سباق التسلح بعد كورونا.. تركيز على ردع الهجمات البيولوجية

بروفيسور أرهان: الحروب المقبلة ربما تشهد هجمات بيولوجية وأخرى عبر الإنترنت تستهدف البنوك والكهرباء والمحطات النووية
بروفيسور محمد أرول: العالم دخل مع “كورونا” مرحلة جديدة والدول لن تتردد في تطوير قدراتها العسكرية لردع التهديدات البيولوجية
أرهان وأرول يؤكدان أهمية أن تطور تركيا أنظمة دفاعية وتستعد لصد أي اعتداء سواء بالأسلحة التقليدية أو البيولوجية
بروفيسور أمره أوزان: ليس من السهل بعد “كورونا” أن تقلل الدول نفقاتها الدفاعية وتتجه إلى التعاون بدلا عن التنافس
رجح خبراء أن سباق التسلح العالمي سيستمر وبسرعة، عقب جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19)، خاصة على مستوى صد الهجمات البيولوجية.

وارتفع حجم الإنفاق العسكري على مستوى العالم عام 2019، بنسبة 3,6 بالمئة (الأكبر منذ 2010) مقارنة بـ2018، مسجلا 1,9 تريليون دولار، بحسب تقرير حجم الإنفاق العسكري العالمي، لمعهد دراسات السلام الدولي بالعاصمة السويدية ستوكهولم.

وأفاد التقرير بارتفاع حجم الإنفاق العسكري لتركيا بنسبة 86 بالمئة بين 2010 و2019، ليبلغ 20,4 مليار دولار.

وفي 2019 زاد الإنفاق العسكري التركي بنسبة 5,8 بالمئة مقارنة بـ2018، واحتلت تركيا المرتبة 16 بقائمة الدول الأكثر إنفاقا.

ومثل حجم إنفاق الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا والسعودية 62 بالمئة من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي في 2019.

** تمسك أمريكي خليجي بالتسلح

وبشأن التغيرات المرجحة على أنظمة الدفاع والأمن بالعالم عقب “كورونا”، قال البروفيسور جاغري أرهان، رئيس جامعة ألتين باش، للأناضول، إن شكل وطرق الحروب في الفترة المقبلة ستختلف عن السابق.

وأفاد أنه “في حال اندلاع حرب عالمية ثالثة يمكن أن نشهد هجمات سيبرانية عبر الإنترنت تستهدف أنظمة البنوك ومحطات الكهرباء والمحطات النووية، إضافة إلى هجمات بيولوجية”.

وشدد على أن مجال السلاح من أهم المجالات والقطاعات بالعالم، والولايات المتحدة والسعودية وبقية دول الخليج لن تتخلى عن شراء السلاح، رغم استمرار جائحة “كورونا”.

وأضاف أن بعض التطورات الاقتصادية بسبب الوباء تظهر أن مبيعات الأسلحة انخفضت.

وتابع: “مع الانخفاض في أسعار البترول، بدأت الدول، التي يعتمد اقتصادها على البترول والغاز، تشهد عجزا في الميزانية وعجزا في ميزان المدفوعات”.

وأردف: “يمكن أن نفكر أن هذه الدول ستنفق أقل على التسليح على المدى القريب. لكن على المدى المتوسط والبعيد لن يتغير أي شىء.. ستنشب الحروب مرة أخرى، وستستمر الدول في شراء وبيع الأسحلة.”

** الأسلحة المحرمة

ولفت بروفيسور أرهان إلى أن الحديث عن الأسلحة البيولوجية المحرمة بموجب المعاهدات الدولية، عاد مجددًا مع انتشار “كورونا”.

وأضاف أن معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية، الموقعة عام 1972، تحظر على أية دولة تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية، لكن على أرض الواقع تم استخدام هذا النوع من الأسلحة، كما حدث في حرب إيران والعراق (1980: 1988).

وأردف: استخدام وتخزين الأسلحة البيولوجية محظور تماما، كالسلاح النووي، لكن لا توجد آلية حقيقية لمنع ذلك.

وأوضح أنه تزداد يومًا بعد آخر الإدعاءات بأن “كورونا” تم تصنيعه في المعمل (بالصين)، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الصين تسعى إلى تصنيع سلاح بيولوجي، ثم خرج الفيروس عن السيطرة.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا تطالب الصين بدفع تعويضات عن الخسائر التي تكبدتها هذه الدول جراء تفشي الوباء، وعلى بكين أن تتحمل ذلك إذا اتضح فعلا أنها تسببت بظهور الفيروس.

وقال بروفسور أرهان إن الدول ستطور آليات دفاع جديدة ضد الهجمات البيولوجية.

وشدد على أهمية أن تطور تركيا أنظمة سيبرانية، إضافة إلى تطوير آليات وقائية ورادعة ضد مثل هذه الهجمات.

** النووي ضد البيولوجي

وفق بروفيسور محمد سيف الدين أرول، عضو هيئة التدريس بجامعة حاجي بيرام ولي بأنقرة، رئيس مركز دراسات السياسة والأزمات بأنقرة، فإن “كورونا” جعل الدول تضع نصب أعينها احتمالية تعرضها مستقبلًا لتهديدات بيولوجية.

وأضاف أرول للأناضول، أن العالم دخل مع “كورونا” مرحلة جديدة بخصوص التسلح البيولوجي، ولم تتردد الدول في تطوير قدراتها العسكرية لردع هذه التهديدات.

وزاد بأن سباق التسلح سيستمر، بل وسيزداد، عقب الجائحة، وصراع القوى لا يزال مستمرا منذ انتهاء الحرب الباردة (1947 – 1991).

وشدد على أن الأسلحة البيولوجية لا يمكنها أن تحل محل الأسلحة النووية أو الأسلحة التقليدية، وأولوية الدول ستكون استخدام الأسلحة التقليدية.

ولفت إلى تصريح للمتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قالت فيه إن بلدها سيعتبر أي هجوم عليه بالصواريخ الباليستية المُطلقة من الغواصات سببا يستدعي الرد بالسلاح النووي.

وأفاد بوجود مخاطر تتمثل باحتمال استخدام السلاح النووي ضد السلاح البيولوجي أو العكس.

وشدد على أهمية أن تكون تركيا مستعدة لصد أي اعتداء عليها، سواء بالأسلحة التقليدية أو البيولوجية.

** صواريخ “هايبرسونيك”

أما بروفيسور أمره أوزان، عضو هيئة التدريس بقسم العلاقات الدولية بكلية العلوم الاقتصادية والسياسية في جامعة قيرقلار إيلي، فذهب إلى أن السياسة الدولية تشهد توترا ملحوظا منذ سنوات.

وتابع أوزان للأناضول أن تغير ذلك عقب انتهاء الجائحة أو تقليل الدول لنفقاتها الدفاعية واتجاهها إلى التعاون بدلا عن التنافس ليس بالأمر السهل الوارد حدوثه.

ولفت أوزان إلى أن الولايات المتحدة أجرت تجاربا على صواريخ “هايبرسونيك” (أسرع من الصوت) أثناء استمرار تفشي “كورونا”.

واعتبر أن “تجربة واشنطن لصواريخ هايبرسونيك باهظة التكلفة، بينما تواجه مستشفياتها أزمة في أجهزة التنفس الصناعي، يعد نوعا من الهزلية”.

واستطرد: “من المكن أن يطالب الناس بعد ذلك بصرف الضرائب التي يدفعونها على أمور أفيد من صرفها على التسلح. الوباء في حد ذاته مشكلة أمنية، كونه أثر على بينية الدول السياسية والاقتصادية والعسكرية إلا أنه قبل كل ذلك مشكلة أمنية إنسانية”.

** ميزانيات الدفاع بعد الجائحة

قالت سيبل قارابل، خبيرة استراتيجيات الأمن، إن الولايات المتحدة خصصت حزمة إنقاذ بقيمة 2 تريليون دولار، أي 10 بالمئة من ميزانيتها، لمواجهة الجائحة، بينما خصصت ألمانيا 4,9 بالمئة من ناتجها القومي، وخصصت الصين 1,2 بالمئة.

وأضافت للأناضول أن الدول زادت من إنفاقها على قطاع الصحة والمستلزمات الطبية، لكنها مستمرة في استثماراتها بمجال الدفاع.

ولفتت إلى أن الولايات المتحدة هي الأولى عالميا في الإنفاق العسكري، وخصصت لأول مرة 6,09 مليارات دولار في ميزانية العام القادم، من أجل استراتيجية الردع بمنطقة المحيط الهندي والهادئ.

واستطردت: كما أعلنت النرويج أنها ستزيد ميزانية الدفاع بنسبة 27 بالمئة، ضمن خطة الدفاع طويلة الأجل، وذلك رغم تفشي الوباء لديها.

وأشارت إلى أن بعض الدول، وعلى عكس الولايات المتحدة، أعلنت أنها ستقلص ميزانية الدفاع التقليدية، مثل كوريا الجنوبية، التي قالت إنها ستقلصها بمقدار 733 مليون دولار، فيما ستقلصها التشيك بـ120 مليون دولار.

ورجحت أن الدول ستعيد النظر في طرق إنفاقها العسكري، لكن ليس معني ذلك أن سباق التسلح سينتهي عقب “كورونا”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.