“كورونا” في السجن.. ضيف ثقيل على الأسرى الفلسطينيين

أثار الإعلان عن إصابة أول أسيريْن فلسطينيَين في السجون الإسرائيلية، بكورونا، مخاوف لدى هيئات حقوقية معنية بشؤون الأسرى، من خطر تفشي الفيروس داخل السجون، في ظل عدم التزام إسرائيل، كما تقول الهيئات، بـ”الإجراءات الوقائية لمكافحة تفشّي الفيروس”.
ويعاني الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية، من ظروف اعتقال “صعبة ومتردية للغاية”، في ظل انعدام “البيئة الصحية” داخل الغرف واكتظاظها.
هذه الظروف، إلى جانب الانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة بحق الأسرى منذ بداية جائحة كورونا، كسحب نحو 140 صنفا من المواد المُباعة داخل مقصف السجن، من بينها منظّفات ومعقمات، وصولا إلى عدم اتخاذ أي إجراءات وقائية، ساهمت في وصول الفيروس للأسرى، كما قالت هيئة “شؤون الأسرى والمحررين”، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتتزايد مخاوف الهيئات الفلسطينية من احتمالية الإصابة بكورونا، لدى الأسرى “المرضى”، بسبب ضعف جهازهم المناعي، حيث حذّرت منظمات صحية، في أوقات سابقة، من أن المرضى هم “الأكثر تعرضا للإصابة بالفيروس”.

وفي 12 يوليو/ تموز الجاري، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عن إصابة الأسير كمال أبو وعر (46 عاماً)، المريض بسرطان الحنجرة، والمعتقل منذ 2003 (محكوم بالمؤبد)، بفيروس كورونا، حيث يقبع حالياً في مستشفى “أساف هروفيه” الإسرائيلي.

ولاحقا في العشرين من الشهر الجاري، أعلنت الهيئة عن إصابة الأسير محمد عبد النبي شراكة (موقوف على ذمة المحاكمة)، بكورونا.

وقالت هيئة الأسرى في بيان لها، إن “سياسة الإهمال والتقصير الإسرائيلية المتعمدة والممنهجة”، هي من جعلت الأسرى هدفاً للفيروس، ولكل الأوبئة والأمراض الخطيرة التي تودي بحياتهم.

كما اتهم نادي الأسير الفلسطيني، الخميس، السلطات الإسرائيلية بالسعي لنشر كورونا في السجون، عبر اقتحامها من قبل جنود قد يكونون مصابين.

وحمّلت فصائل وقوى فلسطينية، إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن حياة الأسيريْن “أبو وعر”، و”شراكة”، مطالبة بـ”ضرورة الإفراج عنهما”.

وتأتي إصابة الأسيريْن “أبو وعر”، و”شراكة”، في ظل اتساع رقعة تفشي الجائحة في إسرائيل.

تشكيك بالمعلومات

وتُشكك مؤسسات وهيئات مختصة بشؤون الأسرى والمحررين، في صحة المعلومات الواردة إليها من إدارة السجون الإسرائيلية، حول أوضاع الأسرى الصحية، وطبيعة الإصابة بالفيروس.

واتهمت تلك المؤسسات، في أكثر من مناسبة، السلطات الإسرائيلية بـ”حجب المعلومات الكاملة عن الأسرى وأوضاعهم”.

والأربعاء، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن نتائج فحص جميع العينات للأسرى والسجّانين في ذات سجن “أبو وعر”، جاءت سلبية؛ أي أنها تخلو من الإصابة بكورونا.

وكانت إدارة السجون الإسرائيلية قد عزلت جميع أسرى سجن “جلبوع” (قسم 2)، الذي كان “أبو وعر”، معتقلا به، إلى جانب العاملين في السجن، وأخضعتهم جميعا للفحص المخبري، وفق الهيئة.

وقال قدورة فارس، رئيس مؤسسة “نادي الأسير الفلسطيني”، إنهم لا يثقون بإدارة السجون الإسرائيلية كمصدر للأخبار والمعلومات عن الأسرى وأوضاعهم الصحية، برغم إبلاغها باستقرار الحالة الصحية للأسير “أبو وعر” الذي يخضع حالياً للعزل.

وأضاف: “الأمور غير مطمئنة، حيث تمنع إسرائيل زيارة الأسير المصاب، وترفض كل محاولات الاتصال به حتى عبر الهاتف”.

وطالب فارس إسرائيل بتقديم العلاج اللازم للأسيريْن “أبو وعر”، و”شراكة”، مناشدا جميع الجهات المعنية “ببذل الجهود لإطلاق سراحهما، لأسباب صحية، وبخاصة الأسير أبو وعر، حيث تكالب عليه مرضا السرطان وكورونا”.

واستكمل قائلا: “هناك مخاطبات رسمية بعثت بها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى جهات دولية مختلفة؛ من أجل الضغط على إسرائيل للإفراج عنهما، وخاصة الأسير أبو وعر؛ مراعاة لوضعه الصحي”.

وأشار إلى وجود نحو 700 أسير فلسطيني يعانون من أمراض متنوعة داخل السجون الإسرائيلية، من بينهم قرابة 100 مصابون بأمراض “تُهدد الحياة”، ويحتاجون لرعاية طبية خاصة.

ودعا فارس الفلسطينيين إلى بذل الجهود “السياسية، والدبلوماسية، والقانونية، والشعبية، للإفراج عن الأسرى، خاصة المرضى منهم، معتبراً قضية الأسرى مسألة نضالية كفاحية”.

ويبلغ عدد الفلسطينيين القابعين داخل السجون الإسرائيلية حاليا حوالي 4700 أسير، بينهم نحو 700 أسير مريض، و41 سيدة.

إهمال مُتعمّد
في السياق ذاته، قال ناهد الفاخوري، مدير “مكتب إعلام الأسرى”، إن إصابة أسيرين بكورونا يعكس “سياسة التقصير والإهمال الطبي المتعمد” من قبل إدارة السجون الإسرائيلية، فيما يتعلق بالإجراءات الوقائية من الفيروس.

واتهم الفاخوري إسرائيل بـ”عدم اتخاذ الإجراءات الصحيحة لمنع تفشي فيروس كورونا بين الأسرى، وتجاهل تعليمات منظمة الصحة العالمية في هذا الإطار”.

وتابع: “إدارة السجون تمارس خطوات في ظاهرها تعكس الحماية والوقاية، إلا أن جوهرها ينطلي على عقوبات إضافية، تتمثل في منع زيارات الأهل، واللقاءات بالمحامين، والتي تتم بالأساس من خلال عازل زجاجي دون ملامسة أو مخالطة بين الأسرى وذويهم”.

وأعرب الفاخوري عن تخوفاته من “احتمال انتقال العدوى وتفشّيها بين الأسرى، خاصة في ظل استمرار استهتار السجانين والأطباء الإسرائيليين المخالطين للأسرى، والذين يتنقّلون بين مجتمعهم الموبوء، والسجون، بدون وسائل وقائية”.

وأشار إلى أن “إطلاق تحذيرات مُسبقة من خطورة هذه الممارسات داخل السجون”، لافتا إلى أن تجاهل تلك التحذيرات واستمرار الإهمال “أفضى في النهاية لنتيجة إصابة أحد الأسرى بالفيروس”.

وطالب الفاخوري بضرورة “إرسال طبيب خاص، سواء من ممثلي مؤسسات دولية، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر أو غيرها، للاطلاع على أوضاع الأسيرين، والوقوف على حالتهما الصحية بشكل مباشر”.

(الأناضول)

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.