هل نال العام الدراسيّ 2021 مرتبة النجاح في لبنان؟!

كتب بواسطة ميمونة شرقية

مع إعلان وزير التربية والتعليم في لبنان انتهاء العام الدراسي في 30 حزيران كحد أقصى نتساءل: (هل استطاعت المؤسسات التربوية في “لبنان” اجتياز اختبار “التعلمّ عن بُعد” بما تملكه من إمكانات واستعدادات)؟!
فقد كان التعليم عن بعد هو الخيار الملزم للمؤسسات التربوية للحفاظ على السلامة العامة في جميع أنحاء العالم في ظل جائحة كورونا التي انتشرت منذ العام 2019ام.
لذا فقد اعتمدت المؤسسات التربوية (المدارس والجامعات) أنواعاً متعددة في التعلم عن بعد: منها تفاعلي مباشرباستخدام تطبيقات متنوعة، أو تعلم ذاتيّ عن طريق إرسال مواد عبر الايميل أو الواتس اب للأهل (
في المرحلة البتدائية) أو للتلميذ مباشرة في المراحل المتوسطة والثانوي والجامعي، أو الدمج بين الطريقتين. ونجد التفاوت ما بين المدارس الرسمية والخاصة.
وقد واجه المجتمع التربوي تحديات عديدة، على النحو الآتي:

تحديات متعلقة بالمتعلمين:
لم يكن الانتقال من التعلم وجهاً لوجه إلى الجلوس أمام الشاشات لساعات متتالية أمراً يسيراً على معظم الطلاب باختلاف أعمارهم، وقد تفاوت التزام الطلاب بحضور الدروس التفاعلية وذلك بحسب توفر الرغبة لديهم فضلا عن توفر الانترنت، كما أدى التعلم عن بعد إلى محدودية التواصل الاجتماعي بين التلاميذ، وصعوبة الفهم لدى المراحل الابتدائية وذوي صعوبات التعلم.

تحديات متعلقة بالأهل:
في بيئة يسودها الراحة والشعور بالحرية والقدرة على التحرر من مراقبة المدرس كان لغياب الانضباط حضور لدى الطلاب، وخاصة إن كان على الوالدين الخروج للعمل وترك الأبناء يرعى كبيرهم صغيرهم، إزاء ذلك تطلب قضاء أوقات أطول مع الأبناء وإعادة شرح العديد من الدروس التي فاتتهم، أو شرحها ابتداء في حال كانت طريقة التعلم عن بعد معتمدة على إرسال الدروس عبر الإيميل أو الروابط المتعلقة بماقع الكترونية سواء كتلك التي اعتمدتها مدارس الأنروا أو غيرها، وكل هذا يستلزم من الأهالي مهارات تكنولوجية عالية كان عليهم إما اكتسابها أو اكتسابها!!! فلا خيار أمامهم غير التعلّم أو الاستعانة بمن يقوم عنهم بتلك المهمة.
ولم يسلم الأهل بعد هذا كله من تكاليف الانترنت المرتفعة في ظل الأزمة التي تعيشها البلد منذ أكثر من عام.

تحديات متعلقة بالمعلمين:
على الرغم من أن المحتوى المقرر لهذا العام أقل مما كان عليه في السنوات الماضية بحكم أن عدد الساعات أقل والمدة الزمنية للحصة الدراسية أقل، لكن ذلك لم يخفف من الأعباء التي حملها المعلمون منها عبء التدرب على عدد من البرامج التي تعينه في عمله في وقت قياسي، ومنها إثارة الرّغبة والدافعية لدى الطلاب من خلال اختيار طرق التدريس الملائمة للمراحل التعليمية، مما يضطره للجلوس لساعات طوال أمام شاشة الحاسوب يبحث ويفتش عن المواد أو يقوم بإعدادها بنفسه، وقد يجد نفسه في موقف محرج أمام الأهل الذين يشاركون أبناءهم الحصص الدراسية، بعد قضاء وقت طويل أمام شاشات الحاسوب للبحث عن المواد المساعدة ولتقييم ما يرسله الطلاب والتواصل مع الإدارة والأهل.
ومن التحديات التي عانى منها المدرس الضغط عليه من قبل الإدارة والمنسق والأهل، هذا ولا بد من التنويه إلى أن المدرس المتميز في التعليم وجها لوجه أظهر كفاءته في التعلم عن بعد رغم كل ما واجهه من تحديات وضغط نفسي بسبب الأوضاع الاقتصادية التي أثرت سلباً على أجره.

النتائج التي حصلت أمام هذه التحديات:
لم يكن هذا العام الدراسيّ عاماً خالياً من الثغرات، على الرغم من الآثار الإيجابية التي نتجت عن التعلم عن بعد، منها ما حصل من تقارب بين الأبناء والآباء وتعلم مهارات تكنولوجية جديدة، التخفف من حمل الحقائب وضغط المناهج على الطلاب، وغياب كثير من المشاكل التي كنا نجدها في التعليم وجها لوجه، ولكن حيث أنّ المؤسسات التربوية لم تكن مؤهلة بما يكفي، وليس كل الأهالي يملكون القدرة الشرائية لاقتناء حاسوب أو هاتف أو تاب لجميع أولاده، في أوضاع اقتصادية متردية ومن سيء إلى أسوء، وسوء الانترنت وكثرة انقطاعه سواء عند المعلم أو التلميذ، وما يتحدث به الشارع اللبناني كفيل بأن يعطي الصورة الحقيقية لعدد التلاميذ الذين لم يتعلموا ولم يستفيدوا من التعلم عن بعد شيئاً.
لذا وهذا حالنا فلا يمكن الاستغناء عن التعليم وجها لوجه، لحفظ ماء وجه (العلم) في ظل مؤسسات رسمية أو خاصة غير مؤهلة لإدارة التعليم عن بُعد.
ومَعَ ما يُسجل من حالات لنجاحات العديد من المؤسسات التربوية غير أن الاستثناء لا تُبنى عليه قاعدة، ومن نجح فنجاحه بنسب متفاوتة في إيصال الأهداف.

ونسأل الله أن يرفع عنّا هذا البلاء وأن تعود العافية إلى عقول أبنائنا، ليفرح التلاميذ بختام عام دراسيّ والتأهل لعام لدراسيّ جديد بنجاح حقيقيّ!

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.