ملخص كتاب تكوين المفكر للدكتور عبد الكريم بكار

المصدر أوطان بوست

كثيرة هي الآيات القرآنية التي تدعونا للتفكير والتفكّر، ومقابل ذلك قليلة هي الجهود المبذولة لتنمية المهارات العقلية المختلفة في مجتمعاتنا الإسلامية بشكل عام. لذلك نرى في زماننا هذا دعوات جديدة لإعادة إعمال العقل وعمليات التفكير المختلفة انطلاقاً من دعوة القرآن الكريم الواضحة للتفكير والتعقّل والتدبّر والتأمل.
في هذا السياق نتناول اليوم كتاباً قيّماً لكلّ إنسان مبادرٍ يسعى باستمرار لتطوير ذاته.

يُقدم كتاب “تكوين المفكّر: خطوات عملية” للأستاذ الدكتورعبد الكريم بكار رؤية شاملة لمفهوم التفكير بالإضافة إلى تفاصيل منهجية واضحة ليسير القارئ وفقها ليرقى بنفسه  ويكون مفكّراً، وذلك في كتاب يضم 220 صفحة. بالتالي فإن هذا الكتاب موسّع وشامل لجوانب متعددة في مجال البناء الفكري للفرد المسلم. وبالرغم من ذلك فإن الكاتب ينبه القارئ في المقدمة إلى أن قراءة هذا الكتاب لا تجعل القارئ مفكّراً بل تعطيه الخطوات الأساسية التي عليه اتباعها ليبدأ بتكوين عقله المفكّر، فيقول الكاتب: ” إن هذا الكتاب يهدف –كما تهدف كل الكتب المشابهة – إلى تحسين المحاكمة العقلية لدى القارئ وتمليكه قدراً جيداً من الرؤى والمفاهيم التي تساعده على فهم ذاته وفهم عصره، كما تساعده على امتلاك رؤية نقدية للواقع الذي يعيش فيه ولسبل تطوير ذلك الواقع.”

يُقسّم الكاتب هذا الكتاب إلى عناوين متعددة، والعنوان الأول : “من هو المفكر؟ “تحت هذا العنوان يفرّق الكاتب بين المفكّر والمتخصص، والعالِم، والمصلح، والداعية، والمثقف، والفيلسوف. فهؤلاء كلهم يعملون في حقل العلم والمعرفة، ولذلك كان لا بد من تمييز المفكر بينهم لأن المفكّر هو المستهدف من هذا الكتاب.

وبالرغم من صعوبة تحديد خط واضح يفصل بين هؤلاء الذين يشتغلون بالعلم والمعرفة فقد استطاع الدكتور بكار أن يرسم بعض الملامح الواضحة للمفكر الذي “يتبوأ منزلة ثقافية وعقلية هي فوق منزلة المثقف ودون منزلة الفيلسوف وهذا التصنيف (…) إنما يقوم على أساس مقدار التجريد والتنظير والتعالي عن الواقع لدى هذه الفئات الثلاث؛ فالفيلسوف أبعد غوراً في التجريد وفي إبداع المفاعيم وأشد اشتغالاً بالقضايا الكبرى من المفكر والمفكر أبعد غوراً في هذه الأمور وأشباهها من المثقف.”

ومن أجل توضيح ملامح المفكر يكتب د. بكار العنوان الثاني “من صفات المفكّر”، حيث يفصّل الكاتب في بعض صفات المفكر. فهو بالإضافة إلى كونه محب للمعرفة ولكل تطور وجديد، هو نسيج وحده، أي أن المفكّر أدرك أن مجال عمله رحب للغاية وفيه مجال واسع للاختلاف. فهو لا يختلف مع غيره من المفكرين فحسب بل يختلف حتى مع نفسه لأنه مستعد للتخلي عن الأفكار القديمة إذا وجد أفكاراً جديدة أكثر قيمة وأقوى دلالة.

والمفكر مع هذه الاستقلالية يشعر بمسؤولية موقعه ويدرك تماماً أن ما يقوله سيكون إما حجة له أو عليه، لذلك فهو يتوخى الدقة والحذر في كلامه وأحكامه واستنتاجاته. ومن أهم ما يميّز المفكّر هو استقلالياته من قيد محيطه والمسلّمات المنتشرة فيه، واستقلاليته من قيد الانتماء وقيد الذاكرة.

ومن الصفات المهمة التي تميّز المفكر عن العالم هو انطلاق المفكّر من ضيق النظرة إلى اتساع الرؤية “حيث إنك تجد الواحد منهم قد عَبَر تخصصه إلى فضاء المعرفة الأرحب، وعَبَر معارفه بالماضي إلى توظيفها في فهم الحاضر وإصلاحه، وبعد ذلك يعبر رؤيته للواقع من أجل استشراف المستقبل.” وفي سياق الحديث عن صفات المفكّر يخصص الكاتب مكاناً خاصاّ ليصف المفكّر المسلم الذي هو مسلمٌ أولاً ومفكّر ثانياً. والتأكيد على هذا هو أمر أساسي لأنه يُظهر فارقاً كبيراً بين المفكّر المسلم والمفكّر اللاديني أو العلماني. فالمفكّر، كل مفكّر، يستند في تفكيره إلى ثوابت ما، والمفكّر المسلم يستمد هذه الثوابت من نصوص الشريعة وأحكامها وآدابها وهي نصوص قدسية ثابتة تمنح المفكّر أساساً صلباً لبناء فكره عليه.

ولأن الفكر والتفكير هما عمل العقل والدماغ، أفرد الكاتب عنوان “العقل والدماغ” للتفريق بينهما وبيان العلاقة التي تربط بينهما. فالدماغ هو ذلك العضو المحسوس المعقد الذي تؤثر تركيبته على عمليات التفكير التي تحدث في العقل والعقل هو الشيء المعنوي الغامض الذي يؤدي تلك الوظائف العليا للدماغ البشري. والعقل عقلان، الأول “هو: مجموعة الإمكانات والاستعدادات والمبادئ الأولية التي وهبها الخالق – سبحانه – بني البشر.” وهو مشترك بين جميع البشر. والعقل الثاني هو المعرفة والخبرة المكتسبة.

يتحدث الكاتب بعد ذلك عن مفهوم الحقيقة لأن “الشغف بمعرفة الحقائق من صفات المكرين العظام.” وفي هذا الإطار يُدرج بعض القواعد المحمة المتعلقة بالكشف عن الحقائق وهي :
(1) بالرغم من أن الحقيقة هي الشيء الثابت يقيناً إلا أن هناك العديد من الحقائق التي ستبقى موضع جدل وذلك لأن لكل شيء وجودين : وجوده الحقيقي المادي ووجوده المعنوي في عقولنا.
(2) علينا أن نتذكر أن العقل الإنساني محدود بحدود الحواس لدينا، وإن تركيز البحث والفهم في موضوع محدد يجعلنا نفهمه بشكل جيد لكن هذا يحرمنا من إدراك الامتداد المعرفي لهذا الموضوع وارتباطه بغيره من المواضيع. (3) القرآن الكريمة يدعو إلى تسمية الأمور بمسمياتها فالنصر نصر والهزيمة هزيمة والخير خير والشر شر، وهكذا فهو يعمل على بناء إنسان الحقيقة.
(4) البحث عن الحقيقة أمر ضروري للتحرر من الوهم والخداع.
(5) إضافة إلى كل ذلك علينا أن نعلم أن إدراكنا للحقائق تبقى جزئية خاصة في مجال العلوم الاجتماعية والتاريخية والإنسانية، وإن كل باحث يملك جزءاً من الحقيقة وسيغفل عن أمور أخرى، ولا يمكت التظر إلى الحقائق من منظور واحد بل يجب مقاربة الحقيقة من وجهات نظر مختلفة حتى تبدو الرؤية شمولية وأقرب للحقيقة.
(6) أمانة المفكّر شرط أساسيّ لتطور فكره وفعاليته في مجتمعه.

بعد الحديث عن العقل والدماغ والحقيقة كان من الضروري أن يشرح الكاتب مفهوم التفكير بحد ذاته ليستكمل صورة المفكّر وأدواته.

وقد عرّف الكاتب التفكير من خلال شرح العبارات التالية:

  • 1- التفكير انتقال من حال إلى حال
  • 2- التفكير استقصاء للخبرة
  • 3- التفكير بناء للنماذج
  • 4- التفكير فن طرح السؤال
  • 5- التفكير من أجل تخطي الحلول القائمة
  • 6- التفكير والعواطف
  • 7- التفكير واللغة
  • 8- التفكير والعقل الجمعي

وهل يمكن الحديث عن التفكير دون الحديث عن الابداع؟ يقول الكاتب “أنا أرى أن ننظر إلى الإبداع على أنه إبداع في موقف أو في وضعية أو في حالة من الحالات، تماماً كما نظر بعض الأصوليين إلى مسألة الاجتهاد حين قرروا وجود مجتهم المسألة؛ حيث إن العالم قد يتخصص في باب من أبواب العلم، فيملك فيه أدوات الاجتهاد والترجيح ويكون مقلداً في علم آخر؛ لأنه لم يعطه من العناية والدرس والتأمل والتمحيص ما يستحقه.”
ولكي يتمكن المفكّر من الإبداع فعليه التخلص من معوّقات الابداع أولاً مثل: ضعف الثقة بالنفس، والإسراع في تقبّل الأفكار، والتبعية للآخرين،وضآلة المحصول المعرفي.
أما طريق الابداع فهو يتألف من خطوات محددة: وجود الدافع،التركيز والاهتمام،المجال الرحب، التعامل مع المعرفة بطريقة مبتكرة .

ينتقل د. بكار بعد موضوع التفكير الابداعي إلى نوع آخر من التفكير لا يقلّ أهمية عن التفكير الإبداعي وخاصة بالنسبة للمفكّر وهو التفكير الناقد. ويبدأ الكاتب هذا الفصل بتصحيح مفهوم التفكير الناقد الذي غالباً ما يأخذ طابعاً سلبياً في أذهاننا، فيقول: “إن النقد في جوهره هو مجموعة من العمليات الذهنية التي تستهدف تقييم بعض الحقائق والمعلومات والأفكار والظواهر.


” وليبيّن أهمية التفكير الناقد تحدّث د. بكار عن الآيات التي وردت في القرأن الكريم وحثت على مراجعة الأحداث – مثل الغزوات وغيرها – لكي يتعلّم منها المسلمون. ولكي يرشد المفكّر إلى طريق بناء العقلية النقدية السليمة قام الكاتب بتصنيف الخطوات التالية:
(1) الشعور بالمسؤولية ، (2) رؤية ما هو خارج المألوف، (3) فن التساؤل، (4) السعي إلى الوضوح. أما أهم العقبات التي تواجه ممارسة التفكير الناقد فهي برأي الكاتب: (1) “المحيط الثقافي الذي يغلف عقولنا ومشاعرنا ويمدها بالأفكار والرموز والمفاهيم.” (2) الخوف.

عندما عرّف د. بكار المفكّر أشار إلى أن المفكّر لا يكون بعيداً عن واقعه ومجتمعه خلافاً للفيلسوف. ولذلك أفرد د. بكار جزءاً من كتابه بعنوان “كيف نفهم الواقع؟”.
وأجاب عن هذا السؤال بخطوات منهجية دقيقة: البداية تكون مع الحواس الخمس كما تشير آية “والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون” (النحل 78).
وهذه الحواس تنقل الإشارات التي تصل إليها إلى العقل، ولأن الحواس كما خلقها الله محدودة فإن ما نقوم به فعلياً هو مجرد محاولة لفهم الواقع أما الإحاطة بحقيقة ما يدور هو خارج قدرة البشر.
بعد أن تصل المعلومات والإشارات إلى الدماغ يربطها الدماغ مع المعارف السابقة لديه وبهذا تتشكل “الخريطة الإدراكية” لتصبح مرجعاً للمعلومات الجديدة التي سيتلقاها.
وعلى المفكّر أن يعلم أن هذه الخريطة مع مرور الوقت تصبح أشبه بالسياج الذي يحول دون عمل العقل بطلاقة وحرية، إلا أن تغيير هذه الخريطة ممكن بشرط أن يفهم القصور الذي تسببه له هذه الخريطة.
وتغيير الخريطة يقوم به الفرد نفسه بحيث يعيد التفكير بآرائه وأفكاره العامة ويقوم بتفحص ذلك ومقارنته حتى يصل إلى امتلاك أعلى درجات الوعي بنفسه وبالعالم من حوله.

وعندما يحاول المفكّر أن يفهم واقعه فعليه أن ينتبه إلى الأمور التالية:

  • 1- الواقع ليس انعكاساً للقيم السائدة فيه
  • 2- التغير سمة كل واقع
  • 3- الناس يخضعون للظروف التي يعيشون فيها
  • 4- الامتثال للنظم والقوانين هو أحد عناصر فهم المجتمعات
  • 5- العيش على هامش الحياة مصدر للتحلل الذاتي
  • 6- “الناس كلما درجوا في سُلّم الحضارة علت الحياة العامة مسحة أنثوية”
  • 7- تعايش النظم المتباينة

إذاً بعد النظر إلى هذه العوامل وتفحص تفاصيلها، سيتجه المفكّر نحو إصدار حكم ما على المجتمع الذي يدرسه. ولذلك ينبهه الكاتب إلى بعض الأمور أهمها أن الحكم على الواقع هو أمر اجتهادي، وأن رؤيتنا للواقع تعتمد على المعلومات التي تصل إلينا. وعلى المفكّر أيضاً أن يعلم أن مظاهر الخير والشر في مجتمع ما تخضع لقانون النسبية فليس من الصواب المساواى بين كثير الخير وقليله وبين كثير الشر وقليله، وكذلك فإن الناس متفاوتون في تعاملهم مع واقعهم فليس من الصواب تعميم الأحكام على جميع الأفراد.
كما ينبه د. بكار أننا عندما نحكم على خطإ ما حدث في المجتمع علينا أن لا نلوم المجتمع إذ “لا ارتباط بين الحكم بالخطأ وتوجيه اللوم”.

ثم يُفصّل الكاتب في مفهومي المطلق والنسبي، وهما مفهومات أساسيان في تشكيل ذهنية المفكر الحر. وفهم ما هو نسبي وما هو مطلق هو أمر أساسي لبناء التفكير السنني المرن والمنفتح على التغيير.
فالكليات في معظم الأحيان تتسم بسمة الإطلاق أما القضايا الفرعية والجزئية فهي تتسم بسمة النسبية. على سبيل المثال يمكن القول بأن 80% من القيم هي قيم مشتركة بين الأمم، فالغالبية يتفق على قيم الصدق والوفاء وبر الوالدين، ولكن إذا أردنا النظر في تفاصيل بر الوالدين سنجد الأمر نسبي ويختلف من مجتمع إلى آخر.
كذلك فإن من سنن الله في خلقه أنهم بحاجة إلى تأمين ضروريات العيش من أكل وشراب وأمن كي يتمكنوا من الاهتمام بالثقافة والنمو والتطور، وبالرغم من أن هذه حقيقة مطلقة إلا أن “حرمان الإنسان من غرائزه الأساسية نسبي التأثير في سلوكه واهتماماته.
فهناك بعض الاستثناءات التي نرى فيها اللجوء إلى العلم والمعرفة أو إلى الذكر والتقرب إلى الله بسبب الحرمان. إذاً هذا التفكير النسبي هو مخل لتحسين الوعي “لأن الاعتقاد بأن فهمنا للأشياء ليس موحداً والاعتقاد بأن الزوايا التي ننظر منها مختلفة يجعلنا مستعدين لإعذار بعضنا في حالة الاختلاف، ومستعدين لمراجعة أوضاعنا والانفتاح على أولائك الذين نختلف معهم في الكثير من الأمور والاستفادة مما لديهم.

إضافة إلى ذلك فإن مفهوم النسبية يسهّل تجاوز القيم ولذلك كان من الضروري وجود قيم مطلقة وثابتة كما هو الحال لدى المسلمين.
وأخيراً فإننا إذا أردنا دراسة التاريخ والاستفادة منه فيجب أن تكون مقاربتنا له مطلقة أي فيها محاولة لفهم طبائع الأشياء والسنن الربانية في الخلق.

ينتقل بنا الآن الكاتب إلى أداة مركزية أخرى من أدوات المفكّر وهي المعرفة. وفي هذا السياق يرى الكاتب أن على المفكّر أن يتعامل مع المعرفة بطريقة تختلف عن تعامل الآخرين معها، فهو يبحث عن مصدرها الأصلي، ويتابع الأبحاث العلمية والمنهجية، ويعلم أن الإنسان هو صانع المعرفة، ويدرك أهمية التركيز في بناء المعرفة، ويبحث عن الوضوح.

ويذكر د. بكار بعض الأمور التي تستحق أن يحذر منها المفكّر وهي:

1- الجزم حيث ينبغي التوقف
2- المجاملة على حساب الحقيقة
3- تحجيم الخيارات
4- سطوة الانتشار
5- ثقافة التحيز
6- الانسياق خلف الخرافة
7- الرضوخ للطبيعة والعادة

بعد كل هذا الشرح والتفصيل في أدواة المفكر، يفصّل الكاتب في كيفية تطوير الأفكار. ومن الأساليب والطرق التي يمكن أن تساعد المفكّر على تطوير أفكاره وضع الأفكار في نطاق أوسع، والتفكير في التداعي المنطقي والثقافي الذي يتبع سنن الله في الكون. وتطوير الأفكار هذا يحدث بطريقة تدريجية حيث أن كل فكرة تُبنى على الفكرة التي تسبقها.
والتطوير الفعلي للأفكار يحدث عندما نضع الفكرة موضع التنفيذ ونقارنها بالأفكار والمشروعات الشبيهة.

ويختم د. بكار كتابه قائلاً: “إنني من خلال العديد من العناوين حاولت تأسيس منهج لفهم الواقع يقوم على ما لدينا من خبرة بطبائع الأشياء ومعرفة بسنن الله في الخلق وذلك من أجل تخفيف الضغط عن المعلومات في محاولاتنا الدائبة لفهم ما يجري من حولنا ومن أجل سد الفراغات المعرفية التي لا تخلو منها حالة من الحالات أو وضعية من الوضعيات.”

شاهد أيضاً

ابشرو‏ا !!لنْ تسقُطَ غزَّة!

لأحباب غزَّة الذين يخشون سقوطها: اطمئنُّوا غزَّة أقوى مما تتخيَّلون! لكارهي غزّة الذين ينتظرون سقوطها: اِخْسَؤوا، ستموتون قبل أن تروا هذا المشهد، صمود غزَّة أطول من أعماركم!