، أن نشير إلى المعالم الرئيسة للمَنهج النبويّ في الدعوة إلى الله تعالى :
أ ـ الدعوةُ إلى الله تعالى على بصيرة
ب ـ التبليغ والبيان للدعوة ومنهجها ، بما يحقق أحسن التبليغ والبيان .
ج ـ التعليم والتربية والتزكية ، بما لا ينفك عن التبليغ .
د ـ الأخذ الحكمة العالية ، والموعظة الحسنة بأساليبها المؤثرة .
هـ ـ الجدال بالتي هي أحسَن ، بما يقيم الحجّة ، ويحقق أهداف الدعوة .
و ـ الحرص على تأليف القلوب وجمعها على الحقّ ، والتحذير من التفرّق ، واختلاف الكلمة .
ز ـ سعة الصدر وحسن الخلق ، وأهمّ مظاهره :
الرفق والحلم ، والصبر والعفو ، والرحمة والشفقة ، والرعاية الدائبة ، الدعوة إلى الله تعالى في جميع الأحوال : في الليل والنهار ، وللكبار والصغار ، وفي السرّ والعلن ، وفي الأسواق والبيوت ، وفي السفر والحضر ، وفي جميع المناسبات ..
5 ـ توجّه الأمر بالدعوة إلى الإنسان حيث كان ، وإلى عامّة الأمّة ، وجميع فئاتها ، ممّا يجعل الأمّة في حركة دائبة لنشر دين الله تعالى ، فيعجز الطغاة وأهل الباطل عن محاصرة ، أو الوقوف في وجهها . فكانت الدعوة إلى الله تعالى فريضة محكمة ، وكانت بحدّ ذاتها وسيلة من أعظم وسائل التربية : {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}[آل عمران:104] . ويقول تعالى : {وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] .
وإنّ خير مبدأ أطلقه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الدعوة ، هو قوله : « بلّغوا عنّي ، ولو آية » . فقد جعل الأمّة كلّها مأمورة بالدعوة إلى الله تعالى ، معنيّة بها ، كلّ حسب قدرته واستطاعته ، فلا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها .
6 ـ تربية الإنسان على تحمّل المَسئولية ، مهما كان موقعه الاجتماعيّ ، واكتشاف مواهبه وطاقاته ، وحسن استثمارها ، وترقيتها إلى أقصى إمكاناتها ، ووضع الإنسان في مكانه الُمناسب ، فالمَسئوليّة فرديّة يوم القيامة ، ولا يغني أحد عن أحد . يقول الله تعالى : {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الحِجر:92ــ93] ، ويقول سبحانه : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ} [الصافات:24ــ25] ،
وفي الحديث الصحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : « أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ » . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وغيره .
7 ـ الحرصُ على جـَمعِ الكَلِمة وتأليف القلوب على دين الله ، وقطع أسباب التفرّق والاختلاف ، مهما كان شأنها ، يقول الله تعالى : {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[آل عمران:103] . {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:105] .
8 ـ وضوح المرجعيّة العليا للأمّة ، الموثوقة الضابطة لعلاقات المؤمن ، وهي مرجعيّة تتميّز بها الأمّة ، وتتحقّق فيها المؤهّلات القياديّة والإداريّة ، لاجتماع الكلمة ، وتأليف القلوب ، وتوحيد الجهود ، وحسن الاستفادة من طاقات الأمّة وإمكاناتها . وهي بعد حياة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم للكتاب والسنّة ، ويقوم عليها ولاة الأمر من العلماء الأمناء على دين الله ، الذين يهدون بالحقّ ، وبه يعدلون .
9 ـ التركيز على حقائق الدين الكبرى ، وتوجيه الأنظار والهمم إليها ، وعدم الخوض في التفصيلات إلاّ بقدر الحاجة العمليّة . فإذا أحكمت حقائق الدين الكبرى أحكم ما دونها ، ولم يحتج إلى جهود كبيرة ..
10 ـ إعداد الإنسان الصالح ، المُعتزّ بدين الله تعالى ، وبناؤه بناء متوازناً من جميع الجوانب : الروحيّة والعقليّة والجسميّة ، مع التوازن والاعتدال ، دون إفراط أو تفريط ، يقول الله تعالى : {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ …} [الأنفال:60] .
وفي الحديث الصحيح : « المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كلٍّ خير … » .
11 ـ توثيق العلاقات بين الناس على أساس من الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر ، والحبّ لله ، وفي الله ، والتحقّق بالأخوّة الإسلاميّة الصادقة يقول الله تعالى : {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحُجُرات:10] . وفي الحديث الصحيح : « … المُسلمُ أخو المُسلم ؛ لا يظلمُه ولا يخذلُه ، ولا يكذبُه ولا يحقرُه ، التقوى ههنا ـ ويُشيرُ إلى صدره الشريف ثلاث مرات ـ بحسب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المُسلم ، كلّ المُسلم على المُسلم حرام : دمُه ومالُه وعرضُه » .
12 ـ قيام الدعوة النبويّة على الاهتمام بمكارم الأخلاق ، والحثّ على التمسّك بها ، وربط الإسلام بعقيدته وعباداته وتشريعاته بها ، وفي الحديث الشريف : إنّما .
ومكارم الأخلاق عقد ينتظم كلّ من يعتزّ بإنسانيّته ودينه ، وهي دائرة واسعة تجمع الناس وتجتذبهم ، ممّن لا تزال فيهم بقيّة من نور الفطرة .
13 ـ تحرير عقل الإنسان من الوهم والخرافة ، ومن كلّ تبعيّة تصدّه عن رسالته في الحياة ، وإطلاق طاقاته ليجتهد ويبدع ، ويقوم بحقّ الخلافة في الأرض ، وفق المَنهج الذي ارتضاه الله له .
14 ـ التربية على الاعتزاز بالحقّ ، والثبات عليه ، وإعلاء قيمه ، وإهدار قيم الجاهليّة وتصوّراتها ، وإعدَاد القوّة لنصرة الحقّ والتضحية في سبيله .
وختاماً ؛ فإنّه لا يصلح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها .. وما صلح أوّلها .. إلاّ بالقيام النبويّ على تحقيق المَنهج الربّانيّ بحقائقه الكبرى ومعالمِه ، التي كانت هي القاعدة التي قامت عليها الدولة الإسلاميّة من عهد الخلفاء الراشدين ، ثم ما بعدها من الدول عبر التاريخ الإسلاميّ ، وبنسب من الالتزام بذلك متفاوتة .
ولا ريب أنّ هذه الحقائق الكبرى هي المِيزان العدل لوزن أعمالنا الدعويّة والتربويّة ، وتقويم مسارها ، ومعرفة مدى نجاحها ، لتحقيق أهدافها المَرجوّة . والله تعالى وليّ التوفيق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل . وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمِين

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.