نيويورك تايمز: حفتر يدير دولة بوليسية في بنغازي بمظهر إسلامي

تحدث الكاتب ديفد كيركباتريك عن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بأنه الحاكم العسكري لشرق ليبيا، ويقول إنه يحكم دولة بوليسية بمظهر إسلامي، ويحاول السيطرة على البلاد بأكملها.

ويقول كيركباتريك -الذي يعمل مراسلا لصحيفة نيويورك في تحقيق بالصحيفة كتبه من بنغازي- إنه زار الجزء من ليبيا الواقع تحت سيطرة حفتر كي يستطلع الأمور على حقيقتها، مصطحبا زميله المصور إيفور بريكيت.

ويصف الكاتب صور حفتر المنتشرة على اللوحات الإعلانية فيقول إنه من خلالها يحدق بحطام مدينة بنغازي الليبية، وذلك وهو يرتدي بزته العسكرية المزركشة بالأوسمة، رغم توقف الحرب الأهلية التي يشنها في طريق دموي مسدود.

ويمضي الكاتب بالوصف فيقول إن رجال حفتر الأمنيين يتسكعون بملابس مدنية ويسترقون السمع في المقاهي والردهات الفندقية، بينما سلم السيطرة على المساجد لدعاة متطرفين.

تشغيل الفيديو

كتيبة اغتيال
ويرعى حفتر رعاية خاصة كتيبة اغتيال قبلية تدعى كتيبة “أولياء الدم” التي يلقى عليها باللوم في سلسلة طويلة من حالات الاختفاء والقتل لخصوم حفتر السياسيين.

وينسب الكاتب إلى الناشط الليبي أحمد الشركسي -الذي فر من بنغازي إلى تونس بسبب تهديدات لحياته- القول “نحن نعيش في سجن”.

ويشير إلى أن حفتر (78 عاما) هو الحاكم العسكري لشرق ليبيا، وأنه يشن حربا منذ نحو ست سنوات للسيطرة على البلاد، وأنه بدأ هجوما على العاصمة طرابلس منذ 10 أشهر.

ويضيف الكاتب أن حفتر وعد ببناء ليبيا مستقرة وديمقراطية وعلمانية، لكنه أغلق بشكل كبير إقليمه أمام الصحفيين الغربيين، وأن الزيارة التي قام بها الكاتب نفسه ومصور الصحيفة للجزء الذي يسيطر عليه حفتر كشفت عن استبداد كبير وأكثر تشددا وانعداما للقانون منه في عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

تشغيل الفيديو

خراب وفساد
ويقول الكاتب “في معقل حفتر في بنغازي، وجدنا مدينة نصفها خراب تعاني من الفساد، حيث تعقب رجال الأمن الصحفيين الأجانب، وكان سكان المدينة يرتعدون خشية الاعتقال التعسفي، وإنه لا أحد يمكنه مساءلة المليشيات الموالية للحكومة.

ويضيف أن السكان يشكون من الفساد والإثراء الذاتي من جانب قادة مليشيا القبائل وضباط القذافي السابقين، وأن هناك تقارير عن تفجيرات وخطف واحتجاز دون محاكمات، وأن “المتطرفين الإسلاميين” استولوا على المساجد وربما تسللوا إلى قوة الشرطة.

وينسب إلى أحد سكان بنغازي -الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته- القول إن “الجميع خائفون، حتى من إخوانهم المواطنين”.

ويشير الكاتب إلى أن جوناثان وينر المبعوث الخاص لليبيا في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وصف نظام حفتر الوحشي بالقول “إذا كنت مع حفتر فأنت تحت مظلته ويمكنك أن تفعل ما تريد، وإذا لم تكن كذلك، فأنت عدو وقد تُسجن أو تُقتل أو تُنفى”.
اعلان

جرائم ورعب
ويضيف الكاتب أن الأمين العام للأمم المتحدة حذر الشهر الماضي من “تدهور القانون والنظام” في شرق ليبيا، “بما في ذلك حالات عديدة من الجرائم والتخويف” من جانب جماعات تابعة لقوات حفتر.

ويقول الكاتب إنه بسبب الشيخوخة والذهول، فنادرا ما يظهر حفتر في بنغازي، وهو يدير الأمور من مقر إقامته الجبلي الواقع على مسافة ساعة بالسيارة إلى الشرق. حيث يجتمع مع شيوخ القبائل ويعتمد على الأسرة كأقرب مستشاريه، واثنان من أبنائه هما من بين كبار قادته العسكريين، وهما أيضا قائمان على رعايته.

ويمضي الكاتب في وصف حال مدينة بنغازي، فيقول إنها تضج بالمحلات والمقاهي الحديثة، لكن الشوارع وسط المدينة عبارة أنقاض، مضيفا أن عددا قليلا من السكان البائسين بدأ العودة مع أسرهم ليجلسوا وسط حطام منازلهم السابقة على ضوء مصابيح الكاز.

ويتحدث الكاتب عن سيرة حفتر وعن كيفية تشكيلة مليشيات مؤيدة له، ويقول إن الصفقات التي أبرمها حفتر مع المليشيات القبلية والسلفيين وأتباع القذافي السابقين في بنغازي تهدد الآن بتجاهل وعوده إزاء القانون والنظام العلماني.

صور حفتر
ويضيف أن العديد من سكان بنغازي يحتفلون بحفتر في ظل استعادة الأمن إلى الشوارع، وهو موقف تعززه وسائل الإعلام الرسمية، وأن صور حفتر منتشرة في كل مكان، وهناك شبكة تلفزيونية فضائية مؤيدة لحفتر تبث دعاياته وتبث أحيانا مواعظ لسلفيين، بينما ينظم مكتب دعم القرارات التابع للحكومة مظاهرات أسبوعية في الشوارع ، استدعاء لمظاهر عصر القذافي من الحماس القسري.

ويشير الكاتب إلى أن حفتر يعتمد بشدة على أعضاء آلة القذافي القديمة، وأن أعدادا من الموالين للقذافي السابقين عادوا من مصر وأماكن أخرى خلال الأشهر العشرة الماضية.

وذكر أن بعض مؤيدي حفتر يزعمون أنه يستخدم السلفيين في تحالف مؤقت للضرورة وأنه يضعهم تحت المراقبة.

ويقول إنه رغم أن بنغازي لم تعد ساحة قتال، فإنها بالكاد تكون خالية من العنف. فقد قتلت سيارة مفخخة في أغسطس/آب ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة واثنين آخرين، وسحبت الأمم المتحدة دبلوماسييها من المدينة.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.