في يومهم الوطني..”كورونا” عدو جديد للأسرى الفلسطينيين

شهر كامل مضى، وما زالت عائلة المصري،من قطاع غزة، تحاول الحصول على معلومات عن نجلها “يُسري” (38 عاما)، المُعتقل منذ 17 عاما، داخل السجون الإسرائيلية.

فمنذ تعليق السلطات الإسرائيلية العمل ببرنامج زيارات الأهالي والمحامين للأسرى، في 10 مارس/ آذار الماضي، كإجراء قالت إنه للوقاية من تفشّي فيروس “كورونا”، باتت المعلومات التي تنتقل من داخل السجون إلى خارجها “شحيحة جدا”.

ومع حلول يوم الأسير الفلسطيني، الذي يحييه الفلسطينيون في الـ17 من إبريل/نيسان من كل عام، تتخوف عائلة المصري، على صحة نجلها المحكوم لمدة 20 عاما، بتهمة “مقاومة الاحتلال الإسرائيلي”، حيث يعاني منذ عام 2013 من مرض “سرطان الغدة الدرقية”.

ويقول ياسر المصري، شقيق “يسري”، إن شقيقه بعد استئصال الغدة الدرقية في ذات العام، عانى من مضاعفات صحية في القولون والكبد، تم عمل الفحوصات له، لكن لم تبلغه إدارة مصلحة السجون بنتيجة تلك الفحوصات.

ومع منع الزيارات، لا تعرف عائلة المصري الوضع الصحي، والظروف الحياتية لنجلها داخل السجون، حيث كانت تستقي المعلومات عنه من المحامين الذين كانوا ينقلون لهم رسائله، أو عبر الهيئة الخاصة بشؤون الأسرى؛ وذلك بعد أن رفضت إسرائيل زيارة أشقائه له منذ نحو 4 سنوات.

وتتخوف عائلة المصري من وصول “كورونا” إلى داخل السجون، ما يشكّل تهديدا حقيقيا لحياة نجلها، وبقية الأسرى؛ سيما بعد اكتشاف إصابة أسير فلسطيني بكورونا، بعد أيام من الإفراج عنه بداية أبريل/ نيسان الجاري.

إسرائيل ترفض الإفراج عن الأسرى

من جانبه، يقول الوزير قدري أبو بكر، رئيس هيئة “شؤون الأسرى والمحررين”، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقلقة، وإن هناك مخاوف من انتشار فيروس كورونا في أوساطهم.

وأضاف “أبو بكر”، “طالبنا من السلطات الإسرائيلية عبر مؤسسات دولية كالأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر الإفراج عن الأسرى، وخاصة كبار السن والمرضى، والنساء، والأطفال دون سن الـ18”.

وأشار أبو بكر إن السلطات الإسرائيلية رفضت الطلب.

وعبّر المسؤول الفلسطيني عبر عن مخاوفه من انتشار فيروس كورونا في أوساط الأسرى.

وقال “السلطات الإسرائيلية سحبت مؤخرا نحو 140 صنفا من المواد من دكان الأسرى (مقصف السجن)، بينها منظفات ومعقمات، الأمر الذي يزيد من معاناة الأسرى، وإمكانية تعرضهم للوباء”.

وأشار إلى أن الأسرى شرعوا بخطوات احتجاجية كإرجاع وجبات الطعام، مطالبين بعودة بعض المشتريات للدكان، الأمر الذي أجبر إدارة السجون السماح لهم بشراء بعض الأنواع، لكنها غير كافية.

وقال “إسرائيل تستهتر بحياة الأسرى، ولا تقوم بإجراءات وقائية كافية، وتستغل الانشغال العالمي لمواصلة انتهاكاتها بحق الأسرى”.

وأضاف “نحو 5000 أسير يعيشون في 22 معتقلا، وإصابة أسير واحد بفيروس كورونا يعني انتشار سريع للوباء”.

ورغم انتشار الوباء، تواصل السلطات الإسرائيلية، شنّ اعتقالات يومية في صفوف الفلسطينيين، بحسب أبو بكر.

وقال “إسرائيل تتذرع بحجة الأمن، وتعتقل يوميا عشرات الفلسطينيين”.

وقال إن السلطات الإسرائيلية الخناق على نشطاء فلسطينيين في مدينة القدس المحتلة، وتمنعهم من توفير الحماية للسكان من فيروس كورونا، عبر اعتقالهم.

وقال “هناك استهتار واضح من قبل السلطات الإسرائيلية فيما يتعلق بحياة الأسرى”.

وأضاف “حتى اليوم لا يوجد أي إصابة مؤكدة بين صفوف الأسرى بفيروس كورونا، ولكن نحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياتهم، عقب الإعلان عن إصابة عدد من السجانين بالفيروس”.

وأعلنت السلطات الإسرائيلية إصابة 3 سجانين إسرائيليين بكورونا، هما شرطيان في سجن عوفر، وآخر في سجن الرملة”.

وبيّن رئيس هيئة شؤون الأسرى، أن المؤسسات التي تُعنى بقضايا الأسرى، قررت إلغاء كافة الفعاليات الميدانية الخاصة بإحياء يوم الأسير، بسبب كورونا، وسيتم الاكتفاء بأنشط إلكترونية ومؤتمر صحافية.

وأضاف “سينظم في الضفة الغربية وقطاع غزة مؤتمرات خاصة لتسليط الضوء على واقع الأسرى، إلى جانب فعاليات إلكترونية”.

وفي 17 إبريل/نيسان من العام 1974، أقر المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان منظمة التحرير)، ذلك التاريخ، يومًا وطنيًا للوفاء “للأسرى الفلسطينيين” داخل السجون الإسرائيلية.

الحدّ من تدفق المعلومات

وأثرت أزمة جائحة كورونا، بشكل كبير على حياة وأوضاع الأسرى داخل السجون، إذ لم يتعامل “الاحتلال بجدية مع هذا الأمر داخل معتقلاته”، وفق ثائر شريتح، مدير دائرة الإعلام في هيئة شؤون الأسرى والمحررين في قطاع غزة.

وأضاف شريتح “إسرائيل تتعامل بعنصرية واضحة، في هذا الملف، حيث تتضح المفارقة في اتخاذ الإجراءات الوقائية بين الساحة الإسرائيلية، والإجراءات المتخذّة داخل السجون والمعتقلات”.

وأوضح شريتح أن منع برنامج زيارات الأسرى والمحامين، حدّ من تدفق المعلومات ووصولها من داخل السجون إلى الخارج.

وحمّل اللجنة الدولية للصليب الأحمر “المسؤولية عن غياب تلك المعلومات”، لافتا إلى أن اللجنة وعدت بأن “يكون هناك بديلا عن الزيارات يتمثّل بالمكالمات الهاتفية”.

وذكر شريتح أن استبدال الزيارات بالمكالمات، لم تتم إلا لأعداد قليلة من الأسرى القاصرين، بينما لم يطبّق الأمر على بقية الأسرى.

وبيّن أن هيئته تحاول من خلال مصادرها، الحصول على المعلومات من داخل السجون.

ويتفشى “كورونا” في إسرائيل، باعتراف السلطات، التي اتخذت الكثير من الإجراءات، الاحترازية، ومنها إلزام كل المواطنين بلبس الكمامة الطبية حين الخروج من المنزل.

الصليب الأحمر: نراقب السجون

من جانبها، قالت سهير زقوت، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة، إن اللجنة تُعطي أولوية في عملها لمتابعة “المحرومين من حريتهم في السجون”.

وتابعت “إن انتشار الأوبئة في أي مكان بالعالم، يمثّل تحديا كبيرا لأي سلطات احتجاز”.

وبيّنت أن اللجنة تجري حوارا جديا مع السلطات الإسرائيلية، كما أنها تراقب ظروف اعتقال الفلسطينيين.

وأوضحت أن زيارات مندوبي اللجنة للسجون، ما زالت مستمرة، مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات الوقائية التي تحمي الأسرى، وتمنع نقل الفيروس من خارج السجون إلى الداخل.

وأوصت اللجنة، خلال حوارها مع السلطات الإسرائيلية، ضرورة “تقليل عدد الأسرى المتواجدين في السجون، والإفراج عن الفئة الأضعف بينهم من كبار السن، والمصابين بالأمراض المزمنة”.

وأعربت عن أملها في أخذ “السلطات الإسرائيلية بتلك التوصيات لمنع انتشار الوباء داخل السجون”.

وبحسب بيانات فلسطينية، اعتقلت إسرائيل نحو مليون فلسطيني منذ العام 1967 (تاريخ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة)، فيما بلغ عدد القابعين داخل السجون في العام 2020، حوالي 5000 أسير.

ومن بين إجمالي الأسرى، نحو 700 أسير مريض، بينهم 300 حالة مرضية مزمنة بحاجة لعلاج مستمر، منهم 10 مرضى مصابين بالسرطان.

وتعتقل إسرائيل 26 فلسطينيا منذ قبل اتفاق أوسلو (عام 1993)، و51 أسيرا منذ ما يزيد عن 20عاما بشكل متواصل، و541 أسيرا محكومون بالسّجن المؤبد لمرة واحدة أو لعدة مرات.

(الأناضول)

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.