الزمن الصعب

بقلم أ. عباس شريفة المصدر رؤية للثقافة و الإعلام

المنطقة العربيّة قادمة على تحولات جذريّة.
ف 65 % من الشعوب العربيّة اليوم هم من جيل مواليد 2000، وهذه الشريحة هي التي تركّز عليها مراكز الدراسات الغربيّة، وتهتمّ بها وبميولها الفكريّ، وتوجّهاتها السلوكيّة، وهي الأكثر حيويّة وارتياداً لمواقع التواصل الاجتماعيّ، وتمتلك قابليّة التمرّد والتحرّك ضدّ أي سلطة، سياسيّة كانت أو دينيّة أو اجتماعيّة.
هذا الجيل هو الذي يجوب اليوم شوارع بغداد وبيروت والجزائر والسودان، في موجة الربيع العربيّ الثانية، لا يعرف الخوف ولا يعترف بالمرجعيّات الدينيّة الرسميّة ولا يؤمن بهذه الأنظمة السياسيّة
هؤلاء لا يتلقّون المعلومة من وسائل إعلام الأنظمة، ولا يتلقّون الدين من المؤسّسة الدينيّة الرسميّة.
ولا يخضعون للنظام الاجتماعيّ المرتبط بالأسرة والعشيرة.
آذانهم وعقولهم مفتوحة على ثقافات العالم، والأنظمة العربيّة لم تحقّق لهم تنمية اقتصاديّة تستوعب حاجاتهم الماديّة ولم تستثمر طاقاتهم المفعمة في العمليّة الإنتاجيّة والبناء والنهضة، ولا حقّقت لهم الحرّيّة السياسيّة التي تحتوي تمرّدهم على واقعهم السياسيّ والثقافيّ البائس.
لذلك نحن أمام سيناريوهات ترجّح المزيد من الانفجارات الاجتماعيّة والموجات الثوريّة المتتالية.
فمن يريد التحكّم والتأثير في المستقبل السياسيّ للمنطقة، عليه أن يكون قادراً على التأثير في وعي هذه الفئة، وتوجيهها والتحكّم بسلوكها، في أطر تربويّة وتنظيميّة قادرة على قيادة حراكهم وترشيد تمرّدهم في عمليّة البناء.
هذه التحدّيات المحدقة تفرض علينا مراجعة عميقة لنظام الفكر السياسيّ العربيّ المتكلّس، والخطاب الدينيّ الرسميّ الجامد، والعلاقات الاجتماعيّة، وكيفيّة الحفاظ على كيان الأسرة من التفكّك، وإلا فنحن أمام منحدر خطير لا ندري مدى السقوط فيه، ولا ندري أين القاع.
إنّ التسارع الحاصل في كلّ ميادين الحياة، على المستوى الثقافيّ والعلميّ والتقدّم الصناعيّ، والذكاء الصناعيّ على الضفة الأخرى من جهة، وسطوة الاستبداد بكلّ أشكاله في بلادنا من جهة أخرى، جعلت القوى الفكريّة والثقافيّة عاجزة عن إحداث التغيير، أو حتّى قيادته.
وهذا ما أوصل المجتمع الى حائط مسدود: إمّا الإذعان للاستبداد، وإمّا الثورة والانفجار…
وأمام القوى الحيّة في المجتمع، وهم “الشباب” معركة طويلة الأمد، عنوانها: “التحدّي والألم” ويجب أن يخوضوها بجدارة متسلّحين بالإيمان والعلم والمعرفة.
لإسقاط الاستبداد، ومن تماهى مع الاستبداد، وفَقَدَ القدرة على مواكبة العصر، لإحداث التغيير، فالجامدون اليوم على وسائلهم الإداريّة والتربويّة والتعليميّة أمامهم خياران لا ثالث لهما:
إمّا أن يَتَغيَّروا، وإمّا أن يُغَيِّروا

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.