أحوال تركية مايو – يونيو2021 :محور مصر

بعد أن زار وفد دبلوماسي تركي برئاسة سادات أونال نائب وزير الخارجية، العاصمة المصرية القاهرة، والتقى بنظيره المصري السفير حمدي سند لوزا، أخذ الطرفان مهلة لتقييم نتائج اللقاء الأول، والبناء على نتائجه، وربما طال أمد تحديد اللقاء الثاني نوعًا ما. لكن في العموم، كانت الإشارات الصادرة من الجانبين إيجابية إلى وقت قريب.

فمن الجانب المصري، قل بشكل كبير هجوم وسائل الإعلام المصرية، خاصة المرئية، على تركيا وقيادتها. كذلك توصل الجانبان المصري والتركي إلى تفاهم بخصوص إبقاء معبر رفح الحدودي مفتوحًا أمام إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

ومن الجانب التركي، صرح الرئيس، رجب طيب أردوغان، أن “هناك إمكانيات وفرص تعاون كبيرة بين بلاده ومصر في منطقة واسعة بدءًا من شرقي المتوسط وحتى ليبيا”، وأضاف: “أعرف الشعب المصري جيدًا، وأكنّ له المحبة، ولا شك أنّ البعد الثقافي لروابطنا قوي جدًا، لذلك نحن مصممون على بدء هذا المسار من جديد”.

كذلك صرح المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك، بأن بلاده تتبنى نهجًا إيجابيًا إزاء المباحثات المتواصلة مع مصر حول عدة قضايا بينها العلاقات الثنائية، وليبيا، والبحر المتوسط هذا بالإضافة إلى توقع من وزير الخارجية، مولود تشاووش أوغلو، أن يكون هناك تبادلًا للسفيرين بين أنقرة والقاهرة خلال الفترة المقبلة

لكن برزت أكثر من إشارة خلال الأيام القليلة الماضية، أعادت الحديث حول احتمالية تدهور العلاقات وانهيار المحادثات. بدأت هذه الإشارات، عندما أرسلت تركيا وفدًا موسعًا إلى ليبيا بشكل مفاجئ منذ حوالي أسبوعين، حيث انتقد أحد أقرب الإعلاميين للنظام المصري الزيارة بشدة، وتعدّى لانتقاد الدور التركي في ليبيا بشكل عام. والإشارة الثانية، كانت مقالًا شديد اللهجة لياسين أقطاي مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، انتقد فيه أحكام الإعدام الصادرة في قضية مجزرة “اعتصام رابعة”، واعتبر فيه أن هذه الإعدامات صدرت بدافع الانتقام وتصفية المعارضين السياسيين.

ثم تبعه أقطاي بمقال آخر قال فيه إنه “لسوء الحظ ومنذ البداية، تنعكس رسائل حسن النية من تركيا حول العلاقات التركية-المصرية، وحتى العلاقات التركية-السعودية بطريقة تصور تركيا وكأنها استسلمت في نهاية المطاف للأنظمة العربية الاستبدادية وتخلت عن كل مبادئها”. وأكد أقطاي في مقاله على “استحالة” أن تسلم تركيا شخصيات لجأت إليها. وقد نال مقالي أقطاي هجومًا من بعض إعلاميي النظام المصري.

أما الإشارة السلبية الثالثة، فقد كانت استمرار الإعلاميين المصريين المقيمين بتركيا، والذين طالب النظام المصري بوقف برامجهم، في الظهور الإعلامي سواء عبر القنوات التلفزيونية أم مواقع التواصل الاجتماعي. وقد أشار لذلك وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في لقاء له مع أحد القنوات الخاصة المصرية، حين قال إن استمرار القنوات الفضائية المعارضة في تركيا يجعل الأمر أكثر صعوبة فيما يتعلق بعودة العلاقات.

لكن مؤخرًا، طلبت السلطات التركية من بعض الإعلاميين المصريين البارزين التوقف عن نشاطهم الإعلامي من داخل تركيا بشكل كامل وبالطبع، فإن خطوة كهذه سيكون لها مردود إيجابي لدى النظام المصري، ما يعني أن الأيام القادمة قد تشهد تحديد جولة ثانية من المباحثات بين الطرفين.

ومن مجمل إشارات تركيا تجاه مصر حتى الآن، الإيجابية والسلبية منها، يتضح أن أنقرة لا ترغب في أن تذهب بعيدًا في التماهي مع مطالب النظام المصري، وهي في سبيل ذلك، تأخرت في تلبية الطلب الأول للنظام، الخاص بوقف بعض الإعلاميين من الظهور. كما أن الإشارات ذاتها تؤكد النية التركية على الاستمرار في مسار تحسين العلاقات مع مصر.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.