إندبندنت: بعد عامين على مذبحة كرايست تشيرش.. الناجون يعيدون بناء حياتهم

تحل في الـ15 من الشهر الجاري الذكرى الثانية لمذبحة المسجدين في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية التي أودت بحياة 51 شخصا، في حين لا يزال الناجون وذوو الضحايا يبحثون عن سبيل لطي هذه الصفحة المؤلمة وتحقيق نوع من السلم الداخلي.

بهذه العبارات افتتحت صحيفة “إندبندنت” (Independent) البريطانية تقريرا لها عن المجزرة، مؤكدة أن السلم -بالنسبة للبعض ممن شهدوا هول الفاجعة- لم يتحقق سوى مؤخرا بعد أن حُكم على الإرهابي منفذ الجريمة برينتون تارانت بالسجن المؤبد في أغسطس/آب الماضي، في حين ازدادت الحياة صعوبة بالنسبة لآخرين مع مرور الشهور.

وتقول جنى عزت -وهي سيدة عراقية فقدت ابنها ذا الـ35 عاما في المجزرة- إنها عانت طويلا بعد الحادثة وتحولت إلى ما يشبه “الهيكل العظمي” بسبب فقدانها وزنا كبيرا، كما استعانت بشتى أنواع المهدئات والأدوية المضادة للقلق والاكتئاب والحبوب المنومة من أجل تجاوز أزمتها النفسية، لكنها الآن في تحسن.

وفي أعقاب الهجوم، تحولت عزت إلى ناشطة ومؤيدة متحمسة لحزب العمل النيوزيلندي متأثرة بأداء وطريقة إدارة رئيسة الوزراء العمالية جاسيندا أرديرن لما بعد المجزرة، لكنها تعترف أنه لا يزال أمام نيوزيلندا بذل الكثير لمعالجة جذور العنصرية.

وتروي عزت كيف أن إحدى السيدات قالت لها ولابنتها آية -بينما كانتا تتبضعان وتتحدثان باللغة العربية في أحد مراكز التسوق بالمدينة في وقت سابق هذا العام- “غادرن بلدنا”، ثم سألتها “هل ابنتك ولدت وترعرعت في نيوزيلندا؟”، فأجابتها عزت “نعم.. نحن من الكيوي (عبارة تستعمل للدلالة على مواطني البلد).. وهذه بلدنا”.

وسيم الساطي -وهو حلاق أردني أطلق عليه وعلى ابنته الإرهابي برينتون تارانت النار عدة مرات بمسجد النور- يؤكد هو أيضا أنه عانى بعد المذبحة، ولا يزال يعاني في وطنه الجديد نيوزيلندا.

أصيبت ابنته ذات السنوات الأربع بجروح خطيرة جراء إطلاق النار، ولم تستطع الرؤية أو الكلام في أعقاب الهجمات، كما لا يزال جزء من دماغها متضررا حتى الآن، وقد أجرى الساطي خلال العامين الماضيين 11 عملية جراحية، في حين أجرت ابنته 16 عملية.

كفاح وألم
بعد الهجوم، فقد الساطي وظيفته بسبب اضطراره للتفرغ من أجل تقديم الرعاية اللازمة لابنته، لكنه افتتح منذ ذلك الحين محل حلاقة صغيرا خاصا به في شاحنة متنقلة، وهو الآن بصدد افتتاح شاحنة ثانية، ورغم هذا التوسع الظاهر فإنه يؤكد أنه يكافح ولا يستطيع أن يشتغل أيام عمل كاملة بسبب إصابته.

ويضيف “أحاول أن أقف وأقصّر شعر الزبائن وفجأة تفشل ساقي وأسقط، إنه أمر مؤلم. يطلب مني أطبائي دائما ألا أعمل وأن أحتفظ بالعكاز معي، لكنني سئمت من ذلك، أريد أن أفعل أي شيء آخر غير مجرد التقلب في الألم”.

يكافح الساطي أيضا للحفاظ على وضعه من الناحية المالية، ويؤكد أن استفادته من دعم مؤسسة التعويضات عن الحوادث في نيوزيلندا لم يكن كافيا، كما أن تبرعات دعم ضحايا المجزرة من جميع أنحاء العالم -والتي بلغت 50 ألف دولار له ومثلها لابنته- في طريقها للنفاد.

كما لا يعتقد الساطي أن نيوزيلندا قد عالجت فعليا مشاكلها مع قضايا الاندماج والمساواة بين جميع مواطنيها، قائلا إنه “شعر بالخيبة” من مواقف تعرض لها في وقت سابق هذا العام، وذلك حينما ظهر عناصر شرطة أمام شاحنته الخاصة به وسألوه ما إذا كانت له صلات بتنظيم “داعش” (تنظيم الدولة الإسلامية).

جاء ذلك بعد أن نشر صورة له على حسابه في فيسبوك يحمل فيها علما أحمر كتبت عليه عبارة الشهادة، احتفاءً بقرار السلطات التركية العام الماضي تحويل كنيسة آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد. وقد رفضت شرطة مدينة كرايستشيرش التعليق على هذه الواقعة.

المصدر : إندبندنت

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.