نيويورك تايمز: طائرات مباشرة بين إسرائيل والإمارات لا تعني شيئا دون تحقيق حرية الفلسطينيين

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لديانا بطو، المحامية التي عملت مستشارة قانونية لوفد المفاوضات الفلسطيني لمحادثات السلام، بعنوان “الرحلات الجوية الإماراتية- الإسرائيلية لا تدعو على الاحتفال” وقالت إنها صفعة في وجه الفلسطينيين الذين لم يعودوا يعتمدون على الدول العربية لدعمهم.

وقالت: “انطلقت طائرة إسرائيلية من إسرائيل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة فيما قيل إنها رحلة تاريخية. وكانت أول رحلة مباشرة هي نتاج للاتفاق بين البلدين الشهر الماضي”. وفي الوقت الذي احتفلت فيه إسرائيل وإدارة الرئيس دونالد ترامب كان شعور الفلسطينيين مضادا. ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الرحلة بأنها “خرق صارخ وواضح للموقف العربي من النزاع العربي- الإسرائيلي”، وأضاف: “كنا نأمل أن تهبط طائرة إماراتية في القدس المحررة ولكننا نعيش في زمن عربي صعب”.

وأضافت بطو أن توقيع الإمارات اتفاقية مع إسرائيل حطم مبادرة عربية طرحت منذ عقدين وعرضت التطبيع الكامل مع إسرائيل مقابل إنهاء احتلالها للفلسطينيين. وعلى خلاف اتفاقيات السلام الإسرائيلية مع دول عربية مثل مصر والأردن التي تضمنت إعادة أراض لهاتين الدولتين فالاتفاقية التي وقعتها الإمارات كانت بدون أن تدفع إسرائيل أي ثمن، مما أثار حيرة الكثيرين عن السبب الذي دفع الإمارات لخطوة كهذه. وفي محاولة للترويج إلى الاتفاقية زعمت إدارة ترامب أن الاتفاق جاء مقابل وقف إسرائيل عمليات الضم التي هدد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمناطق في الضفة الغربية ووادي الأردن. وبعد البيان الإماراتي أكد نتنياهو أن خطة الضم لا تزال على الطاولة وأجلت لفترة قصيرة.

بعد البيان الإماراتي أكد نتنياهو أن خطة الضم لا تزال على الطاولة وأجلت لفترة قصيرة

وبالنسبة لحل الدولتين، فلا يمثل هذا الاتفاق، كما اقترح البعض، خطوة للإمام. ولكنه دليل على جاهزية الأطراف الرئيسية في العملية السلمية -أمريكا والدول العربية وإسرائيل- التحرك بدون أخذ اعتبار للحقوق الفلسطينية. وترى أن الاتفاق الإماراتي يجب أن يخدم كنقطة تأمل لمنظمة التحرير الفلسطينية ونهجها من التعامل مع إسرائيل. فمنذ 1993 دخلت المنظمة بتوقيع اتفاقية أوسلو في عملية مفاوضات مع إسرائيل ستقود -كما اعتقد الطرف الفلسطيني- إلى دولة مستقلة مقابل اعترافها بإسرائيل. وكجزء من عملية المفاوضات أقامت عدة دول حول العالم علاقات تجارية واقتصادية مع إسرائيل بما فيها عمان وقطر، وعلى أمل أن زمن التوسع الإسرائيلي قد انتهى. ومع مرور الوقت اتضح أن هذه الخطط بدأت فقط. واليوم زاد عدد المستوطنين الذين يعيشون في الضفة إلى ثلاثة أضعاف عما كان قبل أوسلو.

ومن جانبها ضاعفت منظمة التحرير من جهودها وواصلت الدعوة للتفاوض رغم عبثيته ودفعت باتجاه الحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية رغم غياب السيادة على الأراضي أو الاستقلال. وفي الوقت نفسه عملت كمتعهد للاحتلال الإسرائيلي حتى حينما كانت إسرائيل تدمر بيوت الفلسطينيين وتصادر أراضيهم وتستولي على مصادرهم.

ومع تهميش الفلسطينيين يعطي الاتفاق الإماراتي صورة واضحة لهم أنهم لن يعولوا أبدا على دعم الدول العربية السياسي. وعندما قال الملك سلمان بن عبد العزيز في مكالمة مع الرئيس ترامب إن بلاده تفضل حلا عادلا ودائما للقضية الفلسطينية، سمحت بلاده للطيران الإسرائيلي التحليق مباشرة عبر أجوائها إلى الإمارات.

عندما قال الملك سلمان إن بلاده تفضل حلا عادلا ودائما للقضية الفلسطينية، سمحت بلاده للطيران الإسرائيلي التحليق مباشرة عبر أجوائها إلى الإمارات

وعلى أي حال فالجبهة العربية الواحدة التي دعمت الفلسطينيين تداعت الآن. ولو كان الأمر لترامب ونتنياهو لتبعت دول عربية أخرى الإمارات. وفي ضوء التحول في المواقف الدولية والإقليمية، يحتاج الفلسطينيون لأن يسألوا أنفسهم التالي: اليوم، هل لا يزال توجه منظمة التحرير الفلسطينية لحل الدولتين قائما؟ وأجابت أن الوقت قد مضى لتحقيق إصلاح ذي معنى لمنظمة التحرير الفلسطينية، و”يقود حركتنا الفلسطينية اليوم أفراد انتهت شرعيتهم الديمقراطية منذ وقت طويل. وآخر مرة عقدت فيها منظمة التحرير انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، الهيئة التشريعية التي تمثل سياسات المنظمة، كانت قبل أكثر من عقدين، ولم يشارك بعد الشباب الفلسطيني في شكل المستقبل”.

وبدلا من مواصلة الضغط باتجاه حل الدولتين على المنظمة الدفع باتجاه الحقوق المتساوية. ورغم عدم وجود حزب فلسطيني أو إسرائيلي يدعو إلى حل الدولة الواحدة إلا أن الاستطلاعات تظهر أن الدعم لحل الدولتين يتلاشى. وتدير السلطة الوطنية التي نشأت بعد اتفاقية أوسلو ويقودها محمود عباس منذ 2005 اقتصادا متعبا وعاجزا ويحصل فيه الفلسطينيون على أقل مما كان عليه الوضع عند توقيع أوسلو بداية التسعينات من القرن الماضي.

وعلى عباس والقادة الفلسطينيين أن يقدموا استراتيجية عملية لإنجاز حقوق الفلسطينيين بدلا من محاولة استرضاء إسرائيل والمانحين الدوليين وتبني استراتيجية معارضة للتمييز العنصري. وتعترف الكاتبة بصعوبة هذا التحول، لكن إن كان الهدف هو تأمين الحرية للفلسطينيين فمواصلة الخط الذي رسمته اتفاقية أوسلو لن يؤدي إلا لإطالة المعاناة الفلسطينية. وعلى القيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي العمل معا والاعتراف بالواقع ورسم طريق حقيقي يعطي الأولوية لإنجاز الحرية الفلسطينية، لا تطبيع واقع ينكر الحرية.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.