واشنطن بوست: الجبري أخبر “سي آي إيه” أن بن سلمان شجع روسيا على التدخل في سوريا

قال ديفيد إغناطيوس، المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” إن الشرطة الدولية (إنتربول) رفضت قبل ثلاثة أشهر من جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي عام 22018، طلبا سعوديا لإجبار معارض معروف على العودة إلى السعودية، واصفة الطلب بأنه “ذو دوافع سياسية”. وقالت إن منع سفر عائلة المعارض “غير مبرر”.

وعلق إغناطيوس أن نتائج وكالة فرض النظام الدولية هي أقرب ما اتخذه المجتمع الدولي من قرار ضد التحركات التي قام بها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان وكونها غير صحيحة أو مناسبة.

وأشارت الشرطة الدولية إلى الانتقائية في حملة مكافحة الفساد في فندق ريتز كارلتون بالرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 حيث استهدف “النخبة الإعلامية والتجارية”.

أشار الإنتربول إلى الانتقائية في حملة مكافحة الفساد في فندق ريتز كارلتون بالرياض في نوفمبر 2017 حيث استهدف “النخبة الإعلامية والتجارية” السعودية

وقال إغناطيوس إن البيان السابق للإنتربول ظهر في دعوى قضائية تقدم بها في واشنطن، سعد الجبري، المسؤول الأمني البارز في السعودية. وكان الجبري قريبا من منافس محمد بن سلمان، وهو الأمير محمد بن نايف، الذي عمل وزيرا للداخلية وعين عام 2015 وليا للعهد قبل الإطاحة به عام 2017. وبعد فشل محاولات الترحيل وعمليات التصعيد الأخرى، أرسل محمد بن سلمان في تشرين الأول/أكتوبر 2018 الفرقة المعروفة باسم “فرقة النمر” إلى كندا لقتل الجبري.

واستند الجبري في دعواه القضائية على قانونين أمريكيين، الأول هو قانون ضحايا التعذيب والذي يمنع القتل خارج القانون. والثاني هو قانون تعذيب الغرباء الذي يمنح ضحايا عمليات غير قانونية الحق بتقديم دعوى أمام القضاء الأمريكي.

ويقول إغناطيوس إن الدعوى التي تقدم بها الجبري تكشف عن اتهامات مثيرة وتفسر سبب عزله من منصبه في أيلول/ سبتمبر 2015 بعد عقد من التعاون مع المخابرات الأمريكية في مكافحة الإرهاب، حيث كان الجبري الصلة الثمينة لها في السعودية.

وتكشف الدعوى أن الجبري التقى مع مدير “سي آي إيه” في حينه جون برينان، وحذره قائلا إن محمد بن سلمان “يشجع التدخل الروسي في سوريا”. وبعد شهرين أرسلت موسكو طائراتها وقواتها إلى روسيا حسبما ورد في الدعوى. وانتقاما من الجبري وتحذيره لبرينان، فقد عُزل من منصبه.

ويشير إغناطيوس إلى أن أهم كشف مثير في الدعوى هي رسالة نصية من محمد بن سلمان حاول فيها إغراءه بالعودة إلى السعودية بعد فراره في أيار/ مايو 2017. وبدا ولي العهد في الرسالة تصالحيا حيث حث الجبري على العودة في حزيران/ يونيو. وعندما حاول تأخير العودة إلى 24 حزيران/ يونيو، دعاه ولي العهد للتعجيل بالعودة إلى السعودية و”العودة سريعا”.

وقام في 20 حزيران/ يونيو بالإطاحة بمحمد بن نايف، كولي للعهد، ومنع ولدي الجبري عمر وسارة من مغادرة البلاد. وناشد الجبري محمد بن سلمان السماح لولديه بالخروج لكي يتمكنا من متابعة الدراسة في مدارس أمريكية لكنه رفض وأكد على ضرورة عودة الجبري “غدا”.

وعندما قاوم الجبري محاولات ولي العهد، أصبح الولدان ورقة مساومة، حيث أرسل محمد بن سلمان في 10 أيلول/ سبتمبر 2017 رسالة نصية، هدد فيها الحبري قائلا: “سألجأ إلى الإجراءات القانونية والإجراءات الأخرى التي قد تكون ضارة لك” حسبما جاء في الدعوى القضائية.

وهدد بن سلمان بترحيل الجبري قائلا: “لا دولة سترفض تسليمك”. وقام السعوديون بإصدار أمر بالقبض على مستشار مكافحة الإرهاب السابق في 12 أيلول/ سبتمبر 2017 وطلبوا من الإنتربول تعميم الطلب.

عندما قاوم الجبري محاولات ولي العهد، أصبح ابناه ورقة مساومة، وهدد بن سلمان بترحيل الجبري قائلا: “لا دولة سترفض تسليمك”.

وقامت الشرطة الدولية ومقرها في ليون الفرنسية بدراسة التعميم ومقارنة ما قدمه محامو الجبري والممثلون السعوديون. وتوصلت لجنة في 4 تموز/يوليو 2018 إلى قرار رفضت فيه الطلب السعودي. وقال إن الوثيقة التي أشرك فيها فريق المحامين عن الجبري مع إغناطيوس مهمة تقديمها بتفصيل لأنها ربما حملت حكما قانونيا دوليا على نشاطات محمد بن سلمان.

وقام طلب ترحيل الجبري على اتهامات وجهتها لجنة مكافحة الفساد في السعودية ضده، والتي استخدمها محمد بن سلمان للتحضير لعملية الاعتقال في ريتز كارلتون وبقية العمليات. ولاحظت لجنة الإنتربول ثلاثة ملامح من نشاطات لجنة مكافحة الفساد “انتقائيتها في الأهداف، الطبيعة السياسية والدافع وغياب الحماية القانونية وحقوق الإنسان والضمانات في عملها”.

ووصفت لجنة الإنتربول، لجنةَ مكافحة الفساد السعودية بأنها “تعمل كجزء من استراتيجية سياسية لمحمد بن سلمان يستهدف فيها أي منافس سياسي محتمل أو معارض”. ولاحظ أن هذه الجهود قد تحارب الفساد و”تأكيد حكم القانون” ولكنها درست تحليلات تؤشر إلى استخدام محمد بن سلمان اللجنة لتقوية وضعه السياسي والاقتصادي.

وبرفضه الطلب السعودي، أخذ الإنتربول التقارير عن حالات الاعتقال والحجز التعسفي والتعذيب للمشتبه بهم بعين الاعتبار. وجاء فيه حكمه: “لاحظت اللجنة أن التقارير عن الانتهاك وخرق العملية تجعل من محاكمات مكافحة الفساد مضادة لمحاكمة عادلة وشفافة. وبناء على غياب الرقابة القضائية وتدخل محمد بن سلمان المباشر، فقد لاحظت اللجنة أن السياق الذي يحيط بالحالة (الجبري) هو إشارة عن دوافع سياسية”.

وتوصلت اللجنة بشأن منع ولدي الجبري، اللذين اعتقلا إلى أنه “إجراء مقيد لا مبرر له على عائلته ويقترح أن الحالة ذات دوافع سياسية وليست قانونية”.

عندما فشل محمد بن سلمان في جهوده لإجبار الجبري على العودة، قام بإرسال فرقة النمر إلى تورنتو في أكتوبر 2018 لاغتيال الجبري

وعندما فشل محمد بن سلمان في جهوده لإجبار الجبري على العودة، زعم أنه قام بإرسال فرقة النمر إلى تورنتو في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، أي قبل أسبوعين من قتل مجموعة أخرى في “فرقة النمر” الصحافي جمال خاشقجي.

وتم تحذير السلطات الكندية من الجبري وغيره، حيث كانت السلطات الكندية تنتظر في مطار أونتاريو الدولي، وأعادت معظم أفراد فرقة الاغتيالات إلى السعودية.

وزعم بن سلمان أن الجبري فاسد وسرق المال أثناء عمله مع محمد بن نايف في وزارة الداخلية. ومع تقديم الجبري الدعوى، فربما كان على بن سلمان توضيح اتهاماته أمام محكمة القانون. وما لدينا الآن هو حكم من الشرطة الدولية رفضت طلبه بترحيل الجبري.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.