الاستغفار

لَا يُلَبِّسَنَّ عليكَ إبليسُ؛ فتستَعظِمَ ذَنبَكَ، ثم تستحي مِن طلبِ المغفرة، ثم تتقاصر عن طلب العطاء؛ فإن سليمان عليه السلام لم يطلب المُلكَ الذي لا ينبغي لأحدٍ من بعده؛ إلا حين أذنب. ولقد ابتلي سليمان وألقي على كرسيه شق وَلَد، وُلِد له حين أقسم ليطوفنَّ على نسائه، وكلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، ولم يقل: إن شاء الله، فطاف عليهن جميعًا، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق ولد، ثم رجع سليمان إلى ربه وتاب، قال: رب اغفر لي ذنبي، وأعطني ملكًا عظيمًا خاصًا لا يكون مثله لأحد من البشر بعدي، إنك- سبحانك- كثير الجود والعطاء. فاستجبنا له، وذللنا الريح تجري بأمره طيِّعة مع قوتها وشدتها حيث أراد.

” قال رب اغفر لي وَهَب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي”.. فأذنب، فاستغفر، فَطلبَ ما لم يَطلبه أحدٌ؛ فَأُعطيَ ما لم يُعْطَهُ أحد.. وليس بين دعائه واستجابةِ الكريم له إلا (حرف الفاء) الذي يُفيدُ التعقيب بلا تَراخٍ أو مُهلة: “فَسخَّرنا له الريحَ تجري بأمره رُخاءً حيث أصاب، والشياطينَ كل بَنَّاءٍ وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد”..وكُلُّ هذا العطاء بعد استغفارٍ من ذنب.. ولكنه استغفارٌ من عَبدٍ فَهِمَ عن رحمة الله وكرمه ما لم نفهمه!!
اللهٌ أرحمُ بكَ من نفسك؛ فلا تستحِ أن تعودَ إليه بالاستغفار؛ ليعود عليكَ بالتوبة.. ونِعمَ العطاءُ التوبة!!

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.