التكاثر باللايكات

بقلم د.إياد قنيبي

{..ألهاكم التكاثر..}
= ما أعمق المعنى! وما أشد انطباقه على مواقع التواصل!
(التكاثر)…أيْ محاولة الواحد أن يكون أكثر من غيره…تشمل التكاثر بعدد الإعجابات والمشاركات للمنشورات، والتكاثر بعدد المتابعين…
حتى أن أحدنا قد يصل إلى مرحلة أن “عليه أن يكتب شيئا ما” اليوم، لمجرد أن يكتب…فمنشور فلان “جاب” كذا ألف لايك وكذا ألف شير…
لا بد أن أكتب لئلا يقل عدد المتابعين فيصبح أقل من متابعي فلان !
لا بد أن أنشر صورة، حتى لو لم يكن في نشرها أية فائدة للمسلمين، لا فكريا ولا أخلاقيا ولا علميا… بل قد تحمل شحنة ثقيلة من الحزن والقهر، وتحطم المعنويات فوق ما هي محطمة، دون إعطاء أي وسيلة لتحويل هذا الحزن والأسى إلى عملٍ نافع… مش مهم، المهم أنها جابت إعجابات ومشاركات!
حتى تحول التكاثر في مواقع التواصل إلى ملهاة (ألهاكم التكاثر)…ملهاة بكل معنى الكلمة، إلا لمن رحم الله.
(حتى زُرتم المقابر)…هي لحظة واحدة تفصلك بين هذا التكاثر الـمُلهي والقبر، حيث تُطوى الصحف ولا عمل…كأنك كنت في سباق محموم تدور في حلقة مفرغة، وفجأة انتشلتك يد الموت لتضعك في القبر.
تأكد تماماً…كثيرٌ من منشوراتك التي كاثرت بها، و”جابت” أكبر عدد من الإعجابات والمشاركات والتعليقات….لن تتبعك، ولن تنفعك.
آلاف، ومئات آلاف، وملايين المتابعين وأعداد المشاهدات…لن تتبعك، ولن تنفعك…
لحظتها، هناك في القبر، وقد تكون لحظتك هذه قريبة، ستفهم تماما ما معنى (ألهاكم)، وستندم –حيث لا ينفع الندم- على كل عملٍ لم يكن خالصا مجردا محضا صرفا لله رب العالمين، وستعجب من نفسك أن كنت تراقب “بورصة” الإعجابات والمشاركات أكثر مما تراقب قلبك وإخلاصك وتسرب حظ نفسك إليه.
ولعل عملا واحدا لم تُلقِ له بالاً، ولم يطلع عليه إلا الله، ولم ينل لا شير ولا لايك…يكون أرجى عندك من هذا كله…وتراه نقطة مضيئة وسط سجلات من الغثاء.
دعوة للهدوء…والتركيز…ومحاسبة النفس.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.