كيف تبدأ الفتن؟


أ.د/ طه جابر العلواني

هناك أثر قرأته وحفظته وأنا على مقاعد الدراسة، أن رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- سأل مرة من حوله في نوع من الدراسات التحذيرية التي تستشرف مستقبلا وتحذر من ممارسة ما قد يقود إلى السوء في ذلك المستقبل. قال لمن حوله: كيف بكم إذا أضعتم صلاتكم وتركتم جهادكم ولم يعد أمركم شورى بينكم؟. قالوا: أوكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم، وأشد من ذلك سيكون، فاشرأبت الأعناق إليه –صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: كيف بكم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟. قالوا: أوكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم وأشد من ذلك سيكون. كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا؟. قالوا: أوكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم، وآنذاك ليتيحن الله لهم فتنة تذر الحليم فيهم حيران، أو كما قال.
فالأثر يبين لنا أن بداية الفتن تخلي أخيار الأمة عن قضاياها الهامة وتعطيل الأركان الأساسية للدين، وفساد التصورات السليمة، واستبدالها بأهواء تتبع ومقولات وتصورات وأحكام تبتدع، يخالف فيها هدي الله، ونهج رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- ويقوي الناس بعضهم بعضا على ذلك، فيختلط الحق بالباطل، ويتعذر الميز بينهما، فتكون الفتنة التي تذر الحليم حيران، ليس لها من دون الله كاشفة ولا ينجو منها أحد إلا الذين سبقت لهم من الله الحسنى.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.