فرية بلا مرية

كتب بواسطة د. خالد عبد الفتاح

الخصومة بين البشر حقيقة واقعية قديما وحديثا.. وكل خصم يخشى من قوة الآخر.. لأن قوة الخصوم تهدد الآخرين بخسارة المعركة.. ولذلك تسعى الدول المهيمنة الى منع خصومها من امتلاك أسلحة استراتبجية تقلب المعادلات القائمة …

غير أن المعركة لم تعد متبلورة بأسلحة تقليدية بل منذ قرابة قرنين بدأت المعارك الفكرية والغزو الثقافي ثم تمظهر هذا الغزو نهاية القرن العشرين بالعولمة …
والعالم الغربي وفكره الليبرالي طحن خصومه جميعا الا خصما واحدا هو الإسلام …الذي يملك قوة ذاتية تجعله في أشد أوقات ضعف أتباعه يقوم بشن الغارات على أعدائه …

وحين رأى الغرب ذلك عمد الى فكفكة المحاور التي يعمل لهدمها ووجد أن الإسلام العبادي والروحاني لا يهدده غير أن أخطر ما يمكن ان يهدد هيمنته ويسحب ذرائع سيطرته هو الإسلام الحاكم ..الإسلام الموجه …الإسلام الشمولي …الإسلام السياسي …ولذلك بدأ وعملاؤه الداخليون بتجزئة الإسلام معتبرين أن الإسلام السياسي هو إرهاب وتطرف …
ولم يكن هذا التوصيف مستغربا من الأعداء ..فهم في النهاية أعداء ..ولكن ما يؤلم القلب ان يصبح في المسلمين من يعتبر ان العمل السياسي ليس من الدين وأنه لا بد ان لا يتكلم حملة الدين الا بالطهارات والعبادات …

هذه فرية بلا مرية …

لا قيمة لأي منظومة فكرية اذا لم تكن حاكمة أو صالحة للحكم …

والقرآن مليء بالآيات التي تتعلق بالأمور والمبادئ السياسية …

وفصل الدين عن الحياة يفقد الحياة غايتها ويصبح الناس كالأنعام …

وما يصنعه السياسي المسلم المتنفذ أو الحاكم في يوم واحد ، قد يحتاج الدعاة عشر سنوات ليصنعوا نثله ..

وفرق ما بين مكة والمدينة هو نفسه الفرق بين ان تكون محكوما أو أن تكون حاكما …

وإقصاء الجانب السياسي من الإسلام هو مقدمة لما بدأوا بالعمل عليه منذ سنوات ، بإقصاء الجانب الاجتماعي من الإسلام ، بحيث لا يهنأ لمنظمة سيداو البال قبل ان ترى نساء المسلمين يمارسن الفاحشة ويحبلن بالحرام ويجهضن ما في أرحامهن دون وجود أي سلطة عليهن او شعور بتأنيب الضمير …

ديننا كامل شامل …لا يقبل أنصاف الحلول …(قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون )
(أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض )…
الذي أمر بالصلاة هو نفسه الذي أمر بالشورى في الحكم …
والذي أمر بالصيام هو نفسه الذي أمر بالعزة والكرامة والسيادة والعلو في الأرض …
والذي نهى عن الشرك هو نفسه الذي نهى عن موالاة غير المسلمين وعن العمالة لهم وخدمة مصالحهم …

الإسلام هو الإسلام …تبدأ أحكامه من دخول بيت الخلاء ولا تنتهي عند دخول قصر الحكم ..

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.