تايمز: مغادرة خوان كارلوس إسبانيا قد لا تكون كافية لإنقاذ الملكية

قالت صحيفة تايمز (The Times) البريطانية إن حياة ملك إسبانيا السابق، خوان كارلوس، التي بدأت بالمنفى قد تنتهي به أيضا بعد أن غادر أمس البلاد تحت ضغط الشارع بسبب تورطه في فضائح فساد مالي “بإغراق” نجله الملك فيليبي السادس.

وذكرت الصحيفة أن قرار المغادرة اعتراف ضمني من خوان كارلوس بأن الملكية في إسبانيا قد تضررت بشدة لدرجة أن بقاءها على المدى الطويل بات الآن موضع شك.

وأكدت أن خوان كارلوس باختياره العيش في الخارج يسير على خطى جده ألفونسو الثالث عشر الذي اختار هو أيضا المنفى بعد تنازله عن العرش عام 1931.

وترى أن علامات الاستفهام المحيطة بتعاملات الملك السابق المالية لن تختفي، ففي الأشهر القليلة الماضية ربطته سلسلة من الادعاءات بحسابات سرية بملايين الدولارات في الخارج.

هدايا وتبرعات
كما يخضع لتحقيق من قبل النيابة العامة السويسرية بشأن تبرع بمبلغ 1.9 مليون دولار، يشتبه بأنه تلقاه من ملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، “كهدية” في سبيل تلميع صورة البحرين -المعروفة بانتهاكها لحقوق الإنسان- وفق ما ذكرت صحيفة “إلموندو” (El Mundo) الإسبانية.

وتم تحويل هذا المبلغ إلى الحساب نفسه الذي يشتبه بأنه تلقى من خلاله أيضا تبرعا آخر بقيمة 100 مليون دولار من السعودية مقابل قيامه بوساطة لإبرام صفقة إنشاء خط القطار الرابط بين مكة والمدينة، صرف منها حوالي 76 مليون دولار على عشيقته.

وتؤكد الصحيفة البريطانية أن الملك الحالي فيليبي السادس حاول جاهدا أن ينأى بنفسه عن الفضائح المتزايدة لوالده من خلال قطع الراتب الملكي الذي كان مخصصا لأبيه وإعلانه التخلي عن نصيبه الشخصي في الميراث.

وتعتبر هذه التطورات أحد آخر الفضائح التي هزت العائلة المالكة في إسبانيا خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2014، أجبر خوان كارلوس على التنحي بعد غضب شعبي تلا مشاركته قبل ذلك بعامين في رحلة صيد في بوتسوانا، سلطت الضوء على أسلوب حياته الباذخ في وقت كانت فيه البلاد غارقة بأزمة مالية وبطالة مرتفعة.

كما حكم على صهر الملك فيليبي، إينياكي أوردانغارين، بالسجن حوالي ست سنوات بتهم الاحتيال الضريبي والاختلاس. وتمت تبرئة الأميرة كريستينا -أخت الملك فيليبي- التي تعيش في سويسرا، من تهم مرتبطة أيضا بالاحتيال الضريبي.

وتشير تايمز إلى أن هذه الفضائح المتتالية أشعلت من جديد جذوة الخلاف القديم الجديد بشأن الملكية في بلد أوروبي يتسم بعراقة تقاليده الجمهورية التي تعود للقرن التاسع عشر وفترة ما قبل الحرب الأهلية عام 1930.

تجاهل للانقسامات
وتضيف أن خوان كارلوس تجاهل هذه الانقسامات، نظرا لدوره المحوري خلال السبعينيات في الانتقال من عهد الدكتاتورية إلى الديمقراطية، حيث تم اختياره خليفة للجنرال فرانكو، وأشرف على وضع دستور جديد يحد من سلطات الملك ويؤسس لملكية على الطراز البريطاني.

وقد عزز خوان كارلوس احترام الشعب له عام 1981 عندما ظهر على شاشات التلفزيون لمواجهة محاولة انقلاب قام بها ضباط منشقون كانوا يأملون في الإطاحة بالحكومة المدنية. ومنذ ذلك الحين، بات من شبه المتعارف عليه في إسبانيا أن الولاء الشعبي هو ولاء لشخص كارلوس وليس للملكية.

أما في يومنا هذا -ترى الصحيفة- فإن نصف الشعب الإسباني تقريبا فقط هم من يدعمون النظام الملكي، وقد جاءت الفضائح الأخيرة في وقت لم يتعرض فيه دستور 1978 لأي اختبار حقيقي بسبب الانشغال بالمساعي الانفصالية لإقليم كتالونيا وحالة التشظي السياسي، حيث يؤيد الحزبان الرئيسيان في البلاد النظام الملكي، بينما تحالف “بوديموس” -الحزب الجمهوري اليساري الراديكالي- عضو في الائتلاف الحاكم.

وتختم بأنه في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها إسبانيا حاليا، يبقى نظام الملكية الدستورية مصدرا للاستقرار وتعزيز الوحدة الوطنية، لكن -وكما أظهرت ذلك مرارا ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية- فإن هذا الاستقرار ليس فقط نتاجا للترتيبات الدستورية، وإنما هو أيضا مرتبط بالشخص الذي يجلس على العرش، وهذا درس تنساه “على مسؤوليتها” الملكية الإسبانية.

المصدر : تايمز

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.