تركي يرفض إمامة سوري للصلاة ويغادر المسجد!

لا تزال المضايقات تستهدف النازحين السوريين المقيمين في تركيا، خصوصا بعد تزايد الاحتقان جراء مقتل نحو ستين جندياً تركيا في إدلب، وقد سجلت على مدى الأيام القليلة الماضية، اعتداءات عدة طالت السوريين وما يملكون في تركيا من محلات تجارية أو سيارات.
وتشيع بين الأتراك تبريرات لتلك الاعتداءات من قبيل ترديد عبارات مثل “جنودنا قتلوا نتيجة ذهابهم إلى سوريا للدفاع عن شعبها وأهلها في وقت يعيش فيه السوريون في تركيا في رغد من العيش بعد أن هربوا من بلادهم”. لكن الحادثة الأخيرة التي تابعتها “القدس العربي”، حصلت في أكثر الأماكن التي تجمع الشعبين قداسة، وهو المسجد!
يقول “أبو محمد عزيزي” وهو رجل سوري لاجئ في ولاية غازي عنتاب التركية، في حديث لـ “القدس العربي”، إنه وخلال صلاة العشاء من مساء يوم الثلاثاء الماضي، “وقعت حادثة داخل مسجد الإمام الكيالي، الواقع في حي بين إيفلار بولاية غازي عنتاب التركية، عندما قام شخص تركي بشتم السوريين داخل المسجد، ومن ثم خرج منه والسبب هو أن أحد السوريين تولى الإمامة في الصلاة بعد أخذ الإذن من إمام الجامع التركي”، مشيراً إلى أن الجميع استغرب تصرفه وحنقه وكلامه الذي كان مملوءاً بالكره تجاه السوريين هناك.
يضيف أبو محمد: “مع شروعنا بالصلاة يبدو أن السوري هو طالب في كلية الشريعة، قام الإمام بتقديمه مكانه للإمامة، وبعد أن قال الله أكبر وشرع بقراءة سورة من القرآن الكريم، قام أحد الأتراك من الخلف بقطع الصلاة وبدأ يتكلم بصوت مرتفع رغم أنه في المسجد، وبكلمات مفادها أن “السوريين في كل مكان.. السوريين لوثوا حياتنا” وغيرها من العبارات المناهضة لوجود السوريين في تركيا، مما اضطر الشاب السوري إلى ترك المسجد تجنباً لإثارة إشكال.
الشاب السوري محمود الذي يقطن الحي نفسه أيضاً والذي كان حاضراً في الصلاة أيضاً، أكد أن “التركي الذي قام بالصراخ يبلغ من العمر أربعين عاماً تقريباً، ومعروف بنزعته السلبية تجاه الغرباء في تركيا عموماً والسوريين على وجه التحديد، وهو عابس الوجه دائماً بهم ولا يتكلم معهم، كما لا يرد السلام إن ألقاه أحدهم”، لافتاً إلى أن معظم السوريين يعرفونه بالشكل ولكن لا يعرفون أية تفاصيل أخرى عن سبب مهاجمته إياهم في أية فرصة.
ويستطرد محمود قائلًا: “نعلم جيداً هذه الفئة من الشعب التركي ونعلم من يستغل الأحداث كي يغذيها، ولكن في النهاية لا نستطيع تعميم هذه الحالة على كل الشعب التركي، هنا في عنتاب هناك الكثير من الطيبين الذين ساعدونا في كل مجالات الحياة، كما أن هناك الكثيرين ممن إذا قصدناهم فلبونا، وبالتالي لا يمكن اعتبار هذا سوى قلة قليلة تكره اللاجئين وتعاديهم”.
ومنذ مقتل الجنود الأتراك في سوريا، شهدت مناطق تركية عدة من بينها مدينة مرعش وريفا أنطاكيا وبورصة موجة اعتداءات على السوريين من ضرب وتكسير للمحلات والسيارات، حيث هاجم عشرات من أبناء مدينة “قرق خان” في ريف مدينة أنطاكيا محلات السوريين، ونصبوا كمائن على الطريق المارة من قرق خان باتجاه أنطاكيا وقاموا بضرب السيارات السورية بالحجارة ومطاردتها، كما أظهرت أشرطة مصورة انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، قيام مجموعة من الأتراك بضرب أحد اللاجئين السوريين وسط طريق عامة، وكذلك الأمر كان بالنسبة لشاب سوري في غازي عنتاب رغم تدخل امرأة تركية في محاولة لتخليصه، فيما أحكمت السلطات قبضتها على مدينة أنطاكيا عبر تكثيف دورياتها منعاً لحدوث مثل هذه المشاكل.
يقول “عثمان” وهو شاب تركي قي الثلاثين من عمره لـ “القدس العربي”: “لا أدري لما كل هذه الفوضى مع اللاجئين السوريين، كلنا نعلم أن قاتل شهدائنا وشهدائهم واحد، وإن تذرع أحد بالثأر والانتقام فذاك هو طريق دمشق، هناك القاتل الحقيقي وليس السوريين، وفي كل الأحوال فإن دولتنا علمت هؤلاء القتلة ما معنى أن الاعتداء على جيشنا”.
أما كوكهان وهو تركي علوي فقد أكد أن ما يقوم به البعض هو خاطئ بالمطلق قائلا: “كلنا خلق الله ونحن نعلم أن السوريين خرجوا مجبرين تحت ضرب الطائرات والصواريخ هناك، ونعلم أن الذي قتل جنودنا يقود طائرة وليس لاجئاً يحمل سكيناً مثلاً، ليذهب هؤلاء إلى من أرسلهم وليخبروه أنه لن يستطيع شراء عقيدة جميع الأتراك”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.