جدل واسع حول مزاعم لرجل مافيا

برز اسم “سادات بكر” بشكل قوى في الداخل التركي منذ أسابيع، حيث سبب حالة واسعة من الجدل في الأوساط السياسية والشعبية التركية. وفي الحقيقة، فإن “بكر” هو من الأسماء المعروفة منذ زمن، وقد اشتهر عنه أنه أحد أبرز زعماء المافيا في تركيا. وكانت الشرطة التركية قد ألقت القبض عليه عدة مرات في التسعينات بتهمة إنشاء منظمة إجرامية. كما أنه في عام 2005 ، حكم عليه بالسجن لمدة 14 سنة.[84]

لكن في المقابل، فإن لزعيم المافيا التركي وجهًا آخر طل من خلاله على الشارع التركي، حيث كان يمارس حتى وقت قريب أنشطة سياسية واجتماعية بشكل علني داخل تركيا، بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك، وصنفه على أنه مقرب من حزب الحركة القومية، وداعم لحزب العدالة والتنمية، الحزبان اللذان يشكلان التحالف الحاكم في البلاد في السنوات الأخيرة.

الجدل الذي سببه “بكر” طيلة الأسابيع الماضية جاء بسبب ما يصفه بـ”المعلومات”، التي تحدث عنها من مقر إقامته الجديد في الإمارات، في سلسلة فيديوهات مصورة، والتي استهدف فيها أطرافًا عدة داخل الحكومات التركية، ومسؤولين حكوميين وحزبيين، على رأسهم وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو وجهات إعلامية مثل “مجموعة البجع”، أو كما تسمى باللغة التركية “مجموعة بليكان” المقربة من حزب “العدالة والتنمية”.

وشملت الشخصيات المستهدفة كذلك، بيرات البيرق، وزير المالية السابق، وصهر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأيضًا ووزير الداخلية الأسبق محمد أغار ونجله النائب في حزب العدالة والتنمية. وتنوعت الاتهامات التي وجهها زعيم المافيا لهؤلاء المسؤولين، ما بين التورط في تهريب مخدرات وعمليات فساد وجرائم قتل غامضة.[

وهنا تبرز عدة أسئلة حول دوافع بكر للسفر خارج تركيا، واستهداف المسؤولين الأتراك بهذه الطريقة الشعبوية، وحول مدى صحة التفاصيل التي تحدث عنها رجل المافيا الشهير. يقول “بكر” نفسه أن الذي دفعه للحديث هو زعمه أن قوات الأمن التركية تعاملت بشدة مع أهل بيته، حين قدموا لتفتيش بيته مؤخرًا، قائلًا: “سأهدم العالم من أجل دمعة ابنتي”.

لكن في المقابل، فإن وزير الداخلية التركي يقود حملة غير مسبوقة خلال الأشهر الأخيرة لتحجيم المافيا التركية، من ذلك أن قوات الأمن التركية نفذت حملة أمنية واسعة ضد “شبكة للجريمة المنظمة” يقودها سادات بكر، جرى فيها اعتقال عشرات من أتباع بيكار وضبط أسلحة ومحظورات، كما تم اقتحام وتفتيش منزل ومكاتب بكر في إسطنبول، وذلك قبل أن يخرج الأخير بفديوهاته التي أحدثت ضجة واسعة. وعلى ذلك، فإن البعض يرى أن تحرك زعيم المافيا أتى كرد فعل على القرار الحكومي بتحجيم نشاطاته.

وفي المقابل، فإن كون محل إقامة “بكر” حاليًا هي الإمارات جعل البعض يتحدث عن أن ثمة تدخل ما من الخارج في الأمر. حيث من المعروف أن الإمارات هي أحد الدول المنافحة لتركيا في الإقليم، وقد انخرطت ضد أنقرة في عدد من الملفات، أبرزها محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.

وبخصوص صحة المعلومات التي ذكرها “بكر”، فإن الحكومة التركية ترفضها بشكل تام، حيث ظهر وزير الداخلية في لقاءين مختلفين نفى فيهما مزاعم رجل المافيا الهارب، قائلًا إن “جميع الادعاءات التي يسوقها بكر هراء، وهي عبارة عن حلقة منظمة تستهدف تركيا، وكلها ادعاءات لا صحة لها”. لكن رغم ذلك، لم يدخل “صويلو” في تفاصيل الأحداث التي تكلم عنها “بكر”، مبديًا استعداده لكشف كل التفاصيل، لكن أمام جهات التحقيق.

وفي الحقيقة، فإن الحكومة التركية ليست وحدها التي ترفض ادعاءات بكر، فقد نفى كذلك زعيم حزب المستقبل المعارض، ورئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو، أحد أخطر الاتهامات التي ذكرها بكر عبر فيديوهاته، وهي أن الحكومة التركية نقلت شحنات أسلحة إلى جبهة النصرة في سوريا. ما يضيف سببًا آخر يشكك في صحة مزاعم رجل المافيا.

افتتاح مسجد تقسيم..

شهد شهر مايو/ أيار الماضي، افتتاح مسجد تقسيم، الذي بدأ العمل على إنشائه عام 2017، في ميدان تقسيم الشهير بتركيا، الذي يعد من أبرز المعالم السياحية في تركيا، وقلعة من قلاع العلمانية كذلك. ولهذا، فإن افتتاح مسجد في هذا الميدان يعد حدثًا تاريخيًا، لرمزيته المهمة، وللامتداد التاريخي الذي صاحب قرار بناء هذا المسجد.

ففي عام 1994 ظهر أردوغان في مقطع فيديو حين كان رئيسًا لبلدية اسطنبول، وهو يجري لقاء صحفيًا من على سطح إحدى البنايات قرب ميدان تقسيم وسط إسطنبول، وقبل نهاية اللقاء أشر بيده تجاه إحدى زوايا الميدان قائلًا للصحفيين: “سأبني مسجدًا هناك. لكن الحلم ببناء المسجد واجه صعوبات كثيرة بسبب رفض المؤسسات حينها بناء المسجد، حيث رأوا أن وجود مسجد في هذا المكان سيسلب الهوية العلمانية للميدان الذي يحتوي على نصب تاريخي ضخم لمؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، ومركز “أتاتورك” الثقافي.

كما أن فكرة بناء المسجد آنذاك تعرضت لسخرية الكثيرين من التيار العلماني الكمالي، من باب أن ذلك “أحلام غير واقعية”. وقد عملت جهات مختلفة من خلال وزارة الثقافة والجمعيات والنقابات وبتساهل من القضاء التركي على إفشال عشرات المحاولات لبناء المسجد، وأصدر القضاء أكثر من مرة قرارات تمنع بناء المسجد وتحظر أي عمل في هذا الاتجاه، وسيقت العديد من المبررات لمنع هذا المشروع منها ما يتعلق بأسس الجمهورية والعلمانية والسياحة والثقافة والتاريخ والآثار وغيرها.

لذلك، فإن الوصول بناء هذا المسجد وافتتاحه، بعد عقود من النضال السياسي والقانوني، يعد انتصارًا للمحافظين الأتراك. كما أنه في افتتاحه إشارة على حجم التغيير الذي أنجزته حكومات حزب العدالة والتنمية المتعددة، على أصعدة سياسية واجتماعية عدة في تركيا.

اكتشاف جديد للغاز

أوائل شهر يونيو/ حزيران الجاري، أعلن الرئيس أردوغان، اكتشاف 135 مليار متر مكعب إضافي من الغاز الطبيعي قبالة السواحل التركية في البحر الأسود. وبذلك يبلغ إجمالي احتياطي الغاز المكتشف في موقع “أماسرا-1” بحقل صقاريا، 540 مليار متر مكعب.

وقد صرح وزير الطاقة التركي فاتح دونماز، أن تركيا تتوقع إنتاج ما بين 15 و20 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي من حقل التنقيب عن الغاز الذي أعلنت عنه في البحر الأسود، مضيفًا أن الحكومة وضعت خطة تشغيل مدتها 25 عاما للحقل، وأن متوسط الإنتاج يقدر ما بين 15 إلى 20 مليار متر مكعب كل عام

وحول الفائدة التي تعود الدولة التركية من اكتشافات الغاز الأخيرة بشكل عام، أوضح تقرير لشركة “وود ماكنزي” للدراسات والاستشارات، أن هذه الاكتشافات تكفي لسد حاجة تركيا من الطاقة لمدة 12 عامًاـ وأنها تعزز من قوة تركيا خلال مفاوضات توريد الغاز الطبيعي عبر الأنابيب مع كل من روسيا وإيران وأذربيجان.

من جهة أخرى، تتهم المعارضة التركية الحكومة والحزب الحاكم بالقيام بعملية دعائية كبيرة جدًا من خلال تضخيم اخبار اكتشافات الغاز والبترول لأهداف انتخابية. وبالفعل، فإن الرئيس التركي غالبًا ما يربط الإعلان عن اكتشافات الغاز الجديدة، بحملات دعائية تعتبر الاكتشافات المتتالية بشريات للشعب التركي

إلا أن ذلك في نهاية الأمر لا ينفي حق الحكومة في عمل مثل هذه الدعايات وحملات التعريف بإنجازاتها، خصوصًا وأن الاكتشافات قد سُبقت ببناء أسطول كبير للتنقيب بإمكانيات تركية وطنية، والقيام بعمليات تنقيب واسعة في البحر الأسود وشرق المتوسط، وكل ذلك التطور تم في عهد الحزب الحاكم.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.