أعظم أيام الدنيا

كتب بواسطة الشيخ بلال الزعتر

(وَٱلۡفَجۡرِ ١ وَلَيَالٍ عَشۡرٖ ٢ وَٱلشَّفۡعِ وَٱلۡوَتۡرِ ٣ وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ ٤ هَلۡ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٞ لِّذِي حِجۡرٍ ) [الفجر:١-٥].

قَسَمٌ قرآنيٌّ عظيم شرَّف الله به تلك الليالي العشر بشَفْعها ووترها، تتبعها أيامٌ عشر تهوي بها أفئدة الناس إلى البيت العتيق، يعيشون لحظاتٍ سار بها أبُو الأنبياء إبراهيم عليه السلام في فِجاج مِنى مصطحبًا فِلْذة كَبِده وقرَّة عينه النبيَّ الصابر إسماعيل عليه السلام؛ أبٌ وابنٌ أسلما واستسلما محبَّيْن طائعَيْن (قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ) [الصافات:١٠٢].

كان ذلك في العشر الأُول من ذي الحِجَّة، وقد فدى اللهُ عبدَه إبراهيمَ بكَبشٍ أنزله من السماء، وكان قد أضجع ولده وحطَّ السِّكِّين يَحُزُّ بها عُنقَه ! كذلك الإسلام – حقًّا – يا إبراهيم.

عَشْرٌ مباركةٌ أحيى الله بها قلوب المؤمنين إلى يوم القيامة: حجٌّ على خُطا الخليل، وأخذٌ للمناسك عن رسول الإسلام؛ محيي مِلَّة إبراهيم عليهما الصلاة والسَّلام، وصيامٌ لليوم الأعظم – شبيهِ يوم الحشر – عرفةَ، بل الإكثار من الصيام في الأيام التسعةمختتمة بيوم عرفة المعظم، وصلاةٌ جامعةٌ للحجَّاج في شتَّى المناسك، وهدايا في يوم النَّحر هي من أزكى الأنعام لفقراء الحرم، والمسلمون – في العالَم – يرجون لحاقًا بالحجَّاج؛ يقدِّمون أُضحياتِهم صدقات، رجاءَ ألَّا يُحرَم بذلك فقيرٌ من إطعام، وألسنةٌ تلهجُ بالذِّكر ليل نهار، وأكفٌّ مرفوعة بالدعاء، وقلوبٌ ضارعةٌ ترجو القَبول.

أُمّات العبادة قد اجتمعت كلُّها في أيام العشر، فكيف تكون أيامٌ أعظمَ منها ؟! «ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه العَشَرة، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ» [رواه البخاري]، «ما مِن أيَّامٍ أَعظَمَ عِندَ اللهِ، ولا أَحَبَّ إلَيهِ مِنَ العملِ فيهِنَّ مِن هذِه الأَيَّامِ العَشرِ؛ فأَكثِرُوا فيهِنَّ مِنَ التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ» [رواه أحمد بسند صحيح].

*(اللهُ أكبر.. اللهُ أكبر.. اللهُ أكبر.. لا إلٰه إلا الله، اللهُ أكبر.. اللهُ أكبر.. ولله الحمد)*.

المصدر : موقع مجلة إشراقات

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.