تركيا وعودة الهوية الإسلامية

ولاء خضير

“في الجامعة عانيت يوميًا ﻷكمل دراستي بالحجاب، وطردني أستاذ، وآخر شكاني إداريا”.

“كانت إطالة اللحية ممنوعة للطلاب، وأعرف أن أحدهم مُنع من دخول قاعة الامتحان بسبب لحيته”.

” كنت أضع “الباروكة” فوق حجابي خشية أن أُمنع من دخول قاعة محاضرتي”.

“موقف لا أنساه، عندما تأخرت عن المحاضرة أعدل طاقية فوق رأسي بدل الحجاب، ﻷخرج بعدها أبكي قهرًا”.

“كنا نجتهد رغم الضغوط، ونحصل على مرتبة الشرف، ورغم ذلك خيرونا إما خلع الحجاب، أو الطرد”.

هي مجرد شهاداتٍ وأقوال لطلبة جامعيين، عاشوا مرحلةً مجحفة بحقهم في تركيا، قبل عدة سنوات، تركيا دولة الحق والإسلام، ومسلمون بما نسبته 98%، يُمنع فيها الحجاب وأداء شعائر الدين، ويمنع فيها رفع الأذان بالعربية!.

بيد أن وجه تركيا تغير الآن، وباتت صاحبة هوية إسلامية أكثر من أي دولة أخرى، وهو ما يُعتبر أحد أهم إنجازات حزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى الحكم في عام 2001، برئاسة رجب طيب أردوغان، بعد أن خاضت “حربًا” مستترة بين العلمانية، والهوية الإسلامية.

حظر الحجاب

تعود حكاية منع الحجاب إلى عام 1920، حين تمكن ” أتاتورك” من إعلان الجمهورية التركية، حينذاك، بدأت معركة فرض الدولة العلمانية، فمنع في 1923 اعتمار الطربوش، وارتداء الحجاب في الأماكن العامة.

وكانت المرحلة الفاصلة فى حظر الحجاب، بصورة قانونية، بعد انقلاب عام 1980 العسكري، الذي قامت به القوات المسلحة التركية، بزعامة الجنرال كنان إيفرين، حيث تم إصدار قانون “لوائح اللباس في المؤسسات العامة”، والذي بموجبه مُنع الحجاب في مؤسسات الدولة.

وبسبب ذلك، لم تتمكّن بعض النساء من ممارسة عملهن في المؤسسات العامة بحجابهن، رغم أنه ومع مرور الوقت، كانت تزداد وبوتيرة عالية نسبة المحجبات فى المجتمع التركي.

وبقي هذا القرار ساري المفعول طوال تسعين عامًا، حتى أقر الرئيس رجب طيب أردوغان في عام 2010 رزمة إصلاحات، كان من بينها رفع الحظر على ارتداء الحجاب في تركيا، ورُفِع الحظر عن الموظفات في المؤسسات العامة بشكل رسمي في عام 2013.

ربيع الحجاب

اليوم، تترشح المحجبات علي قوائم الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية، كما يرشح حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه “أتاتورك” محجبة على قوائمه فى الإنتخابات، ويرشح حزب الشعوب الديموقراطية – الكردي محجبة أيضا.

وتبلغ نسبة المحجبات فى تركيا، وفق أحدث دراسة 67 بالمئة، مما يدل على أن وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى السلطة فى تركيا، قد ساهم في تزايد نسبة المحجبات فى المجتمع التركي.

وتبلغ نسبة المحجبات المساندات لحزب العدالة والتنمية الحاكم 86 بالمئة من إجمالي السيدات المساندات له.

ومن قصص سيدات تركيات لهن اسمهن في تركيا

قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإصدار قرارٍ، بتعيين أول سيدة محامية محجبة، داخل المجلس الأعلى للقضاء والمحاميين، لتصبح السيدة “عائشة دميرال” هي أول محامية محجبة كعضو دائم داخل المجلس.

وبهذا الشان علقت المحامية “عائشة دميرال” فى حوار لها قائلة: “إن ارتداء الحجاب فى تركيا، والعمل فى مؤسسات الدولة أصبح أمرًا طبيعيًا”.

وفي قصة أخرى، لم تستطع زوجة رئيس وزراء تركيا سابقا عبد الله غُل الدراسة في جامعات تركيا بسبب حجابها، على الرغم من حصولها على درجات تؤهلها للدارسة الجامعية، ولكن وبعد تخطي عقبات حظر الحجاب وما أصدر قرارات بشانه، تقدمت للدارسة داخل الجامعة، وقامت بالتسجيل في قسمي “علم النفس، والفنون الجميلة”، رغم مرور وقت طويل على منعها.

رفع الأذان

اليوم باتت جوامع المدن التركية تصدح الأذان باللغة العربية، بعد أن مُنع لسنوات عديدة من حكم الجمهورية التركية، وكان يقام فقط باللغة التركية، وفي أماكن محددة.

اليوم يرُفع الآذان بمسجد أيا صوفيا بإسطنبول، لأول مرة، بعد مرور 80 عامًا على قرار أتاتورك بتحويل المسجد إلى متحف عام 1935.

اليوم يزداد بناء الجوامع في كل حارة ومدينة تركية، وتتخذ الشكل والطراز المعماري القديم، حتى تعكس صورة التاريخ الإسلامي المشرف في تركيا.

مظاهر الدين

اليوم باتت مظاهر الدين ومعالمه في كل بيت تركي، وفي كل شارع، وفي كل مدينة، تسمع صوت الأذان باللغة العربية، ويتهافت الرجال والنساء للصلاة.

اليوم تجد الكثير من الأمهات التركيات تربى أولادها “بالأدعية”، وتريد أن يكون ابنها حافظًا للقرآن الكريم، وتحرص على إرساله إلى مدرسة الأئمة والخطباء، ليعرف إلهه ونبيه وكتابه جيدًا، ويدرس اللغة العربية والأحاديث.

لا شك أن تركيا نجحت في نشر نموذج الإسلام دون انغلاق أو تخلف، وهو ما أثر على تركيا، فهي نحجت وشقت طريقها بنفسها، حتى باتت أكثر الدول تطورا وسياحة بالشرق وبالغرب، تركيا اليوم تصنع دباباتها وسياراتها وقطاراتها وجسورها وعتادها ونواطحها بنفسها، فهي ستتوج العالم في عام 2023، وستكون ضمن الـ 10 دول الأقوى في العالم”.

شاهد أيضاً

الشباب.. صوت التغيير في عالم الظلام

لماذا يتحرك الشباب بمظاهرات واحتجاجات ضخمة مناصرة لغزة في البلاد الغربية أميركا وأوروبا، بينما يخيم سكون مدهش بين شعوبنا وشباب منطقتنا الأقرب رحما ودينا؟