لجنة أممية تعتبر إسرائيل نظاما عنصريا ضد الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر

اعتبر مركز عدالة داخل أراضي 48 ومؤسسة الحق في الضفة الغربية في بيان مشترك قرار لجنة أممية بممارسة إسرائيل سياسة الفصل العنصري (أبرتهايد) ضد الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر نقطة ارتكاز جديدة وتاريخية.

وتعقيبا على قرار لجنة مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري في الأمم المتحدة، قال مركزا “عدالة” و”الحق” إنه “لسنوات عديدة قامت لجان الأمم المتحدة بفصل مجموعات الشعب الفلسطيني خلال تحليلها للانتهاكات المرتكبة ضده، لكنها اتخذت هذه المرة موقفا مغايرا إذ تعاملت مع الشعب القابع تحت سيطرة النظام الإسرائيلي في مختلف المناطق كوحدة واحدة”.

واعتبر البيان أن “قانون أساس- القومية” المعروف بـ”قانون القومية” قد كان محطة مفصلية في السياسات الإسرائيلية، ويعتبر ركيزة أساسية لفهم طبيعة النظام الإسرائيلي، وسياساته وتوجهاته وما الذي يصبو إليه. ودعت اللجنة الأممية إسرائيل لإعادة النظر في العديد من القوانين والسياسات التي تمارسها ضد الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، لا سيما قانون القومية العنصري، وأعربت عن قلقها من مخالفة إسرائيل لاتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري بسبب العديد من القوانين والممارسات.

يشار إلى أنه ولأول مرة، وبقرار تاريخي، نشرت لجنة مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري في الأمم المتحدة، نهاية الأسبوع المنصرم، استنتاجاتها وتوصياتها (في أعقاب الجلسة الدورية التي عقدتها اللجنة في مدينة جنيف السويسرية)، وهذه المرة تعاملت مع إسرائيل كنظام واحد يمارس سياسات الفصل العنصري (أبارتهايد) ضد الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر دون التمييز على خلفية المكانة القانونية أو الموقع الجغرافي.

وفي توصياتها، لفتت اللجنة إلى عدد من الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر وحقوقهم الأساسية من خلال التمييز العنصري الذي رسخته في سياساتها وتشريعاتها، مثل قانون لجان القبول وسياسات الاستيطان وقانون لم الشمل وغيرها. ورأت اللجنة بقانون أساس – القومية قانونًا عنصريًا ومخالفًا لبنود الاتفاقية التي وقعت عليها إسرائيل.

هدم العراقيب 169 مرة
ودعت كذلك لوقف سياسات التهجير القسري وهدم البيوت وتهجير السكان الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، خاصة في النقب حيث هدمت السلطات الإسرائيلية قرية العراقيب 169 مرة آخرها قبل يومين. وأوصت اللجنة أن تقوم إسرائيل بمراجعة كافة السياسات والقوانين التي تسبب الفصل العنصري بين السكان اليهود وغير اليهود في جميع المناطق “الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية”.

واعتبرت اللجنة أن قانون أساس – القومية يعزز هذه الانتهاكات ويرسخ التمييز العنصري ضد الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، وينتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، إلى جانب تأكيدها على عدم قانونية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة والجولان السوري المحتل.

الشيخ صياح الطوري أبو عزيز.. بطل العراقيب ورمز البقاء والصمود في النقب

ولفت بيان “عدالة” و”الحق” إلى أن “هذه التوصيات والاستنتاجات التاريخية توجب تغيير الخطاب القانوني والحقوقي حول النظام في إسرائيل، والبدء بتحليل سياساته ضد الشعب الفلسطيني كوحدة واحدة دون شرذمة أو تقسيم بحسب مكانة قانونية أو وجود جغرافي”. ورأى أن “هذا القرار يفتح فرصة جديدة أمام منظمة التحرير بصفتها ممثلة الشعب الفلسطيني بأن تسعى لاتخاذ قرار في الهيئة العامة للأمم المتحدة يخول محكمة العدل الدولية بأن تعطي رأيها بمسألة طبيعة النظام الإسرائيلي كنظام عنصري”.

يشار إلى أنه في السابق، قدم “عدالة” التماسًا للمحكمة الإسرائيلية العليا باسم الهيئات السياسية الفلسطينية العليا داخل أراضي 48: لجنة المتابعة العليا والقائمة المشتركة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية.

قانون القومية
وأكدت عدالة على كون سن قانون القومية يؤدي إلى إخلال إسرائيل بالتزاماتها في إطار اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري قيد المراجعة. وطالب مركز “عدالة”، ممثلًا بمركزة المرافعة الدولية، المحامية سهير أسعد، لجنة مكافحة التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة باعتبار قانون أساس القومية قانونًا مخالفًا لبنود الاتفاقية الأممية المعتمدة بهذا المضمار وخرقًا للاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري (الأبرتهايد) والمعاقبة عليها.

قرار لجنة أممية بممارسة إسرائيل سياسة الفصل العنصري (أبرتهايد) ضد الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر نقطة ارتكاز جديدة وتاريخية

وقالت أسعد في خطابها خلال الجلسة الدورية التي عقدتها اللجنة في مدينة جنيف السويسرية إن “قانون أساس – القومية يعزز التمييز العنصري المنهجي ضد الفلسطينيين في كل مناحي وجودهم، إذ يميز القانون ضد الفلسطينيين في مجال المواطنة والديمغرافيا، الأرض والمسكن، اللغة والثقافة ومجالات أخرى، ويرسخ في القانون ذي المكانة الدستورية الفوقية الإثنية لليهود والمكانة القانونية الدونية لغيرهم”.

وأشارت أسعد في خطابها إلى أن القانون يعبر عن إسرائيل بوصفها نظاما استعماريا يفرض على الفلسطينيين هوية دستورية مبينة على نفي علاقتهم بوطنهم وحقهم في تقرير المصير فيه. وادعت أسعد أمام اللجنة أن “هذا النظام الاستعماري يقع في نطاق الأفعال المحظورة في الاتفاقية الدولية لمناهضة جريمة الفصل العنصري “أبرتهايد” والمعاقبة عليها. وتعتبر الاتفاقية المذكورة “الإجراءات التي تؤدي إلى الأبرتهايد، بينها تشريع القوانين، جريمة ضد الإنسانية”. وأكد مركز عدالة على كون سن القانون يؤدي إلى إخلال إسرائيل بالتزاماتها في إطار اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري قيد المراجعة.

جلسة استماع
وجاء الكشف عن استنتاجات اللجنة الأممية في أعقاب جلسة استماع قدمت خلالها مؤسسات فلسطينية وإقليمية ودولية تقارير حول الانتهاكات الإسرائيلية في أعقاب تقديم إسرائيل لتقريرها للجنة، وكذلك بعد مثول مؤسسات حقوق الإنسان ومن ثم إسرائيل أمام اللجنة في الأسبوع الماضي.

يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تبدي مؤسسات تابعة للأمم المتحدة اهتمامها بقانون القومية، إذ نشرت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية استنتاجاتها في ختام المراجعة الدورية لإسرائيل التي استمرت من 30 أيلول 2018 حتى 18 تشرين الأول 2019، حيث عبرت اللجنة لأول مرة عن قلقها من الإسقاطات التمييزية المحتملة لقانون القومية. كما طالبت إما بإصلاح القانون بحيث يتماشى مع شروط المعاهدة، وإما بإلغائه.

وكانت اللجنة قد نشرت استنتاجاتها في وثيقة ملاحظات ختامية بعد أن قدمت إسرائيل نص ردها، والذي جرت مناقشته في المراجعة الدورية في جينيف، حيث مثلت إسرائيل وقدم ممثلو منظمات المجتمع المدني تقاريرهم، ومن ضمنهم مركز عدالة. وفي شهر تشرين ثاني 2018، وإثر توجّه مركز عدالة، طالب أربعة من مقرّري مفوّضيّة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان توضيحات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي نتيجة هذا القانون. وأشار المقررون إلى خشيتهم من أن “يؤدي قانون القومية لتعزيز فوقية اليهود في إسرائيل على المواطنين غير اليهود، خاصة من ينتمون لمجموعات إثنية وعرقية ودينية أخرى، ويخلق أرضية خصبة، قانونيًا وسياسيًا، لتشريع مزيد من القوانين العنصرية والتمييزية، التي تتناقض مع التزامات إسرائيل الدولية في مجال حقوق الإنسان.

يشار إلى أن هذه التوصيات جاءت على أثر عمل مشترك لجمعيات ومراكز حقوقية فلسطينية وإقليمية ودولية، بينها مركز “عدالة” ومؤسسة “الحق”.

أسوأ من جنوب إفريقيا التاريخية
وبسياق متصل، وفيما تعرب إسرائيل حكومة ومعارضة عن فرحتها بانتصار حزب المحافظين في بريطانيا وتشمت بهزيمة كوربين، أكد عضو كنيست شيوعي يهودي أنها دولة احتلال أسوأ من نظام الفصل العنصري (الأبرتهايد) في جنوب إفريقيا التاريخية. ورد النائب عن المشتركة عوفر كسيف على عضو كنيست يهودي آخر، متان كهانا، الذي رفض المقاربة بين إسرائيل وجنوب إفريقيا واعتبرها أمرا فاضحا، فقال إن المقارنة سليمة جدا بل إن الأولى أسوأ من الثانية.

وتابع كسيف: “إسرائيل دولة أبرتهايد والمسؤول عن ذلك أمثال متان كهانا”، داعيا للتأمل بما تشهده مدينة الخليل حيث يوجد فصل تام بين العرب واليهود هو فصل أسوأ من الفصل العنصري بين السود والبيض في جنوب إفريقيا في الماضي. وأضاف كسيف متسائلا: “هناك شوارع لليهود وشوارع للعرب، والآن يخطط الاحتلال لهدم السوق تمهيدا لبناء حي استيطاني جديد لليهود فقط، فإذا لم يكن هذا أبرتهايد فماذا سيكون؟ وأنا لا أعرف عندئذ ماذا يعني أبرتهايد”.

شاهد أيضاً

لمحات من بلاغة القرآن

كان للكلمة البليغة في نفوس العرب أثر كبير، بل سحر عجيب، يصنع الأعاجيب.