مقال بواشنطن بوست: هل يدمر كورونا الدول النامية؟

تواجه أنظمة الرعاية الصحية في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية تحديات جمة في ظل التفشي المتسارع لوباء كورونا المستجد، حيث توشك على تجاوز قدرتها الاستيعابية لاستقبال مزيد من المصابين، ولكن ماذا عن الدول التي لا تملك نظام رعاية صحية في المقام الأول؟

بهذا السؤال استهل الأكاديمي والكاتب الصحفي برايان كلاس مقاله في صحيفة واشنطن بوست تحت عنوان “وباء كورونا يوشك أن يدمر الدول النامية” الذي سلط فيه الضوء على المخاطر التي ستنجر عن تفشي الوباء بالدول النامية في ظل غياب أنظمة صحية تمكن من مواجهته وصعوبة تطبيق التدابير الاحترازية بسبب الفقر والكثافة السكانية العالية.

وفيات مروعة
وأشار المقال إلى أنه بالرغم من أن عدد الوفيات في الدول الغنية جراء الفيروس ستكون مروعة حيث يتوقع أن يحصد أرواح مئات الآلاف إن لم يكن ملايين الناس خلال الشهور المقبلة، فإن الأوبئة التي عرفتها البشرية من قبل تشير إلى أن تلك الأرقام لن تمثل سوى جزء ضئيل من عدد الوفيات في البلدان الأكثر فقرا في العالم.

فقد حصدت جائحة الإنفلونزا التي ظهرت عام 1918 أرواح ما بين 25 مليون شخص ومئة مليون، كما يقول الكاتب، وكان حوالي 12 مليونا من تلك الوفيات في الهند وحدها. كما توفي حوالي مئة ألف شخص في غانا التي لم يتجاوز عدد سكانها آنذاك مليوني نسمة، أي أن الوباء قتل 5% من مجموع سكان العالم في ذلك الوقت.

ورجح الكاتب ظهور أنماط مماثلة خلال جائحة كورونا الحالية خاصة في المناطق الفقيرة والأحياء العشوائية.

تشغيل الفيديو

عجز طبي
وفي مقارنة بين الطاقة الاستيعابية للقطاع الطبي في الدول الغنية وتلك النامية، أشار الكاتب إلى أن عدد أَسِرّة العناية المركزة في المستشفيات الأميركية مقارنة بعدد السكان هو سرير واحد لكل 2800 شخص، بينما تحيل مقارنة مماثلة في أوغندا إلى سرير واحد بالعناية المركزة لكل مليون شخص.

ووفقا لخبراء فإن عدد أجهزة التنفس في مستشفيات ليبيريا -التي تقع في غرب أفريقيا ويضاهي عدد سكانها سكان ولاية لويزيانا الأميركية- لا يتجاوز ثلاثة أجهزة في كافة مستشفيات البلاد، وهو ما يعني أن المصابين بوباء كورونا الذين يحتاجون أجهزة تنفس ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة سيفقدون أرواحهم ما عدا الثلاثة الذين سيتمكنون من الاستفادة من أجهزة التنفس.

وأورد الكاتب رأي السفير البريطاني في مدغشقر، فيل بويلي، الذي قال “إن التحديات التي يشكلها الفيروس أكبر بكثير في البلدان الأشد فقرا، مثل مدغشقر، من تلك المتقدمة” مضيفا أن البنية الصحية في مدغشقر ضعيفة حيث لا يتجاوز عدد الأطباء عشرة لكل مئة ألف شخص، مقارنة بعشرة أطباء لكل 295 شخصا في الولايات المتحدة.

الفقر يعيق التدابير الاحترازية
وأشار الكاتب إلى أن تداعيات تفشي الجائحة في الدول النامية ستكون مضاعفة، لأن حكوماتها لا تملك القدرة على التخفيف من التأثيرات السلبية للتدابير الاحترازية الرامية للحد من تفشي الوباء، إذ قد يؤدي التطبيق الصارم لإرشادات عزل الناس إلى مجاعة واسعة النطاق.

ووفقا للسفير البريطاني في مدغشقر فإن العديد من “العائلات والمدارس وحتى بعض المستشفيات لا تحصل على الماء”، وإن ثمن المعقمات التي تستخدم لتعقيم اليدين يعادل راتب يوم كامل لمعظم السكان. وحذر السفير من أن التداعيات الإنسانية ستكون كبيرة إذا لم تتدخل الدول المتقدمة.

وحث الكاتب الدول المتقدمة على السعي لإنقاذ أرواح الناس في البلدان النامية، مؤكدا أن منح الحكومات في البلدان الغنية الأولوية لإنقاذ مواطنيها لا يتعارض مع إنقاذ أعداد كبيرة من الأرواح في مناطق أخرى بتكلفة قليلة نسبيا.

واقترح على البلدان المتقدمة إنشاء صندوق ابتكار سريع لتشجيع رجال الأعمال على تطوير أجهزة تنفس طبية منخفضة التكلفة لصالح الدول النامية. وقال إن على الدول الغنية التي تجاوز تفشي الفيروس فيها ذروته إرسال الطواقم والإمدادات الطبية إلى الدول الفقيرة التي تشهد تفشي الوباء.

المصدر : واشنطن بوست

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.