لكي لاننسى ..كيف مهدت عائلة روتشيلد الصهيونية الطريق لاحتلال فلسطين والمغرب

ما إن يذكر اسم عائلة «روتشيلد» الصهيونية الثرية والمتطرفة، حتى يستحضر دورها القذر في إنشاء “دولة إسرائيل” على أرض فلسطين عبر مساهمتها المتنفذة وضلوعها الأكيد والموثق في استصدار «وعد بلفور» وما أسفر عنه من إقامة الكيان الصهيونية فوق الأراضي الفلسطينية.

وجسد وعود بلفور ضلوع مثلث التحالف الشرير بين الإمبريالية العالمية ممثلة ببريطانيا (وبموافقة باقي الأطراف الإمبريالية) وبين الصهيونية العالمية التي تشمل الرأسمالية اليهودية ممثلة باللورد ” روتشيلد ” الذي تواصل عائلته إلى اليوم تقديم الدعم المالي والسياسي لإسرائيل مستغلة نفوذها القوي وثروتها الهائلة حيث يمتلك أفرادها نصف ثروة العالم، بل ويقومون بإقراض الحكومات والدول أيضًا .

عائلة روتشيلد التي أصبحت أشهر من نار على علم عبر اشتغالها في مجال البنوك والأعمال المصرفية كان شعارها منذ القدم “فلنشعل الحروب..ونجني الملايين” شعار دفعها لتشجيع فرنسا على احتلال المغرب للبحث عن موطئ قدم لنهب البلاد عبر أحد أذرعها المصرفية وهو بنك باريبا الذي أسسته أسرة روتشلد سنة 1848 .

ولفهم مسار عائلة روتشيلد الصهيونية الطويل في تسهيل مؤمورية احتلال المغرب يجدر بنا التوقف عند فترة زمنية مهمة وهي الفترة مابين سنتي 1880 و1895، والتي عرفت وقوع ”أزمة فائض الإنتاج”، التي شلت الاقتصاد الأوربي وأدت إلى انكماش فرص الاستثمار داخل القارة العجوز، وهي الأحداث التي استغلها بنك العائلة روتشيلد “بّاريبا”، لدفع الحكومة الفرنسية إلى إيجاد أسواق جديدة، بنهج سياسة استعمارية، ضامنها الاستفادة من التجارب الإمبريالية الأولى وبما أن المغرب لم يكن بعدُ مستعمرا، فقد أسالت ثرواته وما قد يمثله من مجال حيوي للاستثمار لعاب رجال الأعمال الأوربيين، خاصة منهم الفرنسيين.

وانطلق اللعبة القذرة في البداية عبر إغراق المغرب في المديونية حيث ومع سنة 1902 ، اشتدت الأزمة المالية والاقتصادية في المغرب، حينما غذت الخزينة المخزنية خاوية على عروشها، نتيجة لارتفاع المصاريف في عهد المولى عبد العزيز (مصاريف الجيش، التعويضات المالية للأجانب، مصاريف القصر)… مقابل تراجع المداخيل، بسبب إلغاء الضرائب التقليدية، كالزكاة والأعشار والنايبة، وتعويضها بالضريبة الحديثة المعروفة باسم “ضريبة الترتيب”، والتي سعت الدول الأوربية إلى فرضها على المغرب منذ 1901، ولم يصادق عليها إلا سنة 1903 ونتيجةً لهذه الأسباب الظاهرة وغيرها مما خفي، أُجبر المولى عبد العزيز على تدشين مسلسل الديون المغربية، حينما أضحت مكانة المؤسسات البنكية في عهده أرفع مقاما وأكثر أهمية من الديبلوماسية والمؤسسات الصناعية وهنا سيظهر الدور الخبيث لبنك عائلة روتشلد.

وبتاريخ 29 يناير 1904، تقدمت الحكومة المغربية بطلب قرض من الحكومة الفرنسية، تسلمه النائب الفرنسي في طنجة من خليفة النائب السلطاني في المدينة ذاتها، الحاج عبد الرحمن بنيس، وهو عبارة عن رسالة شخصية من المولى عبد العزيز يطلب فيها قرضا جديدا. وقد ترأست “بّاريبا” المفاوضات، التي كُلف بها اتحاد الأبناك الفرنسية (Consortium) لمحاورة الحكومة المغربية بخصوص طلب القرض، إذ طالت مجريات هذه المفاوضات، وعمدت خلالها “بّاريبا” إلى نهج شتى أساليب الضغط والمراوغة، بالإضافة إلى رشوة البعض من أعضاء المخزن المغربي، لتسفر عن إبرام اتفاق في فاس بتاريخ 12 يونيو 1904. وقد وقع من الجانب المغربي وزير الخارجية، عبد الكريم بن سليمان، ووزير المالية، محمد بن عبد الكريم التازي، ومن الجانب الفرنسي ممثل بنك بّاريبا (Georges Langaussiano) نيابة عن اتحاد الأبناك الفرنسية.

وكان مفاد الاتفاق أن يُمنح للمخزن العزيزي قرضٌ قدْره ستون مليونا وخمسمائة فرنك، لم يتسلم منه فعليا إلا عشرين مليونا وخمسمائة ألف فرنك، إلى جانب شروط مجحفة لم تخدم في مضمونها سوى مصالح بنك عائلة روتشلد “بّاريبا”، وجعلت المغرب أكثر قابلية للاستعمار الفرنسي.

يذكر أن بنك باريبا يعد حاليا من أكبر المصارف الأوروبية وله فروع في 75 دولة، ومدرج في مؤشر يورونكست باريس وفي مؤشر باريس بورصة باريس المعروف بـ”كاك 40″، وبلغ صافي أرباحه في العام 2016 نحو 7.7 مليارات يورو سنويا (8.2 مليارات دولار)، ويبلغ عدد موظفيه 189 ألفا.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.