واشنطن بوست: عامان على قتل خاشقجي ومحمد بن سلمان زاد وحشية وقمعا

في الذكرى الثانية على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، خصصت صحيفة “واشنطن بوست” ملفا خاصا لإحياء ذكراه ضم افتتاحية ومقالات لكارين عطية وسارة لي ويتسون وجيسون رضائيان والبرفسورة مضاوي الرشيد وخطيبة الصحافي الراحل خديجة جنكيز.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن حاكم السعودية منذ الجريمة البشعة لقتل خاشقجي ازداد قسوة ووحشية.

وأضافت: “مضى عامان على قتل وتقطيع جثة جمال خاشقجي، الذي ساهم بعمود في “ذا بوست” (اسمها الشعبي في أمريكا) داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وطوال تلك المدة لم تتغير حقيقتان: لم يتم القصاص من الذين أمروا ودبروا قتله، وواصل محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي، حملة القمع الوحشي بشكل جعل نظامه الأكثر قسوة وإجراما في تاريخ المملكة الحديث”.

ولي العهد لم يغير من طرقه رغم ما تعرض له من شجب دولي حوله إلى منبوذ

ولاحظت أن ولي العهد لم يغير من طرقه رغم ما تعرض له من شجب دولي حوله إلى منبوذ. ففي ذروة الشجب الدولي في تشرين الأول/أكتوبر، أرسل محمد بن سلمان فريق قتل آخر إلى كندا في محاولة فاشلة لاغتيال مسؤول الأمن سعد الجبري، كما كشفت دعوى قضائية قدمت في آب/أغسطس من هذا العام بالولايات المتحدة. ومنذ آذار/مارس اعتقل نظامه ولدين للجبري وواحدا من إخوته ويحتفظ بهم كرهائن فعليين في محاولة لإجباره على العودة إلى السعودية. ويواصل محمد بن سلمان اعتقال الأمراء ورجال الأعمال والناشطين الذين يعتبرهم تهديدا عليه ودون أن يكلف نفسه ويوجه اتهامات إليهم. ولم يفرج عن الناشطات المطالبات بحقوق المرأة في السعودية، وهن بالعشرات المعتقلات منذ عام 2018. فهن إما بالسجن أو تحت الإقامة الجبرية في بيوتهن ولم تتم إدانتهن بجرائم.

ولم يعاقب مستشار محمد بن سلمان البارز سعود القحطاني الذي دبر عملية قتل خاشقجي واعتقال الناشطات أبدا. ولم يتحمل محمد بن سلمان نفسه المسؤولية عن هذه الجرائم التي أمر بها، مع أن المخابرات الأمريكية- سي آي إيه والمحققة الأممية الخاصة أغنيس كالامار استنتجوا أنه مسؤول عنها.

وتقول الصحيفة: “كان سلوك ولي العهد الاستبدادي هو ما دفع جمال خاشقجي إلى المنفى في الولايات المتحدة في سن الـ 58 عاما وبعد مسيرة عمل صحافية في صحف المملكة الرئيسية وكمتحدث إعلامي باسم سفارتي السعودية في لندن وواشنطن. ولم ينظر إلى نفسه كمعارض سياسي ولكن كداعية للإصلاح في داخل السعودية بما يشمل عليه من من حرية التعبير وحقوق المرأة”. ورحب خاشقجي بخطط فتح المجتمع مثل السماح لدور السينما وقيادة المرأة للسيارة ولكنه تساءل عن اعتقال الأشخاص الذين طالبوا بالإصلاحات. وتساءل في واحد من مقالاته بواشنطن بوست: لماذا على السعوديين “الاختيار بين حقوقنا كمواطنين أو التحدث بحرية، دعما أو نقدا لأفعال حكومتنا؟” و”طلب منا التخلي عن أي أمل بالحرية السياسية والسكوت على الاعتقالات وحظر السفر الذي لا يؤثر على النقاد فقط ولكن عائلاتهم أيضا”. و”يتوقع منا التصفيق وبقوة للإصلاحات الاجتماعية وكيل المديح لولي العهد والتجنب في الوقت نفسه الإشارة للرواد السعوديين الذين تجرأوا على طرح هذه الموضوعات ومنذ عقود”.

وتعلق الصحيفة أن ولي العهد كان سيحصل على فضل السبق والمصداقية لمبادرته الإصلاحية “رؤية 2030” لو قرر تبني كتاب مثل خاشقجي وناشطة مثل لجين الهذلول التي قاتلت من أجل منح المرأة حق قيادة السيارة. و”بدلا من ذلك نفر المستثمرين الخارجيين الذين يعتمد برنامجه عليهم، وذلك عبر سلوكه المتهور ووحشيته الصادمة. وظلت محاولاته لتحسين صورته من خلال لفتات رمزية ضعيفة وتدعو على الرثاء”، مشيرة إلى إعلان السعودية الشهر الماضي عن الحكم بسجن ثمانية من رجال الصف المتدني بمدد تتراوح ما بين 7- 20 عاما اتهموا بالمشاركة في قتل خاشقجي. ووصفت المحققة الأممية كالأمار الأحكام بأنها “سخرية من العدالة”، خاصة أن المحاكمات جرت بسرية ولم يكشف عن هوية الأشخاص الذين اتهموا. وحتى هذا اليوم لم تكشف الحكومة السعودية عما حدث لجثة خاشقجي بعد تقطيعها بمنشار للعظام.

ويأمل محمد بن سلمان بإعادة تأهيله من خلال قمة العشرين الذي ستعقد الشهر المقبل، وبسبب كوفيد-19 فقد تم تحويلها إلى قمة افتراضية. ومع ذلك فستظل السعودية هي المضيف مما يسمح لولي العهد الظهور بمظهر القائد العالمي وعلى قدر المساواة مع بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، وإيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وجاستين ترودو رئيس وزراء كندا، وبالطبع الرئيس دونالد ترامب الذي برر لجريمة محمد بن سلمان ضد خاشقجي بعد وقوعها ثم تباهي قائلا لصحافي “واشنطن بوست” بوب وودورد بأنه من “حمى مؤخرة” محمد بن سلمان.

ولو عقدت قمة العشرين في موعدها وحتى عبر الإنترنت فيجب أن تعرف باسم “قمة الحصانة من العقاب” وهدفها الرئيسي أن تدفع محمد بن سلمان للتوصل لنتيجة وهي أنه حر لقتل الصحافيين الآخرين والناشطات النسويات المطالبات بحقوق المرأة، بدون خشية أو تحمل نتائج عمله. ويتحدث قادة الدول الديمقراطية عن ضرورة تقوية القيم الليبرالية والدفاع عنها ضد هجوم الصين وروسيا وبقية الدول الديكتاتورية. والخطوة الوحيدة ستكون باشتراط مشاركتهم في القمة بالإفراج عن السجناء السياسيين في السعودية وتحمل المسؤولية الكاملة عن جريمة قتل جمال خاشقجي.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.