إصلاح الواقع

واعلم أنكَ لن تجدَ واقعاً أشدَّ فساداً من الواقع الذي نُبِّئ فيه الأنبياءُ وأُرسِلَ فيه الرُّسُل؛ ولولا شِدَّةُ فسادِه ما أُرسِلُوا، ولستَ أكرمَ على الله من رُسُلِه ليُصلِحَ لك- دون سَعيٍ منك- واقعاً لم يُصلِحْهُ لهم، وقد أكرمكَ اللهُ بإيجادك في واقعٍ شبيهٍ بواقعهم لتصلحهُ كما أصلحوه؛ فإن لم تكن منهم فَسِرْ على آثارهم تكن معهم، ولا تنتظر في حياتك ثمرةَ سيرك؛ فموسى مات في التيه، وعيسى رُفع في الفتنة، ومحمدٌ- عليه وعلى أنبياء الله ورسله الصلاة والسلام- ارتدَّ أعرابُ جزيرته بعد موته، ولو وضعَ أبو بكر رضي الله عنه يَده على خَدِّهِ ويئس- حين انتقض عليه أعرابُ الجزيرة- ما وصلكَ مما وصلكَ من الدين شيء.. حسبك أن تؤذِّنَ كما أذَّنَ إبراهيم، ومَا عَسى يبلغُ صوتُ إبراهيم!! إنما عليكَ الأذانُ وعلى الله البلاغ، ولكلِ ثغرٍ أذانُه، وكُلُّ الثغورِ شاغرة؛ فإن وجدتَ ثغركَ فالزمه- وذلكَ عبادتُك- وإن لم تجده فابحث عنه- وذلك أيضاً عبادتُك-.. حَسْبُكَ ألا يراكَ اللهُ إلا على ثَغرٍ أو باحثاً عن ثغر!!

علي فريد

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.