المغرب: تواصل ردود الفعل المستنكرة لمشروع قانون الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي

تتواصل في المغرب ردود الفعل المستنكرة لمشروع قانون صادقت عليه الحكومة في وقت سابق حول استعمال شبكات التواصل الاجتماعي والذي يحمل رقم 20-22 وأطلق عليه المغاربة قانون «تكميم الافواه» في نفس الوقت الذي تبرأت من هذا المشروع كل الأحزاب المشاركة بالحكومة ويحاول بعضها دفع الجدال نحو مسؤولي تسريبه.

المجلس الوطني لحقوق الإنسان

واستغرب وزير سابق وزعيم حزب يساري كيفية تدبير الحكومة هذا المشروع، وتساءل عن الذي يجعلها بكافة مكوناتها السياسية «تصادق على هذا النص، في كتمان مطلق، يوم 19 آذار/ مارس الماضي دون نشر المشروع، لا من قبل انعقاد المجلس الحكومي ولا من بعده، وهي مسألة غير طبيعية، ودون استشارة لا المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولا الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ولا المجلس الوطني للصحافة، كما يتعين ذلك عندما يتعلق الأمر بقانون في مجال ممارسة الحريات».
وقال نبيل بن عبد الله، الوزير السابق والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقاً)، في تدوينة في صفحته على «فيسبوك»، إن جهة غير مسؤولة، مجهولة رسمياً، لكن أصابع الاتهام تشير إلى مصادر بعينها من داخل أوساط الحكومة، تسرب هذا النص لغرض في نفس يعقوب وتثير غضباً عارماً حوله. ليضع المغرب في وضعية فريدة من نوعها ومثيرة للسخرية والاشمئزاز. وأضاف أن «جميع المكونات السياسية لهذه الحكومة طلعت علينا تباعاً ببلاغات تستنكر فيها هذا المشروع. فبالله عليكم من قدم هذا النص إلى المجلس الحكومي من أجل المصادقة عليه ومن كان حاضراً أثناء مناقشته والمصادقة عليه؟ أليست نفس هذه المكونات السياسية التي تستنكر مضامينه اليوم وتتبرأ من المشروع بكامله؟ الأمر محير جداً وينم عن استهتار غير مقبول للرأي العام الوطني وعن لا مسؤولية فادحة في التعامل مع المصلحة الوطنية وعن استخفاف كبير إزاء العمل السياسي وما يقتضيه من جدية ومصداقية».
ودعا بن عبد الله إلى السحب النهائي لهذا المشروع «المرفوض مبدئياً وسياسياً وديمقراطياً وأخلاقياً ودستورياً والمنبوذ شعبياً، في ظرفية تقتضي تعزيز الوحدة الوطنية من أجل مواجهة انعكاسات جائحة الكورونا حالاً ومستقبلاً. وكم هي كبيرة التحديات التي تنتظرنا على هذا المستوى».
وأكد مصطفى البراهمة الكاتب الوطني لحزب «النهج الديمقراطي» اليساري المتشدد أن الدولة تستغل إجراءات مكافحة كورونا للتضييق على الحقوق والحريات، ودعا إلى وضع حد لمنطق الريع والاحتكار الذي ترعاه الدولة، وبناء دولة ديمقراطية تقطع مع الفساد والاستبداد.
وطالبت جماعة العدل والإحسان (أقوى الجماعات المغربية ذات المرجعية الإسلامية)، في بيان أرسل لـ»القدس العربي»، بالسحب الفوري لمشروع القانون المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، معبرة عن شجبها الشديد لمضامينه الأولية المسربة، التي «تتنافى مع مقتضيات دولة الحق والقانون، وتتعارض مع فصول الوثيقة الدستورية لسنة 2011، التي نصت على الحق في حرية الرأي والتعبير، التي تكفلها المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب»، والتي «لا تستجيب لتطلعات المغاربة في دولة ما بعد كورونا». التي تشوب تطبيق إجراءات حالة الطوارئ الصحية حيث تم توقيف أعداد هائلة من المواطنين في ظروف صحية تستوجب التخفيف من الاكتظاظ في أماكن الاعتقال، وتصوير الأفراد والأسر برجالها ونسائها وأطفالها، أثناء تطبيق القانون، في انتهاك لحياتهم الخاصة، ونشر عدد من الفيديوهات الخاصة بتلك التدخلات.
واستنكرت الجماعة «الحملات الممنهجة» التي تشنها مجموعة من وسائل الإعلام التي «أصبحت متخصصة في التشهير والتي تستهدف الحياة الخاصة للعديد من الوجوه الحقوقية والسياسية والمدنية المغربية بهدف تصفية الحسابات وتكميم الأفواه».
وأعلنت شبيبات فدرالية اليسار الديمقراطي استنكارها «استغلال حالة الطوارئ لمحاولة تمرير مشروع القانون رقم 22.20، المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة» والذي يهدف إلى «الإجهاز الكلي على حرية النشر والتعبير ببلادنا وتكميم أفواه المغاربة خدمة لأصحاب الرأسمال».
وعبرت الجبهة الاجتماعية المغربية عن رفضها المطلق لمشروع القانون مطالبة بإسقاطه وسحبه من التداول التشريعي. ودعت الجبهة، في بيان لها أرسل لـ»القدس العربي»، إلى تكتل كل التنظيمات الديمقراطية والجسم الإعلامي للتصدي لأي كبح للحق في التعبير، استغلالاً للظرف الوبائي، مؤكدة وقوفها في صف التصدي للمشروع «الذي يحاول إحياء سنوات الرصاص والظهير المشؤوم لـ»كل ما من شأنه»، خصوصاً وأن الدولة استغلت الظروف العصيبة للحجر الصحي لمحاولة تمرير هاته الجريمة التشريعية»، موضحة أنها لن تبقى مكتوفة الأيدي لإسقاطها.
وقال بيان الجبهة إن خطورة هذا المشروع الذي تم التستر على مسار تمريره، تتجلى في المس المباشر بالحق في التعبير والرأي، والحق في الاعتراض، والحق في ممارسة الاحتجاج السلمي المدني بكافة تعبيراته، عن طريق التعبئة أو التدوين أو عبر وسائط التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني.

المدونون والمعبرون

وطالبت الجبهة بإسقاط كل المتابعات والاعتقالات التي تعرض لها المدونون والمعبرون عن آرائهم، صوناً للحرية في التعبير، منبهة الدولة والحكومة إلى أن المرحلة الحالية تقتضي التضامن واتخاذ إجراءات اجتماعية لضمان شروط العيش الكريم للمواطنات والمواطنين، بدل إحياء تشريعات سنوات الرصاص.
من جهتها، قالت الناشطة الحقوقية المغربية، السعدية الولوس، إن مشروع قانون الشبكات الاجتماعية لن يؤثر على نشاط مناهضي التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي طُبّق أو لم يُطبق.ونقل موقع «اليوم 24» عن الولوس، الناشطة في حركة مقاطعة إسرائيل في المغرب (BDS) «لا أظن أن مشروع القانون 22.20 سيؤثر على نشاطنا، لأن المقاطعة صارت جزءاَ من ثقافتنا»، وأن «أي منتوج قادم من الكيان الصهيوني أو يسانده سنقاطعه ونشير إلى علاقته بالاحتلال».
وأوضحت أن حركتها ستستمر في نشاطها داخل المغرب، حتى وإن مُرّر مشروع القانون من خلال توعية المواطنين، وإثبات دعم بعض الشركات للاحتلال الإسرائيلي، وشرح العلاقة التي تربط فيما بينها، بالدليل والحجة، «ولا أظن وجود أي مشكلة قانونية في التعبير عن مواقفنا».
وأكدت أن الحركة ستواصل تصديها لأي توزيع أو بيع للمنتوجات الإسرائيلية في المغرب، مضيفة: «سنتصدى لها وندعو إلى مقاطعتها، بل وسنقاضي الحكومة في حال اكتشفنا أي منتوج قادم من الكيان الصهيوني»، وقالت إن «المغرب وقع على معاهدات تمنع المبادلات التجارية مع الاحتلال، وبالتالي ستستمر حركة البي دي أس نشاطها، وأداء مهمتها».
ورأت الولوس، عضو الفيدرالية المغربية لحقوق الإنسان، أن مشروع القانون، الذي لقي سخطاً واسعاً، أثبت نجاح حملات وسلاح المقاطعة، وأكد أنها كانت صواباً وحققت المراد منها، لافتة الانتباه إلى أن بنوده التي شجعت على «الاستمرار في نهج هذا الاحتجاج السلمي».
ودعت إلى الوقوف ضد «قانون الكمامة»، لأنه «يشكل خطورة على حرية التعبير، ويستهدف المناضلين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشددة على «ضرورة بذل الجهد حتى لا يُمرّر، وعدم التزام الصمت».

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.