ميدل إيست أي: محمد بن سلمان لاحق حليفا لبن نايف إلى كندا

نشر موقع “ميدل إيست آي” في لندن تقريرا لدانيا العقاد قالت فيه إن مسؤولا أمنيا سعوديا بارزا تمت ملاحقته في كندا. وقبل وصوله إلى كندا قالت مصادر إنه كان هدفا لملاحقة من ولي العهد محمد بن سلمان وربما محاولة إعادة قصرية. ومنحت السلطات الكندية اللجوء إلى المسؤول الأمني الذي اعتبر تهديدا لولي العهد محمد بن سلمان. ونقل الموقع عن ثلاثة مصادر قولها إن سعد الجبري الذي كان من المستشارين الموثوقين لمنافس محمد بن سلمان، الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق، بات من أكبر المطلوبين خارج السعودية.
وفر من المملكة في عام 2017 قبل فترة من وضع محمد بن نايف، وزير الداخلية السابق، تحت الإقامة الجبرية وتعيين محمد بن سلمان وليا للعهد.
وأثار منحه اللجوء السياسي أسئلة حول الخلاف الدبلوماسي بين أوتاوا والرياض عام 2018. وكان بن نايف واحدا من أفراد العائلة المالكة الذين تم اعتقالهم يوم الجمعة، في ما وصف بأنها المحاولة الأخيرة من ولي العهد لتعزيز سيطرته على الحكم، ولم يصدر من الحكومة السعودية بعد أي رد رسمي.
وجعلت علاقة الجبري مع محمد بن نايف وخبرته الطويلة في أهم وزارة بالمملكة وثروته سببا في استهداف بن سلمان وهو ما دفعه للهروب. وقال مصدر على معرفة بالأمر: “دعونا نفترض أن هناك محاولة انقلاب في السعودية” فهو “أكبر تهديد لأن لديه المال والقوة لعمل هذا”. وقال مصدر ثان إن المسؤول السابق كان هدفا للملاحقة حتى في كندا وتلقى رسائل تخويف وتهديد من محمد بن سلمان. وكانت هناك مخاوف من تعرضه لمحاولة إعادة قسرية من كندا إلى السعودية. ولم يتأكد الموقع من صحة كلام المصدر فيما رفضت المخابرات الكندية التعليق. وقال متحدث باسم الشرطة الكندية: “من الناحية العامة لا يتم الكشف عن هوية الشخص أو الأشخاص إلا بعد التحقيق في الاتهامات الجنائية”. وحاول الموقع الحصول على تعليقات من الجبري وعائلته عبر عدد من القنوات لكن لم يتم الحصول على شيء مع نشر التقرير. لكن مصادر قالت إن الكشف عن معاناته مهم لأنها تظهر المدى الذي لاحق فيه ولي العهد المنافسين له ومن يرى أنهم تهديد عليه. وعمل الجبري أثناء وجوده في السعودية بمجال مكافحة الإرهاب وكان حلقة وصل بين بن نايف والقادة الدينيين. ومع صعود محمد بن سلمان عام 2015 بعد تولي والده العرش بدأ صراع بين الجبري ومسؤول بارز في الوزارة وهو الجنرال عبد العزيز الهويريني. وكان كلاهما على علاقة جيدة مع المخابرات الأمريكية حيث أكد محمد بن نايف نفسه كمحاور موثوق به بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001. لكن التوتر زاد بسبب ولائهما، حيث وقف الجبري مع محمد بن نايف أما الجنرال الهويريني فقد فضل محمد بن سلمان، مما جهز المشهد لتوسيع سلطته والتخلص بعد ذلك من الجبري ومحمد بن نايف. وفي أيلول (سبتمبر) 2015 التقى الجبري، كما قيل، مع مدير المخابرات الأمريكية السابق جون برينان أثناء زيارة إلى واشنطن لم يكن محمد بن سلمان على معرفة بها. وبعد عودته صدر مرسوم ملكي بعزله من منصبه. وكتب المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس أن عزل الجبري كان يجب التعامل معه على أنه أول تحذير من أن محمد بن سلمان “قد يدفع المملكة للأمام أو يدفعها نحو الهاوية”.
وجاء دور محمد بن نايف في حزيران (يونيو) 2017. ففي هذا الشهر عزل من منصبه كولي للعهد وكوزير للداخلية ووضع تحت الإقامة الجبرية. وبعد عزل محمد لابن نايف، عزل الهويريني من منصبه وحجز عليه لفترة قصيرة في بيته. وقال مسؤولون أمريكيون إن خسارة بن نايف والهويريني قد تعرض جهود مشاركة المعلومات الأمنية للخطر. وبعد شهر تم ترفيع الهويريني إلى رئيس جهاز رئاسة أمن الدولة والذي يتولى الأمن القومي. وتم سحب ملف الأمن المحلي والقومي ومكافحة الإرهاب من يد وزارة الداخلية، ولم يبق لدى الجبري سوى أسابيع للهرب. وبعد فترة قصيرة في ألمانيا صيف عام 2017 سافر الجبري إلى الولايات المتحدة وقضى مدة في منطقة بوسطن. وخلال هذه المدة كتب مقالا لمدونة مركز بيلفر في جامعة هارفارد. ورغم العلاقة الجيدة بين المؤسسات الأمنية الأمريكية وبن نايف إلا أن الجبري لم يشعر بالأمان في أمريكا بوصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ولهذا سافر إلى كندا بعد ما منحه المسؤولون الكنديون اللجوء في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 وبعد شهر منح أفراد عائلته اللجوء. وقال مصدر ثالث إن الجبري تعرض أثناء وجوده إلى محاولة نقل قسري إلى السعودية. وقال إنه فضل كندا على الولايات المتحدة لأنه شعر أن إحضار عائلته أسهل من أمريكا.
وفي سؤال لوزارة الخارجية عن توفير الحماية للجبري وعائلته ردت على لسان متحدث باسمها أنها لا تعلق على القضايا الثنائية بين الدول. وقالت وزارة الداخلية والهجرة إنها لا تعلق على حالات فردية. وقال الموقع إن منح كندا اللجوء للجبري يطرح أسئلة حول الخلاف الدبلوماسي بين البلدين في آب (أغسطس) 2018 عندما طردت الرياض السفير الكندي واستدعت طلابها وقطعت العلاقات الدبلوماسية بسبب دعوة الخارجية الكندية السعودية احترام حقوق الإنسان والإفراج عن ناشطات حقوقيات. وقالت مصادر مطلعة إن منح اللجوء للجبري وعائلته يمكن له توضيح الخلاف الدبلوماسي. وقال واحد من المصادر إن تغريدة الخارجية كانت “القشة التي قصمت ظهر البعير الذي كان محمد بن سلمان”. ولكن مصدرا دبلوماسيا حذر من الربط بين وجود الجبري في كندا والخلاف الدبلوماسي وألا علاقة بينهما. وقال توماس جينو، الأستاذ المشارك في جامعة أوتاوا، إنه قابل عددا من الدبلوماسيين والمسؤولين وسألهم عن الخلاف مع السعودية ولم يرد اسم الجبري و”ليس هناك سبب للاعتقاد أنه كان الموضوع الذي شكل الخلاف وأعتقد أن الدوافع التي جعلت بن سلمان يعمل ما يعمل واضحة ولكن هذا شيء مستفز أضاف لإحباطه من كندا”.
ورغم ما كتبه الجبري في جامعة هارفارد إلا أنه ظل بعيدا عن الأضواء منذ خروجه من السعودية، مع أن مسؤولين أخبروا الموقع أنه مقيم في كندا. وقال معارض سعودي إنه “ظل بعيدا عن المشهد العام” و”شاهد عددا قليلا من الناس بالصدفة”. ويقول المحلل السابق في “سي آي إيه” والزميل في معهد بروكينغز، بروس ريدل، إنه لا يستغرب شعور الجبري بالأمان في كندا أكثر من أمريكا. وقال: “أي شخص معارض يواجه خطر إجباره في مرحلة معينة للعودة أو القتل” و”تتجاهل إدارة ترامب هذه المشكلة”. وتعرض دونالد ترامب للنقد بسبب تقليله من جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي عام 2018 ودفاعه عن محمد بن سلمان. وكشف الموقع أن مكتب التحقيقات الفدرالية أخبر ناشطين سعوديين في أمريكا بعد أسابيع من قتل خاشقجي أن حياتهم في خطر. وقال عبد الرحمن المطيري الذي انتقد ولي العهد إن “أف بي آي” أحبط محاولة سعودية لاختطافه من أمريكا. وقال ناشطون إنهم لاحظوا أن “أف بي آي” يبعد نفسه عن البيت الأبيض. وقال المعارض: “أخبرتهم أنني خائف نوعا ما للتعامل معهم بسبب علاقة الإدارة القريبة من محمد بن سلمان” و”ردوا بلا تخش شيئا فنحن هنا لحماية الناس من كل مكان ولا يهم من هو في البيت الأبيض”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.