كورونا” يتسلل لمعقل القيادة الفلسطينية بإصابتين.. و”التنفيذية” تنهي العزل الاحترازي لأعضائها

أثارت عملية الكشف عن إصابة اثنين من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أعلى هيئة قيادية فلسطينية، بفيروس “كورونا”، العديد من التساؤلات، حول كيفية وصول الفيروس لهما، فيما جرى إنهاء العزل الصحي الاحترازي لأعضاء اللجنة التنفيذية، بعد تيقن عدم إصابتهم بالفيروس، بحكم المخالطة مع زميليهم الدكتور صائب عريقات والدكتورة حنان عشراوي.

ولم تكشف الجهات المختصة الفلسطينية، بشكل علني، عن شكل “الخارطة الوبائية” التي وصل من خلالها فيروس “كورونا” للدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الذي أعلن بشكل رسمي يوم التاسع من الشهر الجاري إصابته بالفيروس، ليتبعه في اليوم التالي الإعلان عن إصابة الدكتورة حنان عشراوي مسؤولة دائرة الدبلوماسية والسياسات العامة.

لكن وفق العمل الصحي الذي يحاط غالبا بالسرية في تتبع الخارطة، من المؤكد أن تكون دائرة الطب الوقائي في وزارة الصحة قد تتبعت خارطة المخالطين، سواء قبل أو بعد الكشف عن إصابتهم بالفيروس، لمعرفة الطريق الذي سلكه الفيروس حتى وصوله إلى حصن اللجنة التنفيذية.

وبقيت بسبب ذلك كل الاحتمالات قائمة، حول كيفية وصول الفيروس لهذين القياديين، لكن وبالرجوع للوقائع على الأرض، يستبعد أن يكون الفيروس قد وصل لهم عن طريق أسرهم، خاصة وأنه لم يعلن عن إصابة أحد من عائلة الدكتور عريقات على الأقل بالفيروس، وقد دلل على ذلك بقاؤه في منزله لتلقي العلاج، بإشراف ابنته الدكتورة دلال، التي طمأنت الجمهور على صحته، كما يستبعد أن يكون الفيروس وصل إليهم عن طريق أحد موظفي منظمة التحرير، خلال المخالطة به داخل مبنى المنظمة بمدينة رام الله، حيث يؤكد ذلك عدم قيام الجهات المختصة بإغلاق المبنى كما حصل في شهر أغسطس الماضي، وعلى غرار ما تقوم به الجهات الحكومية عند اكتشاف إصابات في صفوف أحد موظفيها.

وهنا أيضا يمكن استبعاد نظرية وصول الفيروس إليهم عن طريق دبلوماسيين أجانب، حيث أن عريقات وعشراوي كثيرا الاجتماعات بحكم عملهم مع الدبلوماسيين، للتباحث معهم في آخر التطورات السياسية، وذلك لأن القياديين الفلسطينيين لم يلتقيا شخصا واحدا بشكل ثنائي أو منفرد، خلال الأيام التي سبقت إصابتهم.

وكان عريقات ظهر في آخر لقاء له مع دبلوماسي أجنبي، يوم الخامس من الشهر الجاري، عندما التقى بالسفير الصيني قوة وي، فيما ظهرت عشراوي في آخر لقاءاتها السياسية مع الدبلوماسيين الأجانب، يوم السادس من الشهر الجاري مع القنصل الإسباني العام إجناثيو جارثيا- فالديكاساس، وبحثا معهما آخر المستجدات السياسية في فلسطين والمنطقة، والتطورات على الأرض.

ويمكن التكهن أن احتمالية الإصابة بالفيروس راجعة لاختلاطهم بساسة آخرين التقوهم ولم تكشف إصابتهم، أو خلال مشاركتهم في فعاليات وطنية، خاصة وأن عريقات ترأس اجتماعا حواريا عقدته أمانة سر اللجنة التنفيذية نهاية الشهر الماضي، مع مؤسسات المجتمع المدني، ووزارة الخارجية، ومنظمات أسرى، بحضور ممثلي الفصائل الوطنية، حول الشراكة الأوروبية وشروط التمويل لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، التي تجتمع بالعادة برئاسة الرئيس محمود عباس، اجتمعت مع الدكتور عريقات قبل يوم واحد من اكتشاف إصابته بالمرض، حيث بدأت عليه أعراض الإصابة في مساء ذلك اليوم، ليتبين بعد خضوعه للفحص إصابته بالفيروس.

وقد تلا ذلك أن خضع أعضاء اللجنة التنفيذية الذين اجتمعوا بالدكتور عريقات، للحجر الصحي لمدة ثلاثة أيام، خضعوا عقبها لفحص الفيروس، الذي أظهر خلوهم من الإصابة، عدا الدكتورة حنان عشراوي، حيث عاد بعدها أعضاء التنفيذية لمزاولة عملهم.

وفي إشارة على استمرار العمل السياسي داخل أروقة منظمة التحرير، قام مسؤولون في اللجنة التنفيذية وفي اللجنة المركزية لحركة فتح بعقد لقاءات خلال اليومين الماضيين مع دبلوماسيين أجانب، في إطار وضعهم في تطورات الملف السياسي والصراع مع الاحتلال.

جدير ذكره أن حالة القلق الشديدة ظهرت في الأوساط الرسمية، بعد الكشف عن إصابة عريقات، كونه قد خضع سابقا لعمية زراعة رئة، وهو ما يعرض حياته عند الإصابة بهذا الفيروس للخطر.

لكن كريمته الدكتورة دلال عريقات أكدت أن الوضع الصحي لوالدها مستقر، ولم يتعرض لأي مضاعفات.

وقالت الدكتورة دلال عريقات لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” إن العلامات الحيوية لوالدها مستقرة، وشهيته طبيعية، وحالته النفسية جيدة جدا، وحركته خفيفة، مضيفة أن نسبة الأكسجين نزلت قليلا، وأخذ نسبا بسيطة جدا من الأكسجين.

وأشارت إلى أن والدها أنهى الإثنين سادس يوم من إصابته بفيروس “كورونا”، وأنه سيبدأ من الثلاثاء اليوم السابع وضعه بالتشافي حسب ما أبلغه الأطباء.

وأوضحت أن الإرادة النفسية هي أهم علاج لمرض فيروس “كورونا”، وقالت: “والدي كانت نفسيته عالية دائما لذلك لم يحدث معه أي مضاعفات”.

يشار إلى أن منظمة التحرير أعلنت عقب إصابة عريقات وعشراوي تأجيل جميع ارتباطاتهم وأنشطتهم، لحين تماثلهم للشفاء.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.