إسرائيل تشن هجوما حادا على محكمة الجنايات الدولية وتدعي أنه لا صلاحية لها لمقاضاتها

شنت إسرائيل هجوما واسعا على محكمة الجنايات الدولية بعد قرار المدعية العامة فيها، مؤكدة عدم تعاونها معها، وسط تحذيرات من أن إدانتها تعادل بخطورتها 100 مرة خطورة تقرير ريتشارد غولديشتاين الخاص بالتحقيق الأممي حول عدوان “الرصاص المصبوب” على غزة في نهاية 2008.

وكان المستشار القضائي لحكومة الاحتلال مندلبليت قد بادر لضربة استباقية بمهاجمة المحكمة الدولية قبل إصدار قرارها، قال فيها إنها لا تملك صلاحية لمقاضاة إسرائيل.

وفي بيان صادر عنه قال مندلبليت إنه يرفض قرار المدعية العامة التي سبق وأصدرت قرارات مناصرة لإسرائيل في الماضي، زاعما أن إسرائيل دولة قانون ديمقراطية ملتزمة بالمعايير والمواثيق الدولية والقيم الإنسانية. وتابع: “إن حقيقة توجه المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية لمقاضاة إسرائيل بناء على طلب السلطة الفلسطينية هي أمر لا يقبله منطق؛ إذ لا توجد صلاحية للمحكمة لمقاضاتنا لأسباب قضائية واضحة فالسلطة الفلسطينية ليست دولة”.

قرار باطل

وشن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هجوما حادا على محكمة الجنايات الدولية وقال إن “هذا هو يوم أسود للحقيقة والعدل”، معتبرا القرار “باطلا”. ووصف نتنياهو المحكمة بأنها “أداة سياسية” موجهة ضد إسرائيل، متهما بنسودا بأنها “تجاهلت الحجج الجدية التي قدمناها”، مدعيا أنه ليس من اختصاص المحكمة أن تنظر في هذه القضية، وأن “المحكمة لديها اختصاص بدعاوى مقدمة من قبل دول ذات سيادة، فيما لم تكن هناك دولة فلسطينية أبدا”.

وحول خيارات العمل والإفلات من المقاضاة، قالت إذاعة جيش الاحتلال نقلا عن مصادر رسمية إن حكومة الاحتلال ستحاول إقناع المحكمة بطرق شتى اتخاذ قرار برفض قرار المدعية العامة، وتجنيد الولايات المتحدة وجهات أخرى لممارسة ضغوط عليها ريثما يتم تعديل النظام الداخلي للمحكمة بحيث تسلب صلاحيتها بالتداول في قضايا تخص دولا ليست أعضاء فيها كإسرائيل.

الخان الأحمر

ودعا وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس موظفي وزارته لبلورة توصيات حول أفضل الطرق لمواجهة قرار المدعية العامة في المحكمة الدولية. وردا على سؤال الإذاعة الإسرائيلية العامة كشف كاتس أمس أن إسرائيل لم تقدم على إخلاء الخان الأحمر شرقي القدس المحتلة خوفا من محكمة الجنايات الدولية ومن اعتبار ذلك “القشة التي تقصم ظهر البعير” بالنسبة للمحكمة.

امتنعت عن إخلاء الخان الأحمر خوفا من تداعيات قضائية

وتابع: “نحن في المجلس الوزاري المصغر توصلنا لاستنتاج أن الخان الأحمر نقطة حساسة ربما تكون حاسمة بما يتعلق بالمحكمة الدولية وبقرار مدعيتها العامة بفتح تحقيق ضد إسرائيل”. وتوضح الخارجية الإسرائيلية أن هناك إسرائيليين في أكثر من 100 دولة مهددون بالاعتقال.

من جهته عبر بيني غانتس رئيس حزب “أزرق- أبيض” عن تماثل موقف المعارضة مع موقف الحكومة كما هو متوقع، فقال إنه يحدد بشكل قاطع أن جيش الاحتلال هو واحد من الجيوش الأكثر أخلاقية في العالم، نافيا ارتكاب إسرائيل جرائم حرب، معتبرا أن القرار سياسي وليس قضائيا.

ومن جهتها قالت رئيسة حزب “اليمين الجديد” أييلت شاكيد إن القرار سياسي وفاسد ومنافق، زاعمة أنه لا توجد صلاحية للمحكمة، داعية إسرائيل لمواجهتها بكل الوسائل المتوفرة. كذلك اعتبر وزير المواصلات المستوطن المتطرف باتسلئيل سموتريتش “المحكمة الدولية هيئة سياسية معادية لإسرائيل”، داعيا نتنياهو إلى إمهال السلطة الفلسطينية 48 ساعة لسحب أي دعاوى تقدم ضد إسرائيل.

صلاحية المحكمة

وكانت المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية باتو بانسودا قد أكدت أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، داعية قضاة المحكمة لفتح ملف تحقيق رسمي معها.

ومن المفترض أن تقرر محكمة الجنايات الدولية خلال 120 يوما ما إذا كانت ستشرع بتحقيق رسمي كامل ضد إسرائيل وقادتها: رئيس الوزراء، قادة الجيش ورؤساء الاستيطان وموظفين حكوميين. وبحال قررت المحكمة الدولية أن من صلاحية المدعية العامة فيها التحقيق بما تشهده الأراضي الفلسطينية فهذا يعني فتح الباب أمام كل فلسطيني لتقديم دعاوى لها ضد إسرائيل في الفترة المحددة منذ عدوان “الجرف الصامد” عام 2014.

حتى الآن لم تفتح المدعية العامة تحقيقا رسميا ضد إسرائيل وقد دعت المحكمة الدولية لاتخاذ قرار عما إذا كانت تتمتع بصلاحية المقاضاة داخل إسرائيل، وبحال تم ذلك من الممكن أن يفتح ملف تحقيق ضد قادتها. وسبق أن أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو منذ 2014 عن عمليات بناء مستوطنات جديدة ولذا من المتوقع مقاضاته لاعتبار الاستيطان جريمة حرب.

كما تتوقع جهات في إسرائيل أن تقاضي المحكمة الدولية عسكريين أمثال قائد جيش الاحتلال الأسبق رئيس حزب “أزرق- أبيض” وخليفته غادي إيزنكوت والقائد الحالي الجنرال أفيف كوخافي وقادة عسكريين آخرين كرؤساء المخابرات ووزراء الأمن السابقين أمثال نداف أرغمان ويورام كوهن وموشيه يعلون وأفيغدور ليبرمان ووزير الأمن الحالي نفتالي بينيت وحتى وزراء الإسكان في السنوات الأخيرة كونهم مسؤولين على البناء في المستوطنات ورؤسائها، وبحال عدم امتثالهم للمحكمة من المتوقع أن تصدر أوامر اعتقال بحقهم.

أوامر اعتقال

وتحذر أوساط قضائية إسرائيلية من مثل هذا السيناريو وتقول إن هؤلاء القادة الإسرائيليين سيتعرضون لأوامر اعتقال بحال تجوالهم في العالم، ومن شأن قرار محاكمة إسرائيل وإدانتها أن يحولها لدولة مصابة بالجذام وتواجه النبذ وزيادة قوة حركة المقاطعة الدولية لها.

ويشار إلى أن المدعية العامة في محكمة الجنايات في هاغ أوصت بالسابق بفتح ملف تحقيق ضد إسرائيل دون التداول بسؤال صلاحيتها، لكن المحكمة رفضت نتيجة ضغوط أمريكية كبيرة هددت بمنع دخول قضاتها للولايات المتحدة.

ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر عليا في إسرائيل قولها إنها ستنشط بطرق رسمية وبطرق غير معلنة للضغط على المحكمة الدولية من خلال الاستعانة بالولايات المتحدة وربما بروسيا لمنعها من فتح ملف تحقيق ضدها. كما كشفت أن هناك مقترحات في الخارجية الإسرائيلية بعدم التعامل مع محكمة الجنايات رسميا وبنفس الوقت استئجار خدمات محامين دوليين بارزين للتصدي لمواجهة قرار المدعية العامة دون تفويضهم بشكل رسمي.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.