وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ )

ما الحكمة من تأخر نصر المسلمين حيث نراهم مشردين مأسورين مقتولين معذبين في بلاد كثيرة ؟ و ما الحكمة من تأخر إجابة دعاء الملايين من المسلمين في الحرم و في السحر و في كل مواطن استجابة الدعاء؟

يا بني الله لا يحابي أحدا من عباده ، و الدعاء بالنصر لابد من أن يُتْبَع بالأخذ بأسباب النصر .

يا بني ما نحن فيه هو بسبب تركنا لشرع الله تعالى في أنفسنا ومجتمعاتنا ودولنا ، قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) ، يا بني ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) ، و لكنا لم ننصر الله تعالى فكيف سينصرنا ؟ .

 

و ما نحن فيه يا بني إنما هو بما كسبت أيدينا ،

( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) ، انظر يا بني لحال المسلمين اليوم و ركونهم للدنيا و تفريطهم في عقيدتهم و عباداتهم ، و ما وقعوا فيه من البدع و المنكرات ، و قل من يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ، و تركهم الجهاد و الحكم بشرع الله.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» .

 

و قال رسول الله ﷺ : ( إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ لاَ ينزعُهُ حتَّى ترجعوا إلى دينِكُم < أي إلى الجهاد > ) صحيح أبي داود

 

يا بني ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) فلا سبيل يا بني لرفع الذل و الهوان إلا بالرجوع لديننا كما ارتضاه الله لنا و للجهاد.

 

و كما اتفقنا يا بني أن من سنن الله في كونه هو تسبيب الأسباب ، و أن من أخذ بالأسباب وصل للنتائج ، و الله جعل للنصر أسبابا ، و أخبرنا بها و هي << القوة >>: ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ )

 

و قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسير << القوة >> : ( أي : كل ما تقدرون عليه ، من القوة العقلية والبدنية ، وأنواع الأسلحة ونحو ذلك ، مما يعين على قتالهم . فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع ، والرشاشات ، والبنادق ، والطيارات الجوية ، والمراكب البرية والبحرية ، والقلاع ، والخنادق ، وآلات الدفاع ، والرأي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم ، وتعلم الرمي ، والشجاعة والتدبير .

 

لا تحزن يا بني و ابدأ بنفسك و بمن حولك ، دع المعاصي لأنها سبب الخذلان و اصلح نفسك ، و ادع من حولك ليرجعوا إلى ربهم و ينصروه فينصرهم ،

( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) ، وقال تعالى أيضاً: ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) .

 

و ابشر يا بني :

فقد قال النبي ﷺ : (ليبلغَنَّ هذا الأمرُ ما بلغ الليلُ والنهارُ ولا يتركُ اللهُ بيتَ مدرٍ ولا وبرٍ إلا أدخله اللهُ هذا الدينَ بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليلٍ عزًّا يعزُّ اللهُ به الإسلامَ وأهلَه وذلًّا يذلُّ اللهُ به الكفرَ ) رواه أحمد

 

و بشرنا النبي ﷺ بالنصر، فقَالَ ﷺ : (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ)،

و سيتلو ذلك أن يملأ العدل الأرض و يختفي الظلم

قال رسول الله ﷺ ( لا تذهبُ – أو لا تَنقضي – الدُّنيا حتَّى يملِكَ العربَ رجلٌ من أَهْلِ بيتي ، يواطئُ اسمُهُ اسمي ، واسمُ أبيهِ اسمُ أبي يملأُ الأرضَ قِسطًا وعدلًا ، كما ملئت ظُلمًا وجَورًا ) . حسن صحيح

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.